بأيّ حقّ يا زياد دويري تتخطّى هذه الحدود في فيلمك "قضية رقم 23"؟ كيف تجرّأت ولمَ تعدّيت الحدود اللفظية، الإجتماعية والسياسية؟ هل جُنّ عقلك لتنبُش قصّة من ماضٍ أليم عاشته الدامور ودفنه السياسيون في قبور منسية؟ أنت جُننت يا زياد، فارحل عنّا أرجوك!
إرحل يا زياد دويري قبل أن نصرخ معك محاولين قلب صفحة الماضي الأسود لنبدأ تاريخاً جديداً نظيفاً، تماماً كما فعلت فرنسا وألمانيا وإيطاليا بعد أن طُويت صفحات الحرب بينها فخُلق عالم جديد رائع الجمال والكيان.
إرحل يا زياد قبل أن تعلو صرخة هذا الجيل الذي سئم من أخبار الحرب وتاريخها وقساوتها... إرحل قبل أن نصرخ "كفاكم تعلّقاً بالماضي"، مستشهدين بجبران الذي يقول إنّ الحياة لا تقيم في منازل الأمس...
إرحل أرجوك قبل أن تشتعل فينا روح السلام التي نحلم أن نراها يوماً في لبنان بين جميع قاطنيه! إرحل لأنّنا سنُقتل مجدداً في ساحاتنا، وقتلُنا هذه المرّة لن يكون جسدياً، حاشى العودة الى تلك الحرب القذرة، بل سيكون نفسياً، ويا لها من حرب وسخة نعيشها يومياً.
إرحل يا زياد لأنّ ما اشتعل فينا بعد قضيّتك الـ 23 لفتح صفحات جديدة مع الجميع، ونعني الجميع الجميع، ستطفئه رؤوس لا تريد لهذا الوطن الجميل يوم سلام حقيقي، يوم محبّة حقيقية، يوماً نتنفّس فيه الحريّة من دون أن يُقطع عنّا هواؤها...
ماذا فعلت بي، بالشباب الطموح المتأمّل بالوطن؟ ماذا فعلت بنا، بالخلّاقين والمبدعين والمؤمنين بوطن الحرية والكلمة والعيش المشترك؟
كيف لي أن أتجرّأ بعد قصّة "طوني حنّا وياسر سلامة" ألّا أحلم أكثر بهذا الإنفتاح والسلام، وكيف لي أن أحلم من غير أن أتألّم من الأيادي السوداء التي ستقبض على عنق حلمي وتقتله قبل أن يتنفّس هذه الحرية.
لا... لا ترحل يا زياد، كنت أمازحك! لا بل أتوسّلك ألّا ترحل!
إبقى هنا، في السينما والسيناريو والإخراج والتمثيل... "خلّيك أكتر، معليش، بركي معك فينا نحلم شوي!".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك