بدرجات متفاوتة يعتبر البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "صديقاً" للزعماء المسيحيّين الاربعة الذين سيلتقون تحت سقف بكركي يوم الثلاثاء. المحيطون بسيّد الصرح يقولون إنّ له رأيه الخاص والشخصي والسياسي بكلٍّ من الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيّة ورئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانيّة" سمير جعجع. لكنّ "مواقفه المسبقة" من أداء هؤلاء ومن أسلوبهم في العمل السياسي ومن خطاباتهم وتحالفاتهم، لن تكون البوصلة التي سترشد بكركي الى المسار الذي ستنتهجه في تعاطيها مع "الديوك" الموارنة.
البطريرك الراعي الذي واكب عن قرب جولات الخلاف الماروني المزمن يدرك أنّ لقاء الثلاثاء، وفق مقرّبين منه، لن يصنع معجزة "التوافق". يوضح هؤلاء "بأنّ أحداً من الجالسين على طاولة بكركي يوم الثلاثاء لن يكون بوارد التنازل عن قناعاته، وبالأساس إنّ فكرة الراعي لجمع المتخاصمين ليست بهدف "غسل الدماغ"، إنّما لتوظيف الخلافات الآنيّة لصالح حماية حقوق المسيحيّين في الدولة والوقوف أمام مدّ الهجرة الى الخارج وبيع الاراضي، مع اقتناع الراعي بأنّ للزعماء الاربعة أهدافاً موحّدة لكنهم يختلفون على اسلوب الترجمة". ولعل الرسالة الابلغ تعبيراً التي سيوجّهها الراعي الى ضيوفه الموارنة تحمل ما يشبه الانذار بضرورة التخلّي عن خطابات التعبئة والتعبئة المضادة التي لا تنعكس سوى إحباطاً في الشارع المسيحي يضاف الى خيبة التهميش في "كوادر الدولة".
وعلى الرغم من العناوين الكبرى والمصيريّة التي سيجمع الراعي القادة المسيحيّين تحت سقفها، إلا أنّ زواريب بكفيا والرابية وبنشعي ومعراب تُغرق لقاء الثلاثاء في تفاصيل تخرجه من اطاره التصالحي.
هكذا يروّج مؤيّدو "المردة" لاستحالة حصول المصافحة بين فرنجيّة وجعجع "حتى لو جلسا على طاولة واحدة"، ويردّ القواتيّون بأنّ "الحكيم" لا يعاني من عقدة العناق والمصافحة وهو يدخل بكركي منسجماً مع ثوابته التي لم تتلوّن بألوان التحالفات المشبوهة".
أمّا العونيّون فيتصرّفون كأنّهم "أمّ الصبي"، طالما أنّ "جنرالهم" يخوض معركة كسر عظم، مع حلفائه قبل خصومه، لاسترجاع الحقوق المسيحيّة الضائعة منذ اتفاق الطائف.
الصوت الكتائبي يبدو الأكثر دبلوماسيّة في مقاربة المبادرة البطريركيّة "فمهما عظمت الخلافات لا بدّ من الجلوس وجهاً لوجه". وتجدر الاشارة الى تعويل كتائبي على اللقاء المسيحي علّه يشكّل بادرة أمل تبعد مسيحيّي قوى 14 آذار عن القدر المحتوم بالخروج من الحكومة.
وبينما تمّ الاتفاق مسبقاً بين البطريرك والقادة الموارنة على جدول أعمال "اللقاء الروحي- السياسي"، والذي سيتخلّله قدّاس في الصرح البطريركي، فإنّ مقرّبين من الراعي يجزمون بأنّ الاجتماع لن يكون مجرد صورة للذكرى، وستليه اجتماعات أخرى تدخل أكثر في التفاصيل، وقد تنتج عنها ورقة "ثوابت" يوقّع عليها جميع الزعماء الموارنة ورؤساء الاحزاب والشخصيّات المسيحيّة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك