من ساحة الشهداء إنطلقتْ ثورةُ الشعب سنة 1943 لتحقيق استقلال لبنان الكياني...
ومن ساحة الشهداء حقَّـق الشعب سنة 2005 إستقلال لبنان الوطني...
ومن ثورة الساحات حقَّـق الشعب سنة 2019 إستقلال لبنان الديمقراطي...
الشعب مصدرُ السلطات... حكمُ الشعب بواسطة الشعب هذا، لم يعُد نوعاً من الكلام الهزلي، ولم تعد الديمقراطية عبادةَ أصنامٍ كما يقول برناردشو.
ملاحظة: من ساحة الشهداء إنطلقتْ ثورةُ وطـنٍ متألّمٍ منارةً حضاريةً للعالمين، تشوَّهَتْ بما يشبهُ الغزوَ العربي، العرب مشهورون بالغزوِ والغزوُ ضـدّ الحضارة.
شيخٌ وكاهنٌ وعلَم
مشاهد يكبُـر بها قلب لبنان:
- في ساحة طرابلس شيخٌ وكاهن يلتفّ على كتفيهما علمٌ لبناني واحد يجمعهما جنباً الى جنب، ومع الحشود المؤلَّفة ينشدان نشيد الوطن.
- في ساحة صيدا، طفلٌ يرفع بيده القرآن الى جانب طفلة ترفع الإنجيل.
- من أقاصي الشمال الى أقاصي الجنوب سلسلةٌ بشريةٌ، كتلةُ أجسامٍ واحدة تلتصق بالأرض لترسم هويّـةً وطنية جامعةً.
- صوتُ فتاةٍ مسيحية يرتفع من حلقةٍ تلفزيونية لتقول: أنا كنتُ أخاف من الذهاب الى طرابلس، واليوم سأذهب الى طرابلس لأقبّل ترابها.
هذه المشاهد تـنبُع من حقيقة أعماق الجماهير، لا تحتمل التأويل والتمثيل على يـدِ مخرجٍ مسرحي.
يكفي أن يُحقَّـق شعبُ لبنان العظيم هذا المكسبَ العظيم للبنان العظيم.
الحـراك الإصلاحي
أهل الحكم صرَّحوا علناً «لولا الحراك الشعبي لَـما كانت الورقة الإصلاحية، هذا يعني: لو لم يكن حراكٌ شعبي لَـما تحرَّكَ الإصلاح الحكومي، فهل يجب أن يستمر الحراك ليكون الإصلاح ...؟
وهذا يعني وضوحاً، أن الحكومة حاكمٌ قاصر تحتاج الى الشارع الوصيِّ، كمثلِ ما كان الكاردينال ريشيليو وصيّـاً على الملك الفرنسي لويس الثالث عشر، الذي يعاني من اضطرابٍ فكري واعتلالٍ جسدي.
محكمـةٌ شعـبية
الشعبُ الثائـر هو الذي يشكّل اليوم ضمانةً للمحاكم من أجل استرداد الأموال المنهوبة، القضاء الذي يحكم باسم الشعب اللبناني، يكونُ الشعبُ اللبناني بمثابةِ ربِّ عملٍ لـهُ، وليس الزعيم.
وعندما يؤمِّـن القضاء باسم الشعب اللبناني الحمايةَ للمختلسين، يكون الشعب اللبناني كلُّـهُ مختلساً، ويصبح القانون الشعبي مسؤولاً عن تصحيح القانون العدلي.
إذا لم يحاسب القضاءُ اللصوصَ المعروفين منه عدلياً، والمعروفين من الشعب شخصياً، والمعروفين بقصورهم إسميّاً، يصبح من حـقّ الشعب أنْ يحاسبهم ثورياً.
هكذا الشعوب في التاريخ عندما تعبِّـئها الفواجعُ غضباً تجتاح القياصرة والقصور، والممالك والملوك وسائر الملكات والعشيقات.
أنا امـرأة من حبّوش
أنا امـرأة بلا عمل، طاعنةٌ في السنّ أغسل الكليتين، أستحصل على الدواء من الصيدليات بالدّين، لا أملك ما أسدُّ بـه رمـقَ الجوع، إبني الوحيد سافر الى البرازيل هرباً من غـول الفقر، ما يجنـيه لا يكاد يعيلُه، إستنجدتُ بـه موجوعةً فقال: ماذا أفعل يا أمي.. هل أسرق..؟
هذه ليست حلقةً مستقاة من أحد المسلسلات، إنها قصّـة واقعية روَتْـها إمـرأةٌ من بلدة حبّوش الجنوبية وتكرَّرت على الشاشات.
هذه القصّـة، تختصر مطالب المليون ونصف المليون لبناني الذين زحفوا الى الشوارع وهم يعانون مأساة امرأة من حبّوش، بسبب «طهارة» امرأة قيصر التي في الحكم.
يقول ميشال شيحا: «لبنان بلـدٌ صغير.. نعم، وربّما أمَّـةٌ صغيرة، ولكننا لسنا شعباً صغيراً...».
وهل تسألون: كيف تقوم ثورةٌ في بلـدٍ، الشعب فيه كبير والحكام فيه صغار..؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك