ساعات ونودّع عاماً آخر من عمرنا. ساعات وتتألق الأسهم الناريّة في كبد السماء، حين تتعانق عقارب الساعة عند منتصف الليل، كمثل حبيبين بعد طول فراق.
ولكن، كيف نستقبل، لبنانيّاً، العام الجديد ونودّع الذي مضى؟
لا يوفّر الفساد إدارة رسميّة في هذه الجمهوريّة. والفقر يسكن في منازل كثيرة. والأميّة كذلك. السجون مكتظّة وبعض القضاء متروك للقدر. يموت المئات على الطرقات سنويّاً، ولا يبلسم جراح أهلهم تصريحٌ واحد من مسؤول... فمن المسؤول؟
التسرّب المدرسي الى ازدياد، وبعض المدارس، خصوصاً الدينيّة منها، بات أشبه بمسالخ، ورجال الدين يشاركون في الجرم أو يشهدون زوراً في أحسن الأحوال.
خرّبت السياسة كلّ شيء في حياتنا. بتنا نتلهّى بأخبار السياسيّين السخيفة، نتابعها، نسعى الى تصديقها فنكتب عنها لنجعل الآخرين يصدّقونها. أمّا أفكار بداياتنا فاغتيلت كأكمام وردة كانت تهمّ بالتفتّح ثمّ ضربتها ريح فبعثرتها أشلاء معطّرة.
كلّ شيء يتهاوى أمامنا وبين أيدينا، بينما الإنسان في العالم يتجاوز ذاته بقوّة اكتشافاته العلميّة، كلّ يوم، فيحرق العصور والقرون وليس المراحل فحسب، متقدّماً الى حيث لم يكن يصل بأحلامه قبل سنوات عدّة. ونحن نجلس على مؤخّراتنا كالبلهاء، نتفرّج على هزائمنا على "الدش"، ونتعرّف الى من يدبّر لنا مستقبلنا على الإنترنت.
عامٌ يطوي عاماً. تزداد الأيّام وحشةً. ما عاد الجار يخاطب جاره. الطائفيّة تفتك بأفكارنا. بقايا موائد الأغنياء تكفي لإشباع فقراء لبنان كلّهم. عامٌ يطوي عاماً. نكبر. ننضج. لكنّ بعضنا لا يفعل. يصرّ على سماع السياسيّين و... يصدّق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك