ربما بات في امكان الرئيس ميشال سليمان ان يسارع الى تقديم صياغة متطورة لدعوته الحوارية تكفل تلبية قوى 14 آذار لهذه المبادرة. فرئيس الحكومة والوزراء العونيون، سواء بسواء، ذهبوا في اثبات المثبت في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، وهو ان الانهيار الحكومي لم يعد في حاجة الى افضال المعارضة ولا الى مزيد من المآسي الاجتماعية المتناسلة والكوارث الاقتصادية والتفلت الامني المستشري على وقع تصدير الازمة السورية الى لبنان.
هو مخرج طبيعي ان تقر الاكثرية الحكومية بانهيار تجربتها وسقوطها فتضحي الحكومة قيد الاستقالة الواقعية، ثم يتحول الحوار جلسات تشاورية لاجتراح البديل الحكومي الذي يحتضن المرحلة الانتقالية الى الانتخابات، على افتراض انها ستجري في موعدها .
وباعتبار ان "حزب الله" لا يزال القوة النافذة المقررة لمصير الحكومة والتمسك ببقائها، فلا ندري بأي منطق سيقوى على مدها ببقية حياة ؟ هل هو منطق الخشية من فراغ حكومي وما يجري الآن اسوأ من اي فراغ؟ هل هو منطق المكاسب البراقة وبالامس سمعنا معادلة ولا اغرب يضرب فيها رئيس الحكومة مهلة لحكومته للافراج عن التمويل "والا"؟ وهل هي معادلة تهديد وزير الطاقة بقطع الكهرباء عن لبنان ان لم تحل ازمة المياومين؟ ومن تراه ينفخ في هذه الازمة غير حلفاء الوزير ولماذا لا يسميهم؟ ام تراها معادلة الخشية لدى "حزب الله"، كما لدى خصومه تماما، من ان ثمة من يفخخ الواقع اللبناني برمته لينفجر سياسيا وامنيا ويستبق بحريقه الانهيار السوري؟
هنا يكمن كل الداء، ولا ندري ما اذا كان الحوار لمجرد الحوار سيشكل الوصفة الناجعة. والحال ان الانهيارات اللبنانية المتعاقبة باتت من الخطورة بمكان بحيث ان لا "حزب الله" سيقوى على حماية الحكومة، ولا النائب وليد جنبلاط سيقوى بدوره على البقاء خشبة تعويم لها. فثمة قوى تتحفز بقوة للقفز من المركب، وبدأت مصالحها تضغط تصاعديا في هذا الاتجاه، واولها رئيس الحكومة نفسه والتكتل العوني. وهو استحقاق حاسم للفريقين، الاول حيال مدى قدرته على التزام "انذاره" للحكومة، والآخر حيال مدى حرية قراره في التفلت من اجندة حلفائه متى تراءى له ان تجربته الفاشلة في الحكومة تملي عليه القفز المبكر على مشارف السنة الانتخابية.
اما 14 آذار المعارضة فسيتعين عليها استحقاق مواجهة احتمالين تدركهما جيدا. منع تقديم هدية سياسية لخفافيش الظلام مع عودة الاختراقات الامنية التي تذكر بطلائع حرب الاغتيالات عام 2005، مما يوجب صياغة موقف سريع عقلاني حيال الحوار وفرض عنوان حاسم لأي حوار هو اسقاط لعبة النظام السوري اسقاطا ناجزا هذه المرة في تكوين السلطة اللبنانية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك