لا يشبه «شارع صنين» الذي يفصل منطقتي عين الرمانة ذات الأكثرية المسيحية والشياح ذات الأكثرية الشيعية خلال ساعات الظهيرة، يوم أمس الأربعاء، بشيء ما كان عليه ليل الثلاثاء - الأربعاء، حين تحول إلى ساحة تراشق بالحجارة بين أبناء المنطقتين؛ فالتوتر الأمني الذي أصبح يتنقل بين مختلف المناطق اللبنانية في ساعات المساء والليل وصل إلى الشياح وعين الرمانة اللتين كانت شوارعهما الرئيسية خطوط تماس خلال الحرب الأهلية التي انفجرت أصلاً انطلاقاً من تلك المنطقة، بسبب ما يُعرف بـ«بوسطة عين الرمانة».
ولا توحي زحمة السير الخانقة، كما الحركة الناشطة في المحال التجارية في «صنين»، بأن المنطقة كادت تنزلق مجدداً إلى مواجهات طائفية دامية، إذ يؤكد السكان أن ما حصل عابر وتم احتواؤه بحكمة القيادات الحزبية وبوعي شباب المنطقتين. ويقول أحد سكان منطقة الشياح لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل هو أن «أخباراً وصلت لأبناء المنطقة تقول بانتشار شبان في عين الرمانة وقسم كبير منهم أتى من خارجها محملين بالعصي والحجارة، بالتزامن مع تعميم فيديو قديم لمجموعة كبيرة تشتم أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ما استدعى تجمعاً في الشياح أدى لتراشق بالحجارة بين أبناء المنطقتين، بينما قام الجيش بالفصل بينهما منعاً للتصادم».
وكما هو متوقَّع، تتضارب روايتا أبناء المنطقتين، بحيث يتحدث أحد أبناء عين الرمانة لـ«الشرق الأوسط» عن أن «مجموعة من المخربين من الشياح هي التي حاولت اقتحام منطقتهم، في إطار الحملات التي تُشنّ في معظم المناطق اللبنانية لنشر الفوضى وإنهاء الحراك الشعبي الصامد»، وهو ما تؤكد عليه مصادر حزب «القوات اللبنانية»، لافتة إلى أن «الاشتباك الذي حصل في عين الرمانة - الشياح كما في بكفيا وغيرها من المناطق هو بين أبناء هذه المناطق ومجموعات المخربين التي تسعى لضرب الحراك»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤيدين للقوات هم من أبناء هذه المناطق، وبالتالي المشكل لم يكن بتاتاً حزبياً مع "أمل" و"حزب الله"، كما يحاول البعض أن يصور بأن للموضوع خلفيات حزبية أو طائفية».
أما مصادر "أمل"، فتؤكد أن ما حصل قد تم احتواؤه سريعاً، وقد عادت الأمور إلى طبيعتها، شارحة أن «كوادر الحركة لعبوا دور الإطفائي، من منطلق أن التعايش بالنسبة لنا خط أحمر لا يمكن المساس به تحت أي عنوان من العناوين»، مضيفة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لم يكن ما شهدته منطقتا عين الرمانة - الشياح أشكالاً بين أمل والقوات على الإطلاق، إنما هو إشكال بين شارعين قد تمت معالجته بتحكيم لغة العقل والحوار».
وفي محاولة للتأكيد على حرص أبناء المنطقتين على عدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، تجمعت عشرات الأمهات، يوم أمس، في الشارع الذي شهد مواجهات بالحجارة، وبالتحديد أمام محمصة صنين «رفضاً لمحاولات التقسيم والتخويف».
ورفعت المشاركات الأعلام اللبنانية، وأضأن الشموع وسرن في مسيرات في الشوارع الداخلية، وشددن على أنه لا رغبة لدى أي من الأطراف في العودة إلى الحرب الأهلية، وبأن أبناء عين الرمانة والشياح هم بالنهاية أبناء منطقة واحدة.
وكان عشرات المناصرين لـ«التيار الوطني الحر» توجهوا مساء الثلاثاء بموكب سيّار ضخم إلى منطقة بكفيا، التي يؤيد معظم أهاليها حزب «الكتائب اللبنانية»، بهدف التظاهر أمام منزل رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، فتصدى لهم أبناء المنطقة، وقاموا بتكسير عدد من السيارات قبل أن يتدخل الجيش لفرض الأمن. وقال أحد أبناء المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن «العشرات من الكتائبيين الذين يعيشون في بيروت توجهوا إلى بكفيا عند سماعهم خبر توجه موكب من التيار إلى المنطقة التي شهدت حالة استنفار غير مسبوقة»، لافتاً إلى أنه لولا تدخل الجيش لكانت الفتنة وقعت نتيجة التصرفات الاستفزازية لقيادة وجمهور "التيار"». أما العونيون ففسروا تحركهم بحقهم بالتظاهر السلمي ورداً على المظاهرة التي قالوا إن كتائبيين نظموها أمام منزل رئيس «التيار»، جبران باسيل، في وقت سابق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك