يشبه أحد السياسيين البارزين الاتصالات التي يجريها الأفرقاء اللبنانيون في موضوع تأليف الحكومة ومراوحتهم على الحال نفسها منذ ما يزيد على ثلاثة اشهر بالمصاب بالتوحد الذي لا يرى ما يحوط به ويتحدث الى نفسه كأنه لوحده في العالم فلا يفهم احد عليه ولا يفهم على الآخرين. وهذه باتت حال اللبنانيين كما هي حال الفريق المعني بتأليف الحكومة الذي ينقسم حول توصيف اسباب التعثر في تأليف الحكومة بين الاسباب الداخلية البحت، وفق ما تقول مراجع رسمية تكرر ان دمشق غائبة عن الشؤون اللبنانية ومنشغلة عنها بشؤونها الخاصة وهي لا تتدخل في الشأن الحكومي، وبين من يعزو هذا التعثر الى أسباب خارجية ينفي عن نفسه تبعة العرقلة علما ان العوامل الخارجية متشابكة مع العوامل الداخلية. ومع ان بورصة التفاؤل ارتفعت ما بين 5 الى 10 في المئة على اثر اللقاء الذي عقده الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري امس، وفق ما أبلغت مراجع معنية بنتائج اللقاء، فان ما يبدو عصيا على الفهم استمرار القواعد نفسها في التأليف وعدم بروز اي مراجعة تعيد خلط الاوراق في ظل تطورات متعددة قد يكون ابرزها: التطورات في سوريا والمصالحة الفلسطينية - الفلسطينية.
فبالبنسبة الى التطورات السورية، يظهر المسؤولون المعنيون اطمئنانا يقولون انهم استمدوه من اتصالاتهم اليومية مع نظرائهم السوريين من ان الوضع المتأزم في سوريا شارف النهاية وان الامور عادت الى نصابها وان القيادة السورية تفكر جديا في اجراء اصلاحات بما يشير، وفق الانطباعات حول هذا الاطمئنان، الى امكان عودة الزخم الى الحياة السياسية اللبنانية انطلاقا من ولادة الحكومة العتيدة. وبالنسبة الى مراقبين كثر فان هذا الاطمئنان قد يكون سابقا لاوانه بناء على التقويم السوري للأمور والبناء لبنانيا على هذا التقويم، انه قد يحلحل الامور المعقدة ومن بينها الموضوع الحكومي لاعتبارات متعددة.
الامر الآخر يتصل بالمصالحة الفلسطينية الداخلية بين حركتي " فتح" و"حماس". وليس واضحا بالنسبة الى المعنيين اللبنانيين الانعكاسات التي سيرتبها الملف الفلسطيني على رغم توافر معطيات تفيد بامكان ان تؤدي هذه المصالحة التي رعتها مصر، والتي جددت نفسها وفي توقيت مفاجىء بالنسبة الى متابعين كثر باعتبار ان الوضع السياسي في مصر لم يستتب بعد تنحي الرئيس حسني مبارك، الى اعتراف دولي محتمل بالدولة الفلسطينية في ايلول المقبل وسط مواقف اسرائيلية متناقضة على نحو كبير في هذا الموضوع. لكن المجتمع الدولي لم يعد يحتمل الستاتيكو الحالي بين الفلسطينيين واسرائيل. فهناك اطار جديد في المنطقة املته التطورات المتسارعة، من بينها ما حصل في سوريا بما يثير تساؤلات حول مدى احتمال بقاء الوضع اللبناني بعيدا من تأثيرات هذه التطورات ومواكبة ما يجري.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك