شهدت التشكيلات القضائيّة الجديدة تعيين القاضي بيتر جرمانوس مفوضاً للحكومة لدى المحكمة العسكريّة، وهو واحد من أبرز المناصب القضائيّة.
إلا أنّ ما لا يعرفه كثيرون عن القاضي جرمانوس، كشفه أحد أبرز الناشطين السابقين في التيّار الوطني الحر أنطون الخوري حرب، إذ كتب على صفحته على "الفايسبوك" ما يلي:
"في ليلة من ليالي شباط 1992، أوقفني حاجز للجيش في بلدتي تنورين، وعند تفتيش السيارة عثر الجنود على مناشير سياسية كانت مخبأة بين فتحة السقف والحاجب الشمسي.
وبدأت الرحلة من مركز الجيش في البلدة إلى ثكنة عمشيت ثم مقر الشرطة العسكرية في قصر نورا (سن الفيل) فسجن وزارة الدفاع في اليرزة.
بدأ التحقيق معي في "الجريمة الفظيعة" التي ارتكبتها، ولم يكتف المحققون بلومي على فعلتي (طبع وتوزيع منشورات تطالب بالحرية والسيادة والاستقلال)، بل أرادوا معرفة المطبعة واسم مالكها واسماء الناشطين الذين قاموا بتوزيعها. فاعتصمت بحبل الصمت الباهظ.
اغتاظ المحقّق من موقفي المتكتم على الأسماء المطلوب افشاءها، فكان نصيبي التعذيب الجسدي الذي يبدأ بصفعة مرفقة بشتائم، وينتهي على "البلانكو" (الرافعة).
وقد لفتني يومها وجود شاب معصوب العينين، مكور بجانبي في ممر السجن. شعرت بوجوده فيما عيناي معصوبتان، فرحت اتبادل معه الهمس الذي رفع معنوياتي وادخل السرور وقوة الصمود إلى قلبي. كان ذاك الشاب اللبناني المعتقل بجانبي يحمل تهمتي نفسها، وكان قد مضى على توقيفه يومان. كان يقول لي بأنّ ما نفعله هو أشرف ما يقدّمه الإنسان لوطنه، وأنّ أمثالنا يمثلون ضمير هذا الوطن وأنّ قضيتنا منتصرة لا محال لأنّها قضيّة حق. كما كان يساعدني بمداواة رضوضي ويسقيني بعضاً من ماء أعطاه له أحد الجنود المتعاطفين معه.
ظهرت فرحة ذلك المناضل رفيق المعتقل، القابع بجانبي في زمن الهزيمة والعمالة والاستسلام، كبيرة لدى معرفته بأنني ابن تنورين. وكانت فرحتي مماثلة لكونه ابن العاقورة ولكوننا جيران.
في ذلك الزمن الرديء، الذي كنا نعتقل فيه بسبب نضالنا الوطني، من دون أن يعلم بنا احد، ومن دون أي اهتمام من وسائل الإعلام أو المنظمات الإنسانية لا محليا ولا خارجيا. حيث لم يكن أحد يجروء على الدفاع عنا او اعلان تضامنه معنا. كان الواحد منا يدخل إلى المعتقل مفقوداً ويخرج منه مولوداً (معطوباً) في الغالب. هذا اذا لم يحوّل إلى جهاز التنسيق الأمني اللبناني السوري ليصبح بعدها نزيل معتقل المزة كما حصل مع علي مهنا وكيتل الحايك.
نعم في ذلك الزمن، في تلك الليلة التي لا تنسى، وبينما كنت ورفيقي المعتقل قد أصبحنا صديقين متضامنين في قضية واحدة ومعتقل واحد من دون معرفة مسبقة او رؤية وجوه بعضنا، في الليل، وبعد أن تعب منا المحققون، رفع رفيقي العصبة عن عينيه ثم عن عينيّ لنتعرف على بعضنا. فتعرفت في تلك الليلة إلى المناضل العريق، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي الأشرف في الدولة اللبنانية صديقي ورفيقي الحبيب بيتر جرمانوس".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك