اكد مصدر معني بتمويل المحكمة ان "الحكومة تتجاذبها وجهتا نظر حول عملية التمويل، الاولى، وتتبناها الكتلة الوسطية وتستند الى ما عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في خطابه امام الامم المتحدة حين شدد على التزام لبنان الدائم باحترام قرارات الشرعية الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وفقا لما اكدت عليه البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، وهو الأمر الذي أعاد التأكيد عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في نيويورك وفي اكثر من مناسبة لجهة التزامه تمويل المحكمة الدولية، وهذا الرأي يجد في وليد جنبلاط نصيرا دائما له".
وتابع المصدر لصحيفة "السفير": "أما وجهة النظر الثانية حكوميا، فتتبناها كتلة الثامن من آذار والتي تنظر الى الامر على قاعدة انه قبل الخوض في التمويل هناك مسألة شرعية ودستورية هذه المحكمة التي لم تقر وفق الاصول الدستورية وتحتاج الى اعادة نظر حتى يبنى على الشيء مقتضاه".
واوضح المصدر المعني ان "المسوغات التي ينطلق منها مؤيدو التمويل تقوم على ان علاقة لبنان بالمجتمع الدولي هي علاقة عضوية يجب ان تتعزز باستمرار، لان لبنان بلد مؤسس للأمم المتحدة وكان له دور اساسي في صياغة ميثاقها عبر العلّامة القانوني شارل مالك. وكنا على الدوام من المنادين والساعين الى الامتثال للقرارات الصادرة عن مجلس الامن والامم المتحدة، وبالتالي، فان التزام لبنان بالقرار 1757 الذي انشئت بموجبه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، يأتي في سياق التزامه بكل القرارات الدولية، ولكن هذا لا يعني الرضوخ لأي قرار تصدره هذه المحكمة لأنها غير منّزهة عن الخطأ، وسبق ان اعلنت مراجع رسمية عليا ان هذه المحكمة فقدت مصداقيتها جراء بعض السلوكيات وانها مطالبة باســـتعادة مصداقيتها من دون التنكر لها".
وقال المصدر ردا على سؤال: "اننا لا نتنكر للمحكمة ولكن لا نسكت عن اي قرار او تسريب او توقيف خطأ كما حصل مع الضباط الاربعة، وبالتالي فان اعترافنا بالمحكمة، مقرون بتقييم عملها ومراقبة أدائها وتبيان أي قرار خاطئ اذا وقع او أي براهين ودلائل غير كافية، وهذا ينسحب على كل القرارات الدولية التي يلتزم بها لبنان امام المجتمع الدولي".
واكد المصدر المعني أن "مصلحة لبنان تكمن في الالتزام بالقرارات الدولية لوجود عدو اسرائيلي اعتاد على ضرب كل القرارات والمواثيق الدولية عرض الحائط وهو يحاول اليوم تكريس اعتدائه على مياهنا الاقليمية ومنطقتنا الاقتصادية الخالصة في البحر لسرقة ثروتنا النفطية والغازية، لذلك لبنان يقف دائما مع القرارات الدولية، واي قرار خاطئ سنعمل على تصحيحه وبإمكاننا ان نمانع هكذا قرار من دون رفض القرارات الدولية بمجملها".
وراى مصدر قيادي في قوى 8 آذار ان "لبنان الذي يحترم القرارات الدولية، لديه كل الحجج والبراهين لرفض التعاطي مع المحكمة الدولية التي تنتهك السيادة اللبنانية وتضع مؤسسات الدولة تحت وصاية قرار دولي ومحكمة دولية تم تهريبها خلافا لكل الاسس القانونية والدستورية، وعبر تجاوز موقع رئاسة الجمهورية ودور مجلس النواب في زمن الحكومة البتراء".
واضاف "قبل الحديث عن تمويل المحكمة لا بد من اعادة النظر في قانون انشائها وفي نظامها الاساسي، وبالتالي هناك معادلة لا يمكن تجاوزها ومفادها ان التمويل ملازم لإعادة دراسة قانونية ودستورية المحكمة، فعندما نعيد لهذه المحكمة شرعيتها القانونية والدستورية يصبح التمويل بمثابة تحصيل حاصل، وبصريح العبارة لا تمويل من دون تصحيح، والامر ليس بالأمر المستحيل اذا كانت النوايا صادقة، وهذا في مصلحة رافعي لواء الدفاع عن المحكمة أولا".
وتحدث المصدر على مسافة واحدة مع وجهتي النظر المطروحتين عن "وجود عدة مخارج وأولها يقول بأن التمويل يمكن أن يتم عبر مرسوم عادي يوقعه رئيسا الجمهورية والحكومة ووزيرا المالية والعدل بحيث يحتسب المبلغ من موازنة وزارة العدل، ولكن هذا الامر يحتاج الى توافـق سياسي مسبق، كون المرسوم سيوقع من الرئيسين سليمان وميقاتي ووزير المال محمـد الصفدي ولكنه سيصطدم بموقف وزير العدل (شكيب قرطباوي) الذي ينتمي الى جهة ســياسـية (تكتل التغيير والاصلاح) تعارض التمويل من منـطلق عــدم شرعية المحكمة".
وتابع المصدر "فقد بدأ يطرح في الكواليس، ويقول بان يطلب رئيس الحكومة سلفة خزينة لصالح رئاسة مجلس الوزراء ويصرف من هذه السلفة المستحقات المالية للمحكمة".
وقال ردا على سؤال: ان "هذا الامر غير ممكن على الاطلاق لأسباب قانونية تتصل بقانون المحاسبة العمومية للموازنة العامة، اذ ان اي سلفة خزينة يتخذ فيها قرار عبر مجلس الوزراء يجب تفنيد اوجه صرفها وفق بنود متسلسلة وبالتالي سيلحظ عملية صرف المبلغ لصالح المحكمة الدولية مما يعني انها لن تمر في مجلس الوزراء. واي سلفة تصرف من خارج النطاق المحدد لها في قرار مجلس الوزراء هي مخالفة قانونية فاضحة ترتب سوابق خطيرة غير مألوفة على صعيد عمل مجلس الوزراء والمالية العامة في لبنان".
وعن امكان ان يكون المخرج عبر مجلس النواب، يؤكد المرجع ان "هذا الامر سيفتح الباب على مصراعيه امام مناقشة نيابية واسعة لدستورية انشاء هذه المحكمة وقانونيتها، وباعتقادي انه ليس من مصلحة المعارضة الحالية الدخول في هذا الجدال الواسع الذي سيفتح المجال على امور دستورية قد تنتهي بتهشيم المحكمة من اساسها".
واكد المصدر المعني ان "اقرب المخارج القابلة للتحقق هو اللجوء الى مروحة مشاورات سياسية واسعة يكون ركيزتها رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة تفضي الى تفاهم سياسي مقرون بمواقيت محددة يتم من خلالها تمرير تمويل المحكمة مع استغلال موعد آذار المقبل الذي سيطرح فيه مسألة التجديد لها. بحيث يحضّر ملف عبر الحكومة يرفع الى الامانة العامة لمجلس الامن الدولي مرفقا بالملاحظات والتعديلات الواجب اجراءها لنزع صفة اللاشرعية عن المحكمة عبر ادخال ضوابط تحد من عملية التسييس التي ظهرت في كل مراحل التحقيق الدولي وصولا الى عمل المحكمة. وهذا الامر ممكن ويصب في مصلحة الجميع ولا يعرض مصداقية لبنان للاهتزاز، ولا يؤدي ايضا الى اعتبار لبنان دولة تقف في مواجهة المجتمع الدولي".
وراى المصدر ان "العودة الى اعتماد لغة الحوار، عبر انتظام الجميع مجددا في هيئة الحوار الوطني هو الطريق الأقصر لمعالجة كل الملفات العالقة، خصوصا ان الحاجة الى هذا الخيار تبرز عند كل مفترق يطرح خلاله ملف شائك يحصل حوله انقسام بين اللبنانيين".
واشار المصدر الى أن "ثمة حوارا حصل في أكثر من محطة بين رئيس الحكومة والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين الخليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل، وتم تفهم اعتبارات كل طرف، وتثبيت قاعدة حماية الحكومة أولا وفي الوقت نفسه حماية المقاومة، وتفويت الفرصة على فريق 14 آذار الذي سحب فكرة اقتراح القانون النيابي المعجل، في سبيل احراج الحكومة ورئيسها أمام المجتمع الدولي والرأي العام اللبناني".
وقال "الأكيد حتى الآن أن وزيري "حزب الله" محمد فنيش وحسين الحاج حسن، سيرفضان أية صيغة للتمويل في مجلس الوزراء والأكيد أيضا أن وزراء عون (باستثناء "الطاشناق") سينضمون الى موقف الحزب، فهل يكون المخرج من داخل مجلس الوزراء ببناء معادلة أصوات شبيهة بتلك التي حبكت عند التصويت على موضوع العقوبات الدولية ضد ايران في مجلس الأمن الدولي أم يأتي الحل على صورة ما اقترحه أحد "الوسطيين" على نجيب ميقاتي بأن يفتح ملف شهود الزور ومن ثم يحرج الأكثرية بموضوع تمويل المحكمة؟".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك