توقفت أوساط سياسية باهتمام عند زيارة وزير خارجية البحرين لسوريا ناقلاً الى الرئيس بشار الأسد دعم ملك البحرين الكامل لأمن سوريا واستقرارها ودعم مسيرة الاصلاحات. كما توقفت عند قول وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنها لا تزال تأمل في أن يقوم الرئيس السوري بالاصلاحات المطلوبة، مما أثار التساؤل: هل يعني ذلك أن الرئيس الأسد بات أقرب الى المحور العربي منه الى المحور الايراني، خصوصاً بعدما كان قد أعلن موقفاً مؤيداً للحكم في البحرين خلافاً لموقف إيران؟ وهل بات مستعداً لأن يستجيب للمطالب التي تضمن بقاءه على رأس الدولة السورية وإن بنظام جديد إذا ما قرّرت ذلك نتائج الانتخابات الديموقراطية؟
في رأي مصادر ديبلوماسية إن بقاء الأسد على رأس الدولة السورية هو موضوع بحث وتفاوض بعيداً من الاضواء لأن الأحداث في سوريا إذا ما تفاقمت فإنها قد تفضي الى حرب أهلية تنتهي بقيام حكم مذهبي متشدّد طالما كان الخوف من قيامه يبقي حكم البعث في سوريا، أو تنتهي بتقسيم سوريا دولتين: دولة علويّة ودولة سنيّة، وهذا ما يؤشر الى بداية تنفيذ مخطّط قديم بتفكيك دول المنطقة وإقامة دويلات مذهبية وعرقية، وأن الأرض فيها باتت خصبة لتنفيذه سواء في ليبيا أو اليمن أو العراق وبعدما تم ذلك في السودان.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل في استطاعة الرئيس الأسد استجابة المطالب التي من شأنها أن تضمن بقاءه في سدّة الحكم إذا كان بين هذه المطالب، كما تتردّد في أوساط سياسية وديبلوماسية، الآتي:
أولاً: الابتعاد نهائياً عن التحالف مع إيران والعودة الى الفلك العربي لمواجهة المدّ الشيعي في المنطقة.
ثانياً: أن يوقف مدّ "حزب الله" بالاسلحة وعدم جعل الاراضي السورية ممراً لها، خصوصاً بعدما توصلت حركتا "حماس" و"فتح" الى اتفاق قد يعيد فتح باب المفاوضات مع اسرائيل فتنتهي عندئذ وظيفة المقاومة المسلّحة التي كانت ترمي الى إزالة دولة اسرائيل من الوجود، وبدء العمل الجاد في سبيل قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل قبل ان يتقرّر ذلك في هيئة الأمم المتحدة خلال شهر أيلول المقبل.
ثالثاً: أن تساعد الرئيس الأسد على تنفيذ بنود الاتفاق بين "فتح" و"حماس" ومنع العرقلة حتى إذا تمّ ذلك فإن حلّ القضية الفلسطينية يكون مدخلاً لحل قضية الصراع العربي – الاسرائيلي حلاً شاملاً وذلك بالتوصّل الى اتفاق سلام بين اسرائيل من جهة وسوريا ولبنان من جهة أخرى، بحيث يعقب ذلك اعتراف متبادل وتطبيع للعلاقات العربية – الاسرائيلية.
رابعاً: ان تساعد سوريا لبنان على الخروج من الأزمات التي يتخبط فيها بسبب الموقف المتشدّد لحلفائها في لبنان، حتى وإن اقتضت العودة الى تسوية "السين – سين" ولكن بدون تجزئة.
هل في استطاعة الرئيس الأسد استجابة هذه المطالب من دون أن يؤثّر ذلك على علاقات سوريا وتحالفها مع ايران إلا إذا تفهمت ايران وضع سوريا وتركت لها حرية التصرف فترضى بنسبة معينة من التحالف معها والقبول ببعض الشيء عوض خسارة كل شيء إذا ما تغير النظام ومعه الحكم في سوريا.
الواقع أن الولايات المتحدة الأميركية التي انتقلت من مرحلة الدفاع في سياستها حيال منطقة الشرق الأوسط الى مرحلة الهجوم لتعيد سيطرتها عليها بوجه جديد هو الوجه الديموقراطي بديلاً من وجه الحكم الفردي أو حكم الحزب الواحد، تكون قد استجابت لإرادة شعوب دول المنطقة عوض استجابة رغبات الحكام فيها، وان تطبيق النظام الديموقراطي تطبيقاً صحيحاً وسليماً هو الذي يجعل الشعوب تعبّر عن ارادتها الحرّة في اختيار الحكام ولا يُفرضون عليها بقوّة القمع والاستبداد، وان هذه الديموقراطية هي التي تصحح الأخطاء كل أربع أو خمس سنوات في الانتخابات فتخذل من خذلها وتجدّد الثقة بمن كان وفيّاً لها، فاذا ما نجحت الولايات المتحدة الاميركية في تغيير وجه المنطقة وإقامة الأنظمة الديموقراطية فيها، فإنها تصبح قادرة على مكافحة الارهاب الذي ولد أصلاً من القهر والفقر قبل أن يولد من التعصب الديني أو الايديولوجي.
هذا التغيير في المنطقة إذا ما تحقق بنجاح فإنه قد يصب في صالح التجديد للرئيس باراك أوباما الذي فقد الكثير من شعبيته في السنوات الأولى من ولايته باعتماده سياسة الحوار الفاشلة، وقد ارتفعت باعتماده سياسية المواجهة التي أدت الى مقتل زعيم "القاعدة" اسامة بن لادن العدو الأول لاميركا وذلك ثأراً لآلاف الضحايا التي سقطت بفعل أعمال العنف التي خطط لها هذا الزعيم ونفّذها أتباعه.
بناء على ما تقدّم هل يمكن القول إن سنة 2011 ستكون بداية الانطلاق نحو تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة وبداية انحسار موجة العنف والارهاب، ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل في دول العالم، فيتوقف سباق التسلح ليبدأ السباق نحو تحقيق النمو والازدهار وتحسين مستوى بيئة الشعوب لأن ذلك هو العلاج الناجع لمكافحة الفقر والعنف والارهاب؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك