البلد الصغير بمساحته الجغرافية يفيض بالناس في الشوارع في مناطقه كافة. ولا صوت يعلو على الثورة.
الشاشات المحلية، على الأقل، لا تبث إلا الصور من الساحات. دور السينما مقفلة وكذلك المجمعات التجارية والمطاعم والمقاهي الكبرى في بيروت وعدد من ضواحيها. ولكن المفارقة ان المطاعم المحيطة بساحات النضال تكاد لا تفرغ من الزبائن المعتصمين.
لا أنشطة ثقافية، ولا مسارح ولا دور عرض. بيانات بالجملة عن تعليق الأنشطة حتى إشعار آخر.
في المقابل، إقبال شديد على وسائل التواصل الاجتماعي، ونقاشات حامية من خلالها بين أبناء العائلة الواحدة أحيانا، الذين يتبادلون الآراء بحدة، وصولا الى سلسلة «بلوكات» بين أصدقاء الأمس الذين فرقتهم السياسة.
يمضي اللبنانيون وقتهم أمام الشاشات والهواتف الخليوية والألواح الإلكترونية، مع انتشار ظاهرة العمل من المنزل لمن لا يستطيع الوصول الى مقر عمله، خصوصا الذين يقطنون خارج العاصمة.
إقبال نهم على سعات الإنترنت، يحمد معه اللبنانيون توافر هذه الخدمة، التي أغنتهم عن متابعة الصحف الورقية والاستماع الى أجهز الراديو في الماضي القريب، قبل ولوج عصر التكنولوجيا.
من جهة أخرى، نشطت سوق سيارات الأجرة، لإيصال المتظاهرين الى الساحات، في ظل أزمة تأمين مواقف للسيارات، التي تعاني منها بيروت أساسا.
كذلك أقفلت المكتبات وبات الحصول على الصحف الورقية محصورا بالموزعين للمشتركين وعدد قليل جدا من الباعة المتحولين، في مقابل فتح محال وأكشاك لبيع بطاقات تعبئة للهواتف الخليوية ذات الخدمة المسبقة الدفع.
وتجدر الإشارة الى ان بعض الموظفين اطمأنوا الى قيام المصارف بإنجاز التحويلات الخاصة بالرواتب مع نهاية الشهر الجاري، فيما ينتظر آخرون الدخان الأبيض فيما يتعلق بمستحقاتهم، علما ان شركات عديدة تعاني تعثرا ماليا ولا تسدد أساسا سوى أجزاء من الرواتب. ولا يزال حديث تثبيت سعر صرف الدولار الشغل الشاغل للناس والتكهنات جارية ولا تتوقف عن حد.
ثورة عصرية في عالم تغير كثيرا. ثورة رقمية بمعان عدة: حشود من الناس يحتكمون الى عصر الرقمنة، أملا في التغيير الى عالم يريدونه أفضل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك