تعمد اجهزة الدعاية السوداء منذ اكثر من اسبوع ، وبعلم عالم، على توجيه سهامها نحو الياس المرّ، في الموقف ولو تم اجتزاؤه، وفي وضوح الخطاب ولو اقتضت اللياقة السياسية ان يبقى في الخفاء ما لا يجوز ان يصبح في العلن.
وتبقى النوايا السوداء وراء ما ينشر وبالاسلوب المجتزأ والمعروف، وغير الجديد، وكأنها تعلن عن بداية جديدة لعملية ممنهجة... باتجاه القتل!
تماماً كما في السابق، أو كما في كل مرة يتلهى فيها اللبنانيون فيفقدون الذاكرة، لتعاد الاحداث ويستعاد الاسلوب نفسه؛ حملةٌ مكثفة على احدهم (الياس المرّ اليوم)، حملة تجعل الموت نتيجة حتمية، وحملة تجعل الضحية اكثر مطواعية، وحملة تحوّل كل مختلف في الرأي الى عميل، لتلصق برأسه نجمة اسرائيل، وتلتف على عنقه خيوط الموت الآتي من الحُفر المظلمة.
هكذا يحملون في اجهزة اعلام التيار العوني على الياس المرّ، وهكذا ينشرون ويكيليكس كما لم يسبق ان نُشرت، مجتزأة محرّفة منقوصة متلاعب بمضامينها تضليلاً، لأجل الأذيّـة، وفقط لأجل الأذية. أو تعريض القائل للخطر امام رأي عام مضلَّل، عبر التعرّض له، بأسلوب من لم يلحظ يوماً انقلاب البيئة المعنية بالرفض للعمالة، الى بيئة حاضنة ومحتضنة معاً.. للعمالة.
من يعلم ان المحكمة الدولية قد ضمّت ملف المرّ وحماده وحاوي اليها، يعلم حتى اليقين ان مهزلة الموت العبثي قد انتهت، ومن يعلم التهديف على شخصية سياسية لجلبها او استجلابها لرفع منسوب الحضور الانتخابي المتهاوي بعد انهيار الارقام الاحصائية في دائرة المتن، يعلم في الوقت نفسه ان هكذا عملاً من شأنه أن يعطي مفعولاً عكسياً واكثر؛ لان الناس ترى وتعرف كيف بيعت ارضها ولمن، والناس ترى وتعرف كيف استحالت السيادة كذبة، وكيف تحوّلت، نتيجة الرضوخ وتبادل الاستغلال، درّاجة نارية صغيرة وغير مرخصّة، اقوى من شرعية ومن حرية ومن استقلال.
والناس تعرف ان الذي كان يخرج بعد كل قتل، ليبعد الشبهات عن حلفائه، هو هو من اتهمهم وزاد يوم اقتضى ذلك، وما ويكيليكس الّا خير الدليل. والناس تعرف، وهو يعرف ان الناس تعرف، ان الكذبة لا بدّ يوماً ان تنتهي، والخدعة ان تزول، فلا يمكن ان تخدع كل الناس كل الوقت. لكن الاخطر من كل ذلك ،ان تدفع بالناس نحو الموت والاغتيال من جديد بواسطة خدعة وكذبة وتلفيقة، تعرّض حياتهم للخطر وانت تحاضر في الايمان وفي المسيح يسوع!
"هكذا تفعل الشياطين"، قال رب السماء يوماً، وهكذا فعل النازيون، "اكذبوا واكذبوا، لا بد ان يبقى شيئاً في رؤوس الناس".
قال يوماً احدهم، "نحن مع قوة الحق ولن نكون يوماً مع حق القوة"! لكن الحق غاب منذ عهود وصارت القوة تحكم عليه، فيبيع ويشتري وينتخب ويترشح وتأتي انتخابات وتذهب، وتمتلئ باسم الحق أكياس وعلى حسابه، وتُرتكب جرائم وموبقات بأعين جاحظة وقحة واثقة وباسم الوطن.. وتتحوّل اكياس أخر، الى حساباتٍ والى مصارف، لخدمة حق القوة!
يقال أن فئراناً دبقة زحفت على اكياس المال المخبأة فأكلتها وانتفخت.. لكن الهاتفين بحياته جياع. ويقال أن "المرسيدس الشبح" أنزلت حقائب السفر الثلاث الممتلئة بالمال.. لكن الممتلئين به هوساً، يعانون عضّات البطالة القاتلة، وحقائب سفرهم خلف ابواب منازلهم.
انتهى زمن الكذبة، وولّى زمن التغطية المجانية على قتلٍ نسخّر انفسنا تسهيلاً لمهمته.
انه زمن، لكل شيءٍ ثمن!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك