كتبت نرمين زيدان:
مع بداية عام 2025، تتسارع وتيرة الأحداث في المنطقة، بدءًا من حرب غزة والمقاومة، وصولًا إلى سقوط النظام السوري وتوغل الجيش الإسرائيلي في كل من لبنان وغزة. تطورات تثير القلق بشأن مستقبل المنطقة، فكيف ستؤثر هذه التغيرات الجيوسياسية على أوضاعها؟ وما هي الأجندة الدولية المُعدَّة لها؟
الحرب الباردة بين أميركا والصين
منذ القدم، تخوض الصين وأميركا حربًا باردة تُعرف أيضًا بـ"حرب الظل"، حيث تعتبر كل منهما الأخرى منافسًا استراتيجيًا شرسًا. تسعى أميركا بدورها إلى منع الصين من قيادة الشرق الأوسط عبر استراتيجيات استخباراتية متعددة، قابلتها الصين بأساليب مشابهة. فكلا الطرفين يخشى القوة العسكرية والتكنولوجية للطرف الآخر.
يشكّل التقدم الاقتصادي الصيني خطرًا كبيرًا على اقتصاد أميركا، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي الصيني الذي يهدد النظام الرأسمالي العالمي وقد يؤدي إلى تغييرات جذرية في النظام الاقتصادي للمنطقة.
الحرب الروسية الأوكرانية
بعد أربع سنوات من الحرب، تترقب كل من روسيا وأوكرانيا عدة سيناريوهات لمستقبل الصراع. السيناريو الأول يتمثل في توسع روسيا بالاستحواذ على كامل إقليم دونباس جنوب شرق أوكرانيا، وعدم قدرة أوكرانيا على إيقاف هذا التوسع.
أما السيناريو الثاني فهو قبول المفاوضات بين الطرفين، حيث تسعى أوكرانيا إلى وقف الصراع مع ضمانات أمنية وانسحاب روسيا، بينما يطالب الجانب الروسي بضمانات أمنية تتضمن منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
السيناريو الثالث يتمثل في استمرار الحرب مع تدخل الدول الغربية وتحالفها مع أوكرانيا، إضافة إلى التدخل الأميركي المباشر. مما يرجه نشوب ساحة حرب لتصفية حسابات الدول.
سوريا ما بعد الأسد وتأثيرها على المنطقة
تقدم الجيش الإسرائيلي في شمال الأراضي السورية حتى وصل إلى مسافة كيلومترات قليلة من دمشق. كما أنه، عقب سقوط الأسد، قام الجيش الإسرائيلي بتدمير مخازن الأسلحة والقوات العسكرية السورية، مما سيشكل تحديًا جديدًا أمام الدولة الجديدة لتكوين جيش من الصفر. هذا الأمر سيتطلب وقتًا وأموالًا كبيرة، مما قد يجعل سوريا فريسة سهلة للأجندات الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، يتقدم الجيش التركي في الشمال، مع سيطرة هيئة تحرير الشام المدعومة من الولايات المتحدة، مما يثير مخاوف من تقسيم جديد للمناطق السورية. أما في الداخل السوري، فتتزايد التساؤلات حول طبيعة النظام الذي سيتم اعتماده: هل سيكون نظامًا إسلاميًا، ديمقراطيًا، أم علمانيًا؟
أما على صعيد لبنان والمنطقة، فإن سقوط الأسد واستلام الثورة للسلطة سيزيد من حصار المقاومة ويوقف جسر الإمداد الإيراني لحزب الله. من الجانب الإيراني، تسعى طهران لإعادة إمداد الحزب لأسباب أيديولوجية وجيوسياسية، ولمنع توسع النفوذ الأميركي - الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
في ظل كل هذه التغيرات المتسارعة في المنطقة، يبقى الخوف قائمًا من تحقيق الأجندات الدولية بإنشاء "إسرائيل الكبرى" في الشرق الأوسط، وتعيين دمى أميركية وإسرائيلية داخل المنطقة تتماشى مع تطلعاتهم وأهدافهم.
هل يمكن لدول المنطقة إعادة صياغة هويتها السياسية والاقتصادية بشكل مستقل، أم أن التشابك مع الأجندات الدولية بات قدرًا لا مفر منه في ظل التحولات العالمية؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك