لم يعد من المبالغة أو السابق لأوانه القول إن عاصفة التغيير ماضية. وما كُتب قد كُتب. وان عصراً عربياً جديداً قيد الإعداد، عنوانه الديموقراطية والحرية والعدالة، سيخلف تباعا عصر "الامبراطوريات العسكرية" التي أوصلتها بلاغات الانقلابات والدبابات الى القصور والسرايات.
وفي رأي كبار الخبراء في شؤون الشرق الأوسط أن الثورة الشعبية التي "وحّدت" العالم العربي بشبابه على الأقل، وبشعاراته وهتافاته وأهدافه، لن تتوقف عند حجم هذا النظام أو ذاك، كما لن تستثني دولة في المنطقة من غير أن تطرق أبوابها وتهزّ اسوارها، أياً تكن تحصيناتها.
لا عودة عن الإصلاح الشامل الذي تفتقر اليه كل الأنظمة العربية من دون استثناء. ولا مسايرة لهذا الرئيس او ذاك الملك وذلك السلطان.
فـ"الشرق الأوسط الجديد" لم يعد مجرد جملة عابرة، أو عنواناً جذاباً، أو خاطرة لمّاحة خطرت لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس ومشت، وانتهى الامر عند هذه النقطة.
وليس كلام خليفتها الوزيرة هيلاري كلينتون في الموضوع ذاته مجرد كلام مناسبة عابرة، ولا هو عابرٌ تأكيدها وجوب تجديد جميع الأنظمة في المنطقة، ونفض الغبار المتراكم فوقها، وإعادة صياغتها وتحديثها بما يتلاءم ومتطلبات العصر.
بما في ذلك الأنظمة الملكية، التي شدّدت كلينتون على ضرورة إعادة النظر فيها... لتصبح على صورة الملكية في بريطانيا ومثالها.
مع مطلع الخمسينات، وفي بدايات عصر الانقلابات العسكرية وبلاغات ضباط الصف الثاني والصف الذي يليه، وصلت الى بيروت أفواج من مراسلي أمهات الصحف في أميركا وأوروبا ليجعلوا العاصمة اللبنانية "قاعدة" آمنة ومريحة، توفّر لهم كل الوسائل والامكانات التي تسهّل متابعة التطوّرات المتلاحقة، والتي شملت معظم أنظمة الشرق الأوسط.
يومها قالت تلك الصحف، ورددت الحكومات في الغرب كله تقريباً، إن شرق أوسط جديداً يولد. لكنه لن يكون في أي حال ذلك النموذج الذي يحتذى، والذي به تُضرب الأمثال.
فكان ما كان، وكانت تلك الأنظمة الفاسدة، الفاجرة، المستهترة بكل القيم الإنسانية والأخلاقية والقانونية، ولتتحوّل لاحقاً إلى ما هو أسوأ من "المَلَكيّات" والعروش والتيجان والصولجانات...
يبدو أن هذه الأنظمة التي قيل فيها ما لم يقله مالك في الخمرة، وما لم يقله الفرزدق في جرير ولا الأخير في الأول، قد أينعت وحان قطافها.
وها هي تتهاوى وتتساقط، لتأخذ العدالة مجراها، وليدخل "ملوكها" و"سلاطينها" السجون ذاتها إياها، حيث زجّ أولئك الطغاة بالمئات والألوف من الأبرياء. ولعشرات السنين. ومن غير ان تُوجّه إليهم أية اتهامات.
لقد حان وقت الحساب!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك