جاء في صحيفة "النهار": تكتسب الزيارة الأولى لرأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للمنطقة الحدودية بعداً دينياً عميقاً ذا نكهة سياسية، رغم محاولات إدراجها في الإطار الراعوي البحت.
والزيارة التي انتظرها مسيحيو الحدود منذ زمن بعيد، أقلّه منذ التحرير عام 2000، تحمل دعماً معنوياً لهم يعزّز صمودهم ويقوّي علاقتهم بمحيطهم ذي الغالبية الشيعية. ولعلّ مواقفه الأخيرة في فرنسا التي أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية، سيُبنى عليها خلال الزيارة لأنّها تركت أصداء ايجابية في الأوساط الشيعية التي تعدّ لشكره "على طريقتها"، عبر إظهار حفاوة بالغة في استقباله في كل القرى التي يمرّ بها، حفاوة تكاد توازي ما يُحضّر له في القرى المسيحية. فبات المسلمون ينتظرونها كالمسيحيين، ويريدون من خلالها توجيه أكثر من رسالة، حتى أن بعض الفاعليات والقيادات في عدد من القرى التي لا تشملها الزيارة، يطالب البطريرك بالمرور بها، لأنّ فيها مسيحيين حتى ولو كانوا من غير مذاهب، أو للإفادة منها وتوظيفها في سياقات عدّة.
اذا، لم تعد الزيارة راعوية فحسب بل تتخطّى ذلك الى الإطار الوطني الجامع الذي لا شكّ في أنّه سيترك آثارة الايجابية في المنطقة. فزيارة ما كان يُعرف بـ"الشريط الحدودي" سابقا، لها أبعاد ومدلولات، وإن تكن "مجحفة" في حق بعض القرى لأن برنامج الزيارة "المضغوط" والمتشابك، لا يعطي كل قرية وبلدة مسيحية حقّها، اذ ان المنظّمين حدّدوا أوقاتا معيّنة تقل عن ساعة في بعض القرى! من هنا، كانت مطالبات كثيرة بتمديد الإقامة البطريركية أكثر من يومين، كي يتسنى لسيّد بكركي الإطّلاع على حاجاتها والاستماع الى شكاوى أبنائها وهواجسهم وتطلّعاتهم، إذ إنّها المرّة الأولى يشعرون بأنهم في قلب "الخريطة الوطنية".
أولى المحطّات في قضاء مرجعيون ستكون في القليعة، ثانية أكبر بلدة في أبرشية صور المارونية بعد رميش. ورغم تحديد موعد الوصول السابعة مساء، فإنّ التأخير وارد بنسبة كبيرة مع الأخذ في الإعتبار المسافة التي سيعبرها الموكب والاستقبالات الشعبية له. وستكون كلمة الراعي الرئيسية خلال الجولة في هذه البلدة، بعد ترؤسه قدّاساً، يُنتظر أن يتناول فيها مسألة أبناء البلدة اللاجئين الى اسرائيل. وبعد المبيت فيها، يتوجه الى كنائس الرعية في كوكبا وحاصبيا ليعود بعدها الى الخيام وجديدة مرجعيون وبلاط.
ولفت النائب علي فيّاض الى أن "حزب الله" يتعامل مع الزيارة "بما يليق بموقع الرجل ومواقفه التاريخية"، مشيرا الى "أن هناك استنفاراً شعبياً ورسمياً للإعداد لاستقبال حاشد لغبطته في كل القرى".
وهل لمواقفه الأخيرة في فرنسا تأثير في ذلك؟ أجاب: "لامست مواقفه قلب كلّ لبناني، ولكن لا حاجة الى تصنيفها في إطار الاصطفافات الداخلية، ونرى فيها ترجمة أمينة لمقرّرات السينودس".
ورأى كاهن رعية القليعة الاب منصور الحكيّم "أن للزيارة معاني كثيرة، فهي المرّة الأولى يزور البطريرك المنطقة".
أما الأب يوسف باسيل المواكب الزيارة، فقال: "رغم أن الزيارة هي لمباركة مذابح الكنائس المارونية، فلا يخفى على أحد طابعها الوطني الجامع لكل الطوائف الأخرى، فتغدو بكركي بذلك حاضنة لكل الوطن وليس للمسيحيين وحدهم".
وقال المحامي مالك راشد من جديدة مرجعيون: "زيارة سيدنا بشارة الراعي هي حقّا بشارة لأهالي المنطقة بكلّ مكوّناتها، هو ينادي بالشراكة والمحبة ونحن نعيشها حقّا هنا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك