إذا أردنا التوقّف عند الظواهر المخالفة للقانون في لبنان، وهي كثيرة، لا بدّ من تناول تجاوز واضح للقانون يحصل في الضمان الاجتماعي، من دون أيّ محاسبة.
يُخضع القانون اللبناني مختلف الإدارات الرسميّة، باستثناء المؤسسّة العسكريّة والمؤسّسات الأمنيّة ومجلس الخدمة المدنيّة وأساتذة الجامعة اللبنانيّة، للهيئة العليا للتأديب، وهي الجهة الرسميّة المسؤولة عن محاسبة الموظفين وإصدار أحكام بحقّهم. إلا أنّ المديريّة العامة للضمان الاجتماعي اختارت، بقرار مستقلّ غير معلّل قانونيّاً، أن تبتكر محكمة مستقلّة لمحاسبة الموظفين الذين يخالفون القانون.
فقد أصدر مدير عام الضمان قراراً في 8 شباط الماضي ألّف بموجبه مجلساً تأديبيّاً برئاسة القاضي المتقاعد لبيب زوين، الى جانب هيئة احتياطيّة برئاسة القاضي المتقاعد يحيى وردة، على أن يتقاضى رئيس المجلس تعويضاً مقطوعاً قدره مئتان وخمسون ألف ليرة لبنانيّة عن كلّ جلسة.
ويأتي هذا القرار بعد سنة من تعميم أصدره رئيس الحكومة سعد الحريري يطلب فيه من "جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديّات والمصالح المستقلّة التابعة للدولة والبلديات ضرورة التقيّد بالأحكام القانونية"، محدّداً الاستثناءات، والتي لا يرد من بينها الضمان الاجتماعي.
فهل يجوز تجاوز القانون، ومعه تعميم صادر عن رئيس الحكومة، وكيف لمؤسّسة رسميّة أن تحاسب موظّفيها داخليّاً، وعبر محكمة غير شرعيّة، من دون العودة الى الجهة القضائيّة المخوّلة ذلك، وهي الهيئة العليا للتأديب في هذه الحالة؟
أسئلة ننتظر الردّ عليها، تماماً كما ينتظر رئيس الهيئة القاضي مروان عبود الردّ على كتابٍ وجّهه في 23 نيسان الماضي الى رئاسة مجلس الوزراء يسأل فيه رئيس الحكومة "الطلب من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بواسطة وزير العمل، الرجوع عن قرار إنشاء مجلس تأديبي، وإحالة الملفات التأديبيّة الخاصّة بمستخدمي الصندوق على الهيئة العليا للتأديب، مع تأمين الضمانات الكافية للمحالين للحصول على محاكمة عادلة وشفّافة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك