نشرت صحيفة "السفير" أحد محاضر حرب تموز عام 2006 يرويها وزير الصحة حسين الحاج الحسن، لفت فيها الى اننا "عندما نفاوض تحت سقف مجزرة تصبح العين قادرة على مقاومة المخرز، تتغير الشروط ويبدل لون الدم حبر التفاهمات، وعلى مشارف نهاية تموز، أصبح دمنا أزرق وما عادت تسويات الأمم و"الدول" تغرينا، نقّلب بين بنودها فتتراءى لنا مجزرة قانا الثانية، نعدّل سطورها فتظهر أمامنا أجساد شهداء مروحين والنبطية ممددة على الصفحات، فتقلب الشهادة مسار التفاوض.
واعتبر أنه "نادراً ما كان الموت قادراً على ضخ حياة لكنه فعل"، مضيفا "لتكن المفاوضات فعلَ ماضٍ إذا كانت ستجعلنا وطن المفعول به".
واعتبر أن "قوة الشهادة واكبتها قوة إسناد ناري على الجبهة"، لافتا الى ان "عدونا أخفق براً "والشباب" يستدرجون المزيد البري الى عتبة الليطاني"، مضيفا أن "وفد وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليسا رايس ينتظر في إسرائيل، وواشنطن بدأت تتلمس فقدان المناعة العسكرية في تل أبيب"، مشيرا الى انه "لم يكن سهلاً أن ترفع شروط المناورة السياسية، وأن تفكر أن رايس التي غادرت عين التينة قبل أيام منزوعة الحفاوة أصبحت اليوم وزيراً غير مرغوب به في قصر الرئاسة الثانية".
وأشار الى ان "عشر سنوات حضرت في لحظة، ومشهد قانا 96 ضرب القرية نفسها يوم الأحد في 30 تموز 2006"، معتبرا أن "رئيس المجلس النيابي نبيه بري أيقن أن التاريخ يستعير تاريخاً مماثلاً ستقدم فيه إسرائيل على وقف إطلاق النار"، مضيفا أنه "التقط اللحظة ونزل بلا موعد الى السرايا الكبير وأقنع السنيورة بوجوب أن يكون موقفهما موحدا في مواجهة المجزرة المتجددة".
وأكد إنه "من السرايا الى عين التينة اتصالات مفتوحة وتواصل يومي مع الامين العام "لحزب الله" السيد حسن نصرالله عبر الحاج حسين خليل وكل تفصيل أكان صغيرا أم كبيرا موضوع في الحسبان والنموذج تظاهرة "الأسكوا" التي احتواها "دولته"، وأكمل بإقناع "الشباب" بعدم التظاهر باتجاه عوكر حتى لا نحرف الأنظار عن قضيتنا، وفي البال أيضا مجلس الأمن وإمكان خلق موازين قوى بدماء شهداء قانا وبطولات المقاومين".
وشدد على أنه "وعلى على الرغم من كل الضغوط الميدانية أصبحت المبادرة على الأرض بين أيدينا، ما يعطينا هامشا أكبر للمناورة السياسية ويدخلنا في مرحلة صياغة الحلول المبنية على رؤيتنا للوضع، لاسيما بعدما بدأ الطرف الأميركي يفقد الرهان على الحسم العسكري من جانب إسرائيل"، لافتا الى أن "هذا اليوم شهد سقوط طلائع صواريخ المقاومة إلى ما بعد حيفا إيذاناً بدخولنا مرحلة سياسية وميدانية جديدة، الأهم فيها هو القدرة الاستثنائية على التحكم بالمعركة وظروفها ومداها ما يعكس تنظيماً عالي الدقة لرجال الجبهة، بحيث إن المقاومة لا تضرب بشكل عشوائي وغير محشورة لتفرغ مخزونها من الصواريخ، بل هي التي تحدد أين وكيف وما هو حجم الرد، وتلك نقطة قوة على المستوى العسكري"، مضيفا أن "هذا كان مدار نقاش على هامش اجتماعنا ليل الخميس في 27 تموز مع الحاج حسين الخليل، حيث أكد ارتياح السيد نصرالله إلى ظروف المعركة".
ولفت الى أنه "يوم الجمعة في 28/7/2006 بدأ الرئيس فؤاد السنيورة نهاره بتعميم قرار مجلس الوزراء وخطابه في روما على السفارات في الخارج، متجاوزاً الملاحظات التي أبداها الوزراء عليها. كان هذا مدار نقاش بيننا لكننا اتفقنا على تجاهل المسألة حفظا للتوافق، خاصة وان أي أمر سيحتاج لاحقاً إلى قرار من مجلس الوزراء"، مضيفا أن "حديث الرئيس بري إلى قناة "الجزيرة" كان قد أثار في هذه الأثناء ردود فعل كثيرة، لا سيما لدى انتقاده الوضع العربي بقوله "إنه يرى فيه شيئاً معلناً وشيئاً مضمراً"، ودعا الحكام العرب "لكي يتنبهوا لما يحصل"، مشيرا الى ان "رئيس الحكومة السابق سعد الحريري اتصل من الخارج مستفسراً وأشار إلى أن هذا الكلام يمكن أن يزعج بعض العرب الذين يساعدوننا في الأزمة، وسأل: لماذا الكلام المباشر عن الرئيس الشابق حسني مبارك".
بعدها اتصل بي نائب الرئيس السوري فاروق الشرع مناقشاً بعض مضامين المقابلة وطلب الحديث مع الرئيس بري وقال له إن سوريا عرضت المساعدة على الجيش اللبناني وهي ليست كباقي العرب. قال الرئيس بري إن كلامه جاء في سياق سياسي عام وإنه لا يمكن لأحد أن ينسى دور سوريا لاسيما احتضانها النازحين وموقفها السياسي الداعم، معتبراً أن المعركة هي "كمين لكم ولإيران".
في اليوم نفسه، سأل رئيس جبهة "النضال" النائب وليد جنبلاط "لمن سيهدي السيد حسن نصرالله النصر؟"، وقد أثار كلامه بعض النقاش ما استدعى اتصالات بيني وبين الحاج حسين الخليل لاستيعاب الردود، وكان الاتصال مناسبة استفسر فيها الحاج حسين عن حدود انتشار "اليونيفيل" مع الجيش وبعض التفاصيل في اقتراح الرئيس بري التحضيري بالأمس، وأجاب الرئيس بري إن ما نطرحه هو الوضع القائم الآن حيث هناك "يونيفيل" وجيش والمطلوب التعزيز ليس أكثر، وإنه علينا أن نكون جاهزين قبل يوم غد (السبت) لطرح مشروعنا.
في الواحدة والنصف ظهراً، وصل وفد الترويكا الأوروبية والتقى الرئيس بري، كان واضحاً أن هناك حذراً في مواقفهم ومرروا أن الإسرائيلي قد خفّض سقف مطالبه السياسية وأصبح أكثر استعداداً لوقف إطلاق النار. شرح الرئيس بري لهم بالتفصيل طبيعة ما يحصل على الأرض وأن هذا التغيير إذا صحت توقعاته فإنه من نتاج المعركة ميدانياً وليس بفضل الجهد الدولي، كانوا حريصين على إيصال رسالة مفادها أن المعالجة السياسية مازالت في يد وزيرة الخارجية الأميركية كونداليسا رايس التي تركت مساعدها وفريق عملها في القدس المحتلة.
اتصل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وتحدث بلهجة إيجابية وأبلغ الرئيس بري أنه يريد زيارة لبنان، ولم يشر إلى هجوم الرئيس بري صباحاً على مواقف مبارك عبر "الجزيرة".
واعلن أنه "عند منتصف الليل، وصل الحاج حسين الخليل إلى عين التينة، وبعد سلام من السيد حسن نصرالله نقل عنه ما يلي، أولا التأكيد على ما أعلنه الرئيس بري مع الرئيس السنيورة والأوروبيين بعدم القبول بأي صيغة للقوة المتعددة الجنسية، ونحن نتبنى مناورة الرئيس بري في أن تكون في جهة إسرائيل، مع أنها سترفض بالتأكيد، بعدها يأتي الطرح نفسه عن وقف إطلاق النار والانسحاب الفوري بدءاً من مارون الراس تحديداً، وأن لا تحصل عملية تسلم وتسليم مع الجيش اللبناني بل انسحاب وانتشار، ومن ثم التعهد بأن نعمل أقصى جهدنا لكي يتضمن التبادل أسرى عرب في السجون الإسرائيلية، وإذا أمكن أن نأخذ بعض الوقت لتكون لدينا حركة أفضل فيما يتعلق بتحديد الأسرى، والنص المقترح نفسه فيما يتعلق بتعزيز الطوارئ والجيش، مع إعطاء أولوية لدور الجيش لما لهذا من تأثير على الرأي العام اللبناني، مع الإشارة نفسها إلى رفض التعهد بالابتعاد عن الحدود.
ولفت الى ان "بري اعتبر إن ما طرح قد سبق وأكدته، والأهم الآن هو التركيز على إدارة المفاوضات لأنه بعد الذي حصل قبل روما وبعدها يجعلنا حذرين أكثر لكل كلمة تقال"، مضيفا أن "بري نقل أن وزيرة خارجية اليونان أرسلت تسأل إذا كان بالإمكان أن تقوم بوساطة، وكان رده أن تأتي لنسمع منها ونرى ما يمكن فعله"، مشيرا الى ان "عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي اتصل وسأل عن إمكانية المساعدة، فطلب الرئيس بري منه الضغط مع الأميركي ليخفف من تبنيه للموقف الإسرائيلي بالكامل، كذلك قال إن وزير الخارجية الإسباني كان صريحاً بالقول إنه لم يستطع فعل شيء حول وقف إطلاق النار".
نقل الحاج حسين أن الموقف السعودي الذي وصلنا أصبح يتبنى تعزيز قوات الطوارئ وعدم التطرق إلى مستقبل سلاح "حزب الله"، وأن هناك من نقل أن رايس تنصح الوفود الأجنبية بعدم لقاء الرئيس بري خوفاً من التأثير على قناعاتهم.
قال الرئيس للحاج حسين: لنر إذا كانت ستطلب موعداً يوم الأحد إذا أتت، وأضاف إنه حذر من نقطة واحدة هي القوات المتعددة الجنسية لأنها التعويض الوحيد عن الهزيمة المحتومة لإٍسرائيل وإنه لا يخاف من دورها لأنه "ما بيطلع بإيدها شي من دون موافقتنا"، لكن تشكيل قوة من دول أساسية سيؤدي عند أي حادث إلى مشكلة كبيرة معهم، وفي كل الأحوال لن نقبل لا بالسر ولا بالعلن أي مقاربة لقرار تحت الفصل السابع، ويجب أن يكون هناك عمل جاد من قبل الأصدقاء من أجل "فيتو" في مجلس الأمن إذا وصلنا إلى هذا الأمر.
وأشار الى أن "صباح السبت 29 تموز، رتبت محضر نقاشنا بالأمس، وأعددت جدول مقارنة بين ورقتنا ومشروع الرئيس السنيورة، كان الرئيس بري متفائلاً من تطور الأمور لأنها تصب على المستوى الشعبي والسياسي لصالحنا، على عكس ما عمل عليه في الأيام الأولى للحرب.
انتقلت بناءً على طلب بري إلى السرايا الحكومي والتقيت الرئيس السنيورة مع الوزيرين محمد خليفة وطلال الساحلي وتناقشنا في آلية عمل الهيئة العليا للإغاثة وتقديماتها، وقد وعد إيجاباً في أغلب الأمور التي طلبناها وقال إنه سيعالجها مع إدارتها، مضيفا أن "لدى عودتي إلى عين التينة، كان بري قد التقى الوزير غازي العريضي الذي حمل رسالة جديدة من النائب جنبلاط عن توزيع أسلحة في الشوف الغربي وأن المطلوب الاتصال بحزب الله والتأكد والمتابعة"، لافتا الى أنه "وعند السادسة مساءً كانت أصداء المجازر تطلق نقاشاً في الديوان المفتوح لصحافيين وسياسيين شهدوا على حوار طويل على الهاتف بين الرئيس بري والأستاذ غسان تويني حول خصوصيات القرارات الدولية وآثارها لاسيما ما هو تحت الفصل السابع، حيث حرص الرئيس بري على الاستماع إلى وجهة نظره في هذه المسألة.
بعدها رن الهاتف، رفعه الرئيس بري وما ان حوله موظف السنترال في عين التينة حتى سمع رجلاً يقول: "أنا جاك شيراك، أشكرك أنك أجبت مباشرة". رحب بري به، وقال: أريد أن أنقل لك أني أقف مع اللبنانيين في هذه اللحظة وأنا متضامن معهم جميعاً بكل طوائفهم وفئاتهم وإني أعمل بكل الوسائل من أجل وقف ما يحصل ولتقديم خدمات إنسانية للبنان وسأرسل وزير الصحة الفرنسي لهذه الغاية الى بيروت".
شكره الرئيس بري وقال له:" أود أن أبلغك سيادتكم أن الغارات الإسرائيلية في هذه اللحظة وقبلها ما زالت تقصف المدنيين العزل وعشرات القتلى والجرحى يسقطون والعالم لا يمارس ضغطاً حقيقياً على إسرائيل بل يعطي الفرصة للاستمرار في عدوانها، العالم الحر اليوم أمام امتحان مع أننا نعرف النتيجة وهي عدم إدانة إسرائيل، في كل الأحوال أود الإشارة لسيادتكم أننا لسنا ضد المقترحات السياسية بل نحن منفتحون على النقاش بإيجابية وقدمنا الكثير من التصورات ولكن لا يمكن نقاش المسائل تحت ضغط إطلاق النار الذي يجب أن يتوقف"، مضيفا أن "شيراك أجابه بأنه "يعمل بصدق على وقف سريع لإطلاق النار".
وصباح الأحد في 30/7/2006 وعلى عكس السياق الحاصل، سقط صاروخ على مبنى في المحيط الأمني لمقر عين التينة وخرق السطح من دون أن ينفجر وأخفينا الأمر عن وسائل الإعلام حتى لا نحدث بلبلة، مضيفا أننا "استفقنا على هول مجزرة الأطفال في قانا في استعادة لمشاهد مجزرة 1996 على مقر الأمم المتحدة، وكما كانت قانا الأولى محطة تحول في مسار العدوان، فإن هذه المجزرة ستكون تحولاً في عدوان تموز"، لافتا الى أنه "قبل نزوله إلى المكتب اتصل الرئيس بري بالرئيس السنيورة، وقال له: بعد المجزرة اليوم لا يمكن أن أستقبل كوندوليسا رايس، وفي رأيي أن تأخذ أنت الموقف نفسه، في كل الأحوال أين أنت الآن؟ قال: في السرايا. ولم يرد عليه بشيء"، مشيرا الى ان "بري اقفل الخط وقصد السرايا بسيارة واحدة مرتدياً ثياب "سبور". يروي الرئيس بري لنا: "وصلت إلى مكتب السنيورة، وكان متوتراً وكأنه يرتجف، قلت له: يا دولة الرئيس على الرغم من الألم والمصيبة هذه محطة يجب أن نوظفها انتقاماً لدم الشهداء من أجل الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، وأن نسجل معاً موقفاً وطنياً جامعاً نتجاوز فيه كل التباينات حول تفاصيل الموقف السياسي، إنها فرصة يجب أن لا تفوت، علينا أن نُشعر الأميركي وكل من يدعم إسرائيل أنهم دخلوا في مأزق ولم نعد نحن فقط في دائرة الضغط، يجب أن نأخذ موقفاً من العملية السياسية برمتها".
في تلك اللحظة، كان موقف السنيورة إيجابياً وان بدا متهيبا "ما طرحته ـ يقول الرئيس بري ـ ناقشنا الموقف، وخرجنا سوياً ليعلن السنيورة في مؤتمر صحافي عن وقف أي حديث غير وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط، وقال إن أي حديث آخر غير مقبول، مع إجراء تحقيق دولي في المجازر الإسرائيلية. كانت فرصة للرئيس بري لكي يظهّر موقفاً طالما أراده خلال فترة الحرب وهو وحدة الجميع في مواجهة المخطط الأميركي والإسرائيلي، فقال بوضوح إنه خلف الحكومة في هذا الموقف الجلل.
ولاحقاً أعلن بري أنه "أرسل لرايس أن لا مكان لأي محادثات وأن الجهد الآن يجب أن ينصب للضغط على إسرائيل حتى لا ترتكب مجازر جديدة"، مضيفا أن "بري اكد بعد علمه برفض إسرائيل السماح لقوات الطوارئ الدولية مواكبة الناجين من المجزرة إلى أماكن آمنة، "بتنا نمتنع عن الموافقة على أي دور لقوات الأمم المتحدة لعدم جدواها إلا إذا أعلنت الحقائق للعالم أجمع".
ثم أعلن بري أنه من أجل الحل كان قد بادر إلى صيغة لإطلاق الأسيرين الإسرائيليين قدمها عبر الجانب الإيطالي وفيها تسهيل كبير تحملته شخصياً حتى من دون تنسيق مسبق مع حزب الله، وقال "الآن بصراحة أقول إن شروط التبادل قد تغيرت وعرضي الذي قدمته أعلن سحبه".
بناء على طلب الرئيس بري، أجريت مجموعة اتصالات سياسية، كما اتصل الأستاذ فاروق الشرع فعرضت له تفاصيل ما جرى مع الرئيس السنيورة، ورد بتأييد الموقف وعرض المساعدة للسنيورة واقترح أن يتقدم لبنان بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث المجزرة.
ناقش بري الأمر، وقبل أن يطلب الرئيس السنيورة استدرك خائفاً من أن يتحول الأمر في مجلس الأمن إذا انعقد إلى توسيع القرار بما لا يخدم مصلحتنا.
أجريت اتصالاً بالحاج حامد الخفاف ممثل سماحة المرجع السيد علي السيستاني في لبنان ونقلت إليه تمني الرئيس بري بضرورة صدور موقف من سماحة المرجع يضغط باتجاه وقف إطلاق النار والمجازر لمعرفتنا بتأثير هذا الإعلان على الموقف الأميركي، فأجاب الحاج حامد بأن سماحته أصدر موقفاً سابقاً بهذا الخصوص، ولكن الرئيس بري أصر على ضرورة إصدار موقف بعد مجزرة قانا اليوم، وفعلاً قبل منتصف الليل صدر بيان بهذا الخصوص، وأبلغ نائب الرئيس العراقي الرئيس بري بأنه كلف الاتصال بالرئيس الأميركي جورج بوش لإيصال كلام شديد عن لسان السيد السيستاني.
اتصل النائب سعد الحريري بالرئيس بري مستفسراً عن موقفه بتغيير شروط التبادل مؤكداً أن هذا يعقد الأمور، فرد الرئيس بري أنه موقف جاد ولا يمكن لنا بعد اليوم أن نكون إيجابيين ولقد تحركنا منذ البداية بنية حسنة ولكن بعد المجازر الأمر اختلف ويجب أن نكون متشددين. لم يعجب الأمر الحريري وحاول تهدئة الموقف.
وصل النائبان حسن فضل الله وأمين شري وعدد من الشخصيات إلى عين التينة، وكان نقاش مفتوح حول التطورات، كان رأي الرئيس بري أن الأمور تتطور إيجاباً وسنحتفل بالنصر قريباً، فالجو الوطني في أفضل حال، وما حصل مع السنيورة صباحاً في غاية الأهمية، وهنا إيجابية ما فعلنا في مجلس الوزراء بعد مؤتمر روما وعدم تفجيرنا للجلسة، والآن حتى الذين ضد موقفنا في الداخل لا يستطيعون أن يعبروا عن مواقفهم.
وصل الحاج حسين إلى عين التينة، عرضنا تفاصيل النهار ونقل عن سماحة السيد الآتي:
ـ إن الإسرائيلي بعد عجزه في بنت جبيل الأسطورة، يحشد باتجاه الطيبة، وأدخل مشاة ثم آليات وهناك احتمالات عدة، إما أن يركز على احتلال مشروع الطيبة أو الدخول إلى أقرب نقطة على الليطاني ليوظفها سياسياً، نحن مستعدون جيداً ووضع الشباب أكثر من ممتاز، هم الذين يستدرجونه الآن لكي يتوجه صوب الليطاني للانقضاض عليه، ستكون مجزرة بالجيش الإسرائيلي إذا دخل، والمفاجأة في نوعية الأسلحة المضادة.
ـ لقد جرى الحديث اليوم مع السيد علي لاريجاني ونقلنا له ما قلته دولتك بالأمس من العمل باتجاه روسيا في مجلس الأمن وهذا ما يحصل وأيضاً هناك تواصل إيراني ـ فرنسي.
قال الرئيس بري: أنا مرتاح للغاية، قلت للوزراء أن يستنكروا الهجوم على الإسكوا إذا طرح في مجلس الوزراء وأبلغت الشباب أن يوقفوا التظاهر باتجاه السفارة الأميركية في عوكر، لأننا لا نريد أن نحول الأنظار عن قضيتنا.
أضاف بري "سمعت أن السيد حسن يمكن أن يستقبل سفراء وغيرهم، هذا خطر للغاية ويجب أن لا يحصل الآن وعليه أن ينتبه كثيراً ولا يشغل باله بالتفاوض".
عند خروج الحاج حسين تحدث مع المقدم وسام الحسن الذي كان قد سأل باسم الحريري عن الأجواء، فنقل له مضمون ما اتفقنا عليه خصوصاً فيما يتعلق بشروط التفاوض والتبادل.
عند الساعة 11 ليلاً مهد السفير الأميركي فيلتمان لاتصال من الوزيرة رايس بالرئيس بري، وقبل الحديث السياسي معها قدمت التعازي بشهداء قانا.
قال لها الرئيس بري: لقد حذرتك من هذا الأمر وأنا أرى العدوان يتوسع ضد المدنيين، والآن أختصر لأقول لك إنه من العار على شرف أميركا بعد مجزرة قانا أن لا يصدر قرار بوقف فوري لإطلاق النار.
قالت رايس: إن إسرائيل أخذت قراراً بعدم تحليق الطيران فوق الجنوب. ورد الرئيس بري عليها: "هذه محاولة منها لامتصاص النقمة ولكن الحقيقة أن الموقف غايته السماح بإفراغ الجنوب من أهله من أجل حرقه".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك