أنهى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته الراعوية لمدينة سولت ليك سيتي في ولاية يوتا الاميركية أمس بقداس ترأسه في كنيسة مار لابا المارونية، عاونه فيه راعي الابرشية المطران الياس عبدالله زيدان والمطران بولس صياح وكاهن الرعية المونسنيور جبران بو مرعي، في حضور عدد من ابناء الرعية.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "ملكوت الله يشبه ملكا صنع عشاء عرس لابنه" قال فيها: "بحضورنا القداس نلبي دعوة الله الى عشاء ابنه في ذبيحة القداس. ويتابع انجيل اليوم بأن الملك حزن بسبب عدم تلبية البعض دعوته وامتناعهم عن المجيء الى العرس. ومع الاسف هناك كثير من المسيحيين لا يلبون دعوة الرب الى عشاء العرس الذي هو القداس. عليكم مساعدة كاهن الرعية في جعل تشجيع من يغيب عن الحضور وتلبية الدعوة. ويتابع الانجيل انه عند حضورنا الى العرس من الطبيعي ان نرتدي لباس العرس، فلا احد يشارك في عرس بثياب عادية او غير لائقة. وهنا نفهم بثياب العرس اولا اللباس اللائق والمحتشم، وثانيا ان نأتي بلباس توب نعمة المعمودية، اي بقلب نقي وعقل منفتح الى كلام الله وبضمير حي كي نسمع نداء الرب لنا في هذا اللقاء الليتورجي. فالكنيسة هي المكان الذي نعيش فيه هذا الانجيل الذي يتم فيه عشاء العرس للمسيح، والعشاء عندما يتحضر فهو لغذاء الجسد وبالتالي لا يمكن ان نحضر الى عشاء الرب في الكنيسة دون ان نكون قد تغذينا من عشاء كلامه حقيقة تنورنا ومن عشاء جسده ودمه نقاء وقداسة، فكما انه لا يستطيع احد منا العيش بدون طعام، هكذا لا يمكن لنفوسنا وعقولنا وقلوبنا واراداتنا ان تعيش مسيحيا دون ان تقتات من الخبز السماوي".
أضاف: "نشكر الرب الذي يعطينا كلامه وجسده ودمه قوتا وزادا. ونشكره على وجود كل الكنائس أكانت كبيرة ام صغيرة لانها تقدم لنا المكان الذي نعيش فيه جمال هذا العشاء. وكما يقول القديس يوحنا فم الذهب، لا نزيد شيئا على الله اذا ما صلينا ورتلنا واتينا الى الكنيسة انما نحن من يستفيد منه ونحن الذين نحتاج الى نعمه ولكلامه ولغذائه الذي يحيينا. فلا نمنن الرب بحضورنا الى الكنيسة. ولنتذكر في كل مرة نشارك في القداس اننا نعيش هذا الانجيل وباننا نلبي دعوة الله الملك الى عشاء عرس ابنه يسوع المسيح".
وتابع: "لاحظت ان العديد منكم، على الرغم من انهم لم يزوروا لبنان ولم يعرفوه، لبنان يعيش في دمهم وعروقهم ويعيشوه هنا. وانا اوجه دعوة رسمية لكل واحد منكم كما وجهت الدعوة الى راعي الابرشية اللاتينية المطران سوليس وهو سوف يلبيها الصيف المقبل، لانكم سوف تفتخرون اكثر بوطنكم الحبيب لبنان عندما تزوروه. لبنان يفرح بكم على ارضه كما يفرح بكم تحققون ذواتكم في الولايات المتحدة الاميركية لانكم تساهمون هنا في حياة المجتمع الاميركي، وان حضور العديد من المسؤولين الاميركيين المحليين يعبر عن مدى محبتهم لكم ومن خلالكم للبنان. واني احيي حضور ابناء كل الطوائف التي شاركت معنا في نشاطات هذين اليومين. يكفينا فخرا ان يكون قد تألق في مسيرة شعبنا المؤمن من رفعوا على مذابح الكنيسة شربل ورفقا والحرديني واسطفان ويعقوب وغيرهم".
وقال: "انكم تواكبون التطورات في الشرق الاوسط ولا شك في انكم ومن موقعكم تتكلمون عن حقيقة لبنان ودوره ورسالته وأهمية الحضور المسيحي في الشرق الاوسط الذي يحفظ الاعتدال الاسلامي ويشكل معه نموذجا فريدا في حوار الاديان والثقافات والعيش المشترك، ولكن اريد منكم ان تميزوا بين المنظمات الارهابية التي تحارب باسم الاسلام وبين الاسلام، فهما امران مختلفان تماما، فالحركات الارهابية شيء والاسلام شيء آخر. يجب ان تعلموا ان معظم عناصر المنظمات الارهابية كداعش والقاعدة، هم دخلاء على الشرق الاوسط وعلى ثقافته وتقاليده وقد تدربوا ودعموا واستعملوا من دول خارجية من اجل إشعال الحروب في الشرق الاوسط. فنحن نطالب المسلمين والمسيحيين بالبقاء في الشرق الاوسط لاننا عشنا معا 1300 سنة وبنينا الاعتدال، واذا تركنا الشرق الاوسط فانه سيصبح ارضا للارهابيين وقاعدة تهدد السلام العالمي. وكمسيحيين، نحن نصر على البقاء في كل الشرق الاوسط بالرغم من كل شيء لكي نواصل حمل انجيل يسوع المسيح، انجيل الاخوة والسلام وقدسية الحياة البشرية وكرامة الشخص البشري. مصرون على البقاء لاننا مؤتمنون على جذور المسيحية وعلى الانجيل، لذلك نحن نطلب منكم اولا الصلاة من اجل المسيحيين في الشرق الاوسط، وثانيا ان ترفعوا اصواتكم في مجتمعكم الاميركي من اجل وقف الحروب والدمار ومن اجل احلال السلام في الشرق الاوسط".
وختم: "كفانا حربا كفانا عنفا، آن الاوان لبناء السلام الحقيقي العادل والدائم وهذا من حق شعوبنا ومن واجب المجتمع الدولي".
بعد القداس التقى الراعي أبناء الرعية في قاعة الكنيسة واطلع على اوضاعهم ونوه بنشاطهم الكنسي والاجتماعي. ثم غادر متوجها الى رعية مار افرام في مدينة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك