يترأس "لبنان" الدورة الحالية في مجلس الأمن حيث تبرز على جدول الأعمال الدولي ملفات حسّاسة تهم العالم أجمع لا سيما العربي منه وهي تختلف في جوهرها وحيثياتها عن القراءة والمعالجة السياسية اللبنانية لها خصوصاً تلك المتعلقة بالإعتراف بفلسطين دولة مستقلة وعضواً في الأمم المتحدة، وبإقرار عقوبات صارمة ضد النظام السوري مترافقة مع محاولات الولايات المتحدة الأميركية ابتزاز الدول لتأييد هذه العقوبات وتالياً إحراج لبنان من على أعلى منبر دولي في العالم في هذين الملفين تحديداً، رغم أنه أصبح لأميركا والمجتمع الدولي علم وخبر مسبق بأن لبنان يدعم صراحة المطلب الفلسطيني ويرفض رفضاً قاطعاً تأييد قرار إدانة سوريا، وعليه فإن أجندة الرؤساء والدبلوماسيين اللبنانيين تحفل بالكثير من المواقف التي لا تلائم المجتمع الدولي الذي يترأس مجلسه خلال الشهر الحالي، ولذا فليس من المبالغة القول بأن لبنان سوف يمر في امتحان دولي صعب لجهة الخيارات التي سيتبناها حتى وإن كانت شكلية، نظراً إلى أن "القرارات الدولية الأساسية" موضوع النقاش محسومة وفق "الفيتو الأميركي" والهيمنة الإسرائيلية على معظمها ولن تتغير برفض أو قبول لبناني، وإنما ما سوف يحدث هو إضافة "نقطة ايجابية" في رصيد الدبلوماسية اللبنانية وتكريس دورها الأممي في القضايا المفصلية كما تفعيل التوجه الدولي نحو مناقشة مواضيع من مستوى "الدبلوماسية الوقائية" التي انتقدها الكثيرون في الصالونات السياسية اللبنانية المغلقة على أساس أنها "لا تغني ولا تسمن عن استمرار اسرائيل في احتلال الاراضي اللبنانية وانتهاك الثروات البحرية والتنكيل بالشعب الفلسطيني"·
ولكن وبمعزل عن الموضوع اللبناني الرئيسي وما يتصل به من تباينات حول جدواه في ظل التعاطي الأحادي لمجلس الأمن مع القضايا العربية فإن الملف الفلسطيني يستأثر بالإهتمام العالمي ويأخذ حيزاً واسعاً من المداولات السرية والعلنية،
وقد أكد سفير لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام في خلال حديث لصحيفة "اللواء" أن الفيتو الأميركي سوف يكون بالمرصاد أمام مطلب الفلسطينيين بانضمام بلدهم الى الأمم المتحدة، مشيراً الى أنه في نهاية الاسبوع الحالي ستبدأ المشاورات حول هذا المطلب في مجلس الأمن ولا يستطيع أحد تحديد مدة معينة للإنتهاء من النقاشات والتي قد تأخذ يوماً أو قد تتطلب شهراً، مؤكداً في هذا السياق دعم لبنان والمجموعة العربية للخيار الفلسطيني·
ولفت سلام إلى أن الخيار الآخر امام الفلسطينيين هو نيل الإنضمام إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة كعضو مراقب كون طلب العضوية الكاملة في مجلس الأمن في ظل "الفيتو" الأميركي المتوقع يعدّ كمن "يضارب في البورصة"·
أما بالنسبة الى إمكانية طرح مشروع "قرار لإدانة سوريا" فقد لفت السفير سلام الى أن هناك مشروعين على الطاولة الدولية في هذا الخصوص غير أنه وخلال ترؤس لبنان لمجلس الأمن وحتى إشعار آخر ليس هناك على جدول الاعمال أي جلسة لمناقشة هكذا قرار إلا في حالة واحدة إذا طلب أي عضو مناقشة الملف السوري، وعن الملف الليبي أشار سلام إلى أن لبنان مساهم مع الأمم المتحدة في تأكيد دورها في عملية إقرار السلام في ليبيا·
ووفق السفير اللبناني في مجلس الأمن فإن ترؤس لبنان لهذا المنبر العالمي حاملاً مشروعاً بأهمية "الدبلوماسية الوقائية" يعدّ نقلة نوعية، كون هذا الملف تحديداً يستقطب اهتمام العالم وهو يتوجه الى الأمم المتحدة لحثها على الحؤول دون نشوب الأزمات وليس الاكتفاء بحلّها بعد نشوبها والسعي الى احتوائها، معتبراً بأن من يعلّق باستخفاف على هذا المشروع يتمتع بقصر النظر، و"حرام" لأن لبنان يستأهل أكثر من هذه النظرة الدونية على حد قوله وهو الذي أثبت بأنه بلد صغير قادر على بحث أمور متعلقة بمنظمة الأمم المتحدة على غرار العديد من دول العالم الكبرى
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك