تواصل فرنسا جهودها لمساعدة لبنان على تطويق ذيول أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري المفاجئة، ودبلوماسيُّتها لم تهدأ منذ 4 تشرين الثاني الماضي وهي في حراك مستمر اقليميا ودوليا، لاعادة تثبيت أسس الاستقرار في بلد الارز. فبحسب مصادر دبلوماسية عربية مقيمة في باريس، وبعد أن كانت لها مساهمة كبيرة في إخراج الرئيس الحريري من السعودية وفي تريّثه بعد ذلك، تتولى "فرنسا" حاليا (ومعها مصر أيضا)، رعايةَ "إخراج" التسوية الجديدة التي يُفترض ان تبصر النور قريبا، فتُطوى معها نهائيا صفحة استقالة الحريري. وتقول المصادر لـ"المركزية" إن المشاورات المرتقبة في الساعات المقبلة بين الرئيس "المتريّث" ووزير الخارجية جبران باسيل (الذي وصل امس الى باريس)، في العاصمة الفرنسية، ستُخصّص لوضع اللمسات الاخيرة على التفاهم المرتقب، ومتى أُنجز، من غير المستبعد ان تكون للحريري زيارة الى الاليزيه (قد يرافقه فيها وزير الخارجية)، يضع في خلالها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في صورة "التسوية" في حلّتها الجديدة، في مشهد سيدل الى أن "باريس" ستلعب دور عرّابة وضمانة التفاهم اللبناني - اللبناني.
وفي السياق، تقول المصادر ان فرنسا عملت طوال الفترة الماضية على تأمين المقوّمات الاقليمية الضرورية لولادة الاتفاق. فهي اضطلعت ولا تزال باتصالات مع طهران، أبلغتها فيها بضرورة وقف حزب الله تدخلاته العسكرية في الدول العربية والخليجية، لما لها من تداعيات سلبية على استقرار تلك البلدان وعلى الوضع السياسي اللبناني. وقد لفتت انتباهها الى "ان "الحزب" مصنّف حاليا كمنظّمة ارهابية أميركيا وفي أكثر من دولة عربية، وان الضعوط الدولية عليه ستتكثّف في المرحلة المقبلة. ومن هنا، لا بد ان تتعاون ايران مع المساعي الفرنسية، لتتمكّن باريس في المقابل من السير قدما في خياراتها السياسية والدبلوماسية "اللّينة" تجاه طهران". وبحسب المصادر، فإن فرنسا طلبت من الجمهورية الاسلامية، المساعدة في تأمين التزام جدي من قبل "الحزب" بسياسة النأي بالنفس، رافضة في السياق، المواقف الانشائية اللفظية التي لا تقترن بتطبيق فعلي.
وفي وقت تشير الى ان طهران تبدو متجاوبة مع الجهود الفرنسية، تقول المصادر ان باريس تحرّكت أيضا على خط الرياض. فهي نقلت الى المملكة تفهّمها لهواجسها ولـ"انتفاضتها" على ممارسات ايران وأذرعها العسكرية في المنطقة، والتي باتت تهدد أمنها القومي. واذ أبلغتها حرصها على صون استقرارها، وضعت باريس المملكة ايضا في صورة اتصالاتها مع ايران. ويبدو، بحسب المصادر، أن الحراك الفرنسي لطمأنة المملكة، سيؤتي ثماره قريبا، وسيترجم دعما سعوديا للتسوية اللبنانية الجديدة التي يفترض ان تضع حدا لنشاطات حزب الله في البلدان العربية والخليجية.
واذا سارت الامور "لبنانيا" كما تشتهي السفن الفرنسية، فإن التسوية الجديدة يفترض ان يتم الاعلان عنها، قبل 7 كانون الأول الجاري، لتدور معها عجلات مجلس الوزراء مجددا، خصوصا أنه، ومواكبة لهذه الانطلاقة الجديدة، تعتزم فرنسا الدعوة الى اجتماع لمجموعة الدعم الدولية للبنان، للتأكيد على ان "البلد الصغير" ليس متروكا وبأن المجتمع الدولي يحيط به ويتابع التطورات فيه من كثب، وهو حريص على استقراره السياسي والامني والاقتصادي. وبحسب المصادر، فإن الاجتماع كان مقررا عام 2018، الا ان باريس أصرّت على تقريب موعده وسيعقد في 8 كانون الحالي، على ان تقرّ خلاله رزمة من المساعدات والهبات للبنان بقيمة 4 الى 5 مليارات دولار للمشاريع الاستثمارية والبنى التحتية، بما يعطي زخما ودفعا قويين للحكومة الخارجة من "خضّة" الاستقالة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك