كتب نايف عازار في "نداء الوطن":
أثار السقوط المدوّي للنظام السوري خلال أيام معدودة، في مشهد بدا "سريالياً"، أرق إسرائيل الدولة المجاورة التي سمعت بقوة قرقعة سلاح "المعارضين الإسلاميين" على تخومها الشمالية. فالدولة العبرية تعيش "انفصاماً سياسياً"، بين ارتياحها النسبي لطيّ صفحة "الأسد الفارّ" الذي كان يمرّر السلاح إلى ألدّ أعدائها "حزب الله"، وارتيابها الشديد من وصول أسلحة غير تقليدية إلى أيدي الفصائل المسلّحة والتي أسقطت المدن السورية كأحجار "الدومينو" الواحدة تلو الأخرى.
والقلق الإسرائيلي نابع من إمكان وصول أسلحة كيماوية أو أي أسلحة استراتيجية "كاسرة للتوازنات"، كانت بحوزة النظام السوري، إلى مقاتلي الفصائل، وهو قلق حدا بالجيش الإسرائيلي إلى التحرّك السريع في هضبة الجولان، حيث استولى على الجانب السوري من جبل الشيخ وفرض حظراً للتجوّل على سكان بلدات تقع ضمن المنطقة العازلة في جنوب سوريا المحاذية للجزء الذي تحتلّه إسرائيل من الهضبة منذ عام 1967. كذلك، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو انهيار اتفاق "فض الاشتباك" لعام 1974 مع سوريا في شأن الجولان.
منطقة تُرسم بـ "الحديد والنار"
الإعلام العبري وضع سقوط نظام الأسد في خانة التحوّلات الكبرى في المنطقة التي يُعاد رسمها من جديد بـ"الحديد والنار" حيناً، وبالتسويات والمقايضات الدولية حيناً آخر. فصحيفة "معاريف" نشرت تقريراً أعلنت فيه ولادة "الشرق الأوسط الجديد"، واعتبرت أن التحوّلات الأخيرة التي شهدتها سوريا تمثل نقطة تحوّل تاريخي.
صحيفتا "جيروزاليم بوست" و"يديعوت أحرونوت" قدّمتا تحليلين حاولتا من خلالهما رؤية المصالح الإسرائيلية والمخاطر التي يُمكن أن تهدّدها، وقد أجمعتا على أن النظام السوري الضعيف تحت حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد كان يصبّ في مصلحة إسرائيل.
واعتبرت "جيروزاليم بوست" أنه في وقت أضحى الوهن سمة ثلاثة من أكبر حلفاء الأسد، وهي موسكو الغارقة من رأسها حتى أخمص قدميها في أوكرانيا، و"حزب الله" الذي خرج مدمَّراً من حربه مع إسرائيل، وإيران التي تخسر أذرعها تباعاً، رأت المعارضة السورية فرصة كانت تخطّط لها لتنقضّ على النظام في اليوم نفسه الذي أُعلن فيه اتفاق وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل.
الكاتب في "جيروزاليم بوست" أيضاً هيرب كينون، كتب أن الاشتعال المفاجئ للحرب الأهلية السورية جعل العديد من الإسرائيليين يتساءلون: "عدوّ عدوّي يُقاتل عدوّي، إذاً فأنا مع أيهما؟"، أو بعبارة أخرى، من الذي لا ترغب إسرائيل في رؤيته على حدودها مع سوريا، هل هم "المتطرّفون الجهاديون الشيعة" المدعومون من إيران أم "الجهاديون السنّة" المدعومون من تركيا؟
بشرى سارّة محفوفة بالمصاعب
من ناحيته، اعتبر الكاتب في "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي أن الهجوم الذي شنته المعارضة السورية، والعجز الواضح الذي أظهره النظام، أدّيا إلى إثارة سلسلة من ردود الفعل بين مختلف الجماعات العرقية والدينية في سوريا. ورأى أن هناك تهديداً وشيكاً على إسرائيل من قبل "الجهاديين السنة" وعليها، كإجراء احترازي، أن تستعدّ لأي سيناريو من هذا القبيل.
ووفقاً للمحلّل العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل، فإن الضربة الهائلة التي تلقاها المحور الإيراني، وهي الضربة الأشدّ التي تلقاها حتى الآن، هي بشرى سارّة بالنسبة إلى إسرائيل، لكنها لن تأتي بلا مصاعب. وأضاف أنه داخل معسكر المعارضين السوريين المنقسم، تعمل وتؤثر جهات تتماهى مع تنظيم "القاعدة"، في إشارة إلى "هيئة تحرير الشام"، وأنه حتى لو غيّروا صبغتهم الفكرية في السنوات الأخيرة، من أجل تقليص التحفظات في الغرب، إلّا أن أيديولوجيّتهم الأساسية لم تتغيّر حيال إسرائيل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك