دمعة أبوين لا يزالان بانتظار تحقيق العدالة ومعرفة مَن قتل ولدهما الشهيد زياد غندور وحرقة لن تنطفئ إلا بمعاقبة القتلة الذين يسرحون ويمرحون بعد إرجاء محاكمة هؤلاء المتهمين غيابياً بسبب شغور مركز رئاسة المجلس العدلي بعد إحالة رئيسه على التقاعد وإخلاء سبيل آخرين بعد استجوابهم.
وعود بالجملة أغدقها السياسيون على الوالدين المفجوعين بمقتل طفلهما الذي قضى غدراً مع الشهيد زياد قبلان في 23 نيسان/ ابريل من العام 2007 بمعاقبة المجرمين وتسليمهم إلى القضاء المختص.
أربع سنوات مضت وسميرة (الأم) ومنير (الأب) ونوال (الأخت) يصلون من أجل أن يتم الوفاء بالوعد وان يحاسب المجرمون لا أن تقوم جهات سياسية بحمايتهم ظناً منها بأن الوقت سينسي عائلة مفجوعة دماء "طفل" لم يمت قضاءً وقدراً بل تم خطفه بثياب مدرسته مع الشهيد قبلان وقتلا ورميت جثتهيما في أحد الأحراج في منطقة جدرا.
حال الفوضى التي تعم البلاد انطلاقاً من إيمان البعض بأن الحكم يجب أن يكون للدويلة لا للدولة يطبق على هذه القضية التي لم يتم إحراز أي تقدم فيها سوى ان العائلة يزداد غضبها من سياسة تطبيق القوانين على شريحة من أبناء الوطن فيما ينعم آخرون بحرية تصل إلى حد التحكم بأرواح ناس وقتلهم بدم بارد غير آبهين بالدولة وأجهزتها واستطاعوا أن يفلتوا من العقاب تحت شعار "حماية السلم الأهلي".
في الذكرى السنوية الرابعة لاغتيال الزيادين غابت الشخصيات السياسية والهيئات الدينية والفعاليات الرسمية عن منزل زياد غندور في وطى المصيطبة حيث اقتصرت المشاركة في إضاءة الشموع للمناسبة إلى جانب العائلة والأصدقاء والجيران، منسق العلاقات العامة في "تيار المستقبل" عدنان فاكهاني ووفد من "الحزب التقدمي الاشتراكي" ما جعل الأبوين يسألان: "هل كان الهدف إسكاتنا والمتاجرة بدماء الشهيدين؟".
شموع اضيئت أملاً بأن تتحقق العدالة وتستيقظ الضمائر التي وعدت بتسليم الفاعلين "المعروفين" من قِبَل قيادتي "حزب الله" وحركة "أمل" واللتين بحسب الوالدين وعدتا بأن يعاقب الجناة من قِبَل القضاء المختص وحتى الآن لم يتم ذلك.
لا تُخفِ سميرة الوالدة المفجوعة نقمتها على طريقة تعامل السياسيين مع استشهاد طفلها وتطالب الوزراء والنواب وممثلي الأحزاب الذين توافدوا لمواساتها عقب وقوع الجريمة بإيقاف "الزعران" الذين يسرحون ويمرحون بعدما حرموها من رؤية ابنها شاباً يتمتع بالحياة وتضمّه إلى صدرها بدل أن تضم صورته وتزور ضريحه حيث اختار المجرمون أن يضعوا حداً لعمر فتى ذنبه الوحيد أنه كان ضحية حقد وتعصّب فئة من الجهّال.
وتقول: "أين الحق، وأين الدولة وإلى متى سننتظر؟"، مؤكدة ان حرقتها على مقتل وحيدها لن تستكين إلا بمعاقبة المجرمين، وإذا الدولة لا تريد أن تتحرك فلتبلغنا وتخفف من عذابنا وعندها كل شخص يأخذ حقه كما يفعل الرافضون لمنطق الدولة والمؤمنون بشريعة الغاب.
بدوره، يطالب الوالد منير، السيد حسن نصرالله باعتباره ذاق مرارة ان يفقد والد ابنه والرئيس نبيه بري بتسليم الفاعلين ويدعو وزير الداخلية والبلديات إلى جلب الجناة المعروفين اسماً اسماً ومحاكمتهم وتحقيق العدالة، ويجدد الدعوة إلى قيادتي "14 آذار" و"8 آذار" للتحرك لإحقاق الحق، قائلاً: "ما زلنا ننتظر ونؤمن بالدولة ولكن إلى متى؟".
في محيط منزل زياد غندور ترتفع الصور وتضاء الشموع وتتلى الآيات القرآنية، سلاحهم الوحيد وإن طال الوقت الأمل بالاقتصاص من الجناة لأن "شهادة الزيادين منارة للوحدة الوطنية".
الأسئلة نفسها تطرحها جوليا أبو شقرا في البيان الذي أرسلته للـ"المستقبل" ولفتت فيه إلى انه "منذ أربع سنوات تقاطرت الشخصيات السياسية والهيئات الدينية والفعاليات الرسمية إلى منزل صغير يستنكرون فيه جريمة شنعاء عصفت بكل وجدان، منهم من خاف على مستقبل بلد، مصير ولد، وتنامي حقد، وبعضهم استرجع ماض بالأمس كان بعيداً وشبحه ما زال قريباً".
أضافت "زياد غندور وزياد قبلان استشهدا ثمناً لأحقاد بغيضة ذات نفوس دنيئة، زرعها جهل عشائري، وتعصب طائفي همجي، جريمة وضعها القضاء في خانة الجرائم الارهابية الخطيرة الواقعة على أمن الدولة، نظراً للآثار السلبية والتداعيات التي خلفتها هذه الجريمة والتي كان من شأنها أن تؤدي إلى إثارة الفتن الداخلية بين اللبنانيين، كذلك طالب القضاء، بعقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة، لكل مَن ساهم فيها وأعطى الارشادات اللازمة لاقترافها".
وأوضحت ان "الجناة كانوا عالمين بخطورة الجريمة ومدركين نتائجها وتداعياتها، مبررين جريمتهم بالثأر وهي أسباب غير مقنعة، وليس لها سند قانوني مبرر، لكنهم لجأوا إلى شريعة الغاب وأخذ حقهم بأنفسهم بعيداً عن سلطات الدولة وأحكام القانون، وهذه الأحكام ما زالت في الأدراج ولم تنفذ بعد، فكأن الافلات من العقاب هو لحماية السلم الأهلي، وإلغاء المحاكم هو صيانة للوحدة الوطنية، والتعديات على الأرواح والأملاك هو حق مشروع، والقتل على الهوية انتصار ويوم مجيد، والخطف والبطش والتهديد والوعيد هو دفاع عن لبنان أمام همجية العدو الصهيوني الغاشم".
وختمت بالقول: "بعد 7 أيار وبعد مقتل الزيادين أصبحنا على فوهة بركان ننتظر إشارة لتندلع الشرارة، نكرر الماضي ولا نربطه بالحاضر لأن أبناء الوطن أصبحوا أبناء الزعماء والطوائف، والأحقاد والغرائز، وقرابين العرب والغرب".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك