لكأن الامطار في تشرين الاول مدعاة للصدمة والتأمل... ولكأن الخريف يأتي على غفلة بعد الصيف، فيصاب المسؤولون بالذهول كما المواطنون العالقون في بحيرات على الاوتوستراد، حيث التجديف يصلح أكثر بكثير من الدوس على البنزين.
المشكلة نفسها تتكرر في كلّ عام، تتساقط قطرات المطر الأولى، فتتحوّل طرقاتنا إلى مستنقعات، وكأن زحمات السير الاعتيادية اليومية لا تكفي المواطن، حتى يغرق في إهمال الدولة مع الشتوة الاولى.
تتساقط الأمطار فيعلق اللبنانيون في سياراتهم لساعات، وبكلّ ما للكلمة من معنى، يمكن القول إن السير يتوقّف في كلّ لبنان، كيف لا واوتوسترادنا واحد، وأي مصيبة تحصل، يتوقف البلد بأكمله. لا يمكن الهرب عبر طريق أخرى او عبر البحر أو اوتوستراد معلّق مثلا، فكلها من الاحلام التي ستبقى احلاما.
منذ فترة، وقع إشكال بين جهازين أمنيّين داخل مرفأ بيروت الأمر الذي حال دون دخول الشاحنات إليه فإذ بها تصطفّ على الطرقات، الامر الذي تسبّب بزحمة سير خانقة وصلت من بيروت حتى طبرجا، والطريق التي يحتاج عبورها في الزحمة العادية اليومية إلى ساعة، استغرقت 3 ساعات.
كلّ اعتصام يحصل، وكلما اجتمع عشرة أشخاص من أجل مطالب معيّنة، وكلما احتج شبّان على قضيّة ما وراحوا يحرقون الإطارات، وكلما تشاجر رجل وزوجته أو مرّ موكب، كلّ ذلك يفعل الفعل نفسه، يتوقف السير كليا، وتمتد ارتال السيارات إلى ما لا يتخيّله عقل.
زحمة السير إذا، وليدة أي حدث، مهما كان سخيفا او بسيطا، والسبب أوتوسترادنا الوحيد الذي يربط شمالنا بجنوبنا، ومتى طرأ طارئ، وقع اللبنانيون جميعا في الفخّ، وامضوا نهارهم في سياراتهم.
إلا ان واقعا جديدا، إنضمّ إلى مسلسل زحمة السير في الآونة الأخيرة، فالمعروف ان الطرقات تكون سالكة فقط عند الصباح الباكر ونعني هنا من الفجر وحتى الساعة السابعة والنصف تقريبا، وقرابة منتصف الليل. إلا أن أمرا ما غيّر هذه المعادلة، فتمددت زحمة السير لتبدأ من الساعة الخامسة والنصف تقريبا على طول الاوتوستراد.
تسكن سناء في حالات، القريبة من جبيل، وتعمل في أنطلياس، يمتدّ دوام عملها من السادسة صباحا وحتى الثالثة بعد الظهر، دوام تعتبره رائعا كيف لا وهي لا تعاني من زحمة السير إلا بشكل خفيف في طريق العودة. إلا أنها، وفي الآونة الأخيرة باتت تشكو من ظاهرة جديدة، وهي زحمة سير غير مسبوقة في الصباح الباكر اعتبارا من الخامسة والنصف.
تقول سناء، في حديث لموقع mtv الالكتروني، إنها باتت مضطرة للنهوض عند الرابعة صباحا بدلا من الخامسة، كي تتمكن من تجهيز نفسها باكرا والانطلاق إلى العمل عند الخامسة إلا ربعا، كي لا تتأخر، بسبب ضغط السير الكثيف المستجد.
واقع جديد قد يكون سببه ازدياد أعداد السيارات مع دخول الشباب إلى الجامعات، أو بسبب ارتفاع نسبة اللاجئين السوريين، أو لربما أيضا بسبب استعجال الجميع للانطلاق باكرا لتفادي الزحمة، فإذ بهم يتسبّبون بمصيبة أكبر.
إلا انه وامام هذا الواقع، بات لا بدّ من إطلاق الصرخة عاليا: جدوا لنا حلا سريعا، طريقا ما فوق الاوتوستراد أو تحته، في البحر أو في الجو، لا يهمّ... إرحمونا!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك