رأت أوساط بارزة في الأكثرية لصحيفة "السفير" ان "قراءة المحبطين ليست دقيقة"، لافتة الانتباه الى ان "الدلالة الأولى لخصوصية اداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هي ان الحكومة ليست تابعة لـ"حزب الله"، كما يروّج فريق 14آذار، بل تحوي مزيجا من قوى وكتل متعددة المشارب، تعطي الأولوية للنقاش والتفاهم حول النقاط الخلافية، فإذا تعذر ذلك فلا بد في نهاية المطاف من الاحتكام الى الآلية الدستورية التي لحظها اتفاق الطائف لحسم الخلافات والمتمثلة في التصويت داخل مجلس الوزراء، وهذا ما يمكن ان يحصل مع بند تمويل المحكمة إذا تعذر التوافق حول كيفية مقاربته، لا سيما ان "حزب الله" ليس بوارد ان يوافق طوعا على ان تمنح الحكومة التي يشارك فيها أي شرعية لهذه المحكمة، سواء مباشرة أم مداورة".
والدلالة الثانية لتمايزات ميقاتي، برأي الأوساط البارزة في الأكثرية، هي انه "ثبت بالوجه الشرعي ان الرجل لم يقدم للحزب عندما قرر دعم ترشيحه الى رئاسة الحكومة، أي التزامات مسبقة بالتنصل من المحكمة خلافا للاتهامات التي سيقت ضده بعد تكليفه"، مشيرة الى ان "هناك خلافا فعليا بين ميقاتي وبعض مكونات حكومته حول كيفية مقاربة مسألة التمويل، إلا انها تلفت الانتباه الى ان خلفيات موقفه الداعم للمحكمة الدولية تختلف جذريا عن تلك التي كانت تتحكم بسلوك سعد الحريري أثناء وجوده في السلطة".
وفي معاينة للفوارق بين الرجلين، اعتبرت الأوساط ان "رئيس الحكومة السابق سعد الحريري شكّل خلال وجوده في السلطة جزءا عضويا من مشروع أميركي لاستهداف المقاومة، أراد استخدام المحكمة كأداة للضغط عليها، ولأن الحريري كان منخرطا في هذا المشروع فهو لم يستطع ان يقطع الأمتار الأخيرة من الطريق المؤدية الى التسوية التي كادت تولد، لو لم يتم إجهاضها في اللحظة الحاسمة".
أما ميقاتي، فليس جزءا من منظومة أميركية للنيل من المقاومة، كما أكدت الأوساط التي ترى ان "التزامه بالمحكمة عائد بالدرجة الأولى الى رغبته في مراعاة المزاج العام للشارع السني وعدم إغضاب المجتمع الدولي"، مضيفةً أن "وما يجدر التوقف امامه - بحسب تقديرها- هو ان ميقاتي قدم التزاما واحدا الى "حزب الله"، عشية تكليفه، يتصل بحماية المقاومة، وهذا يكفي للوثوق به، من دون تجاهل التباينات القائمة بينه وبين قوى الاكثرية حول بقية المسائل".
ومن الفوارق ايضا، تبعا لتشخيص الأوساط البارزة في الأكثرية، ان "الحريري سعى الى توظيف الأكثرية الوزارية التي كان يملكها في حكومته لإبقاء فريق 8 آذار في موقع دفاعي، في حين ان الاكثرية في الحكومة الحالية هي بيد تحالف ميشال عون – "حزب الله" – "أمل"، الأمر الذي يتيح لها هامشا واسعا للحركة".
ولفتت الأوساط الانتباه الى ان "الخلاف مع الحريري لم يكن ينحصر أصلا في قضية المحكمة او المقاومة، وإنما تعداهما الى جوانب أخرى"، مشددة على انه "كانت هناك أزمة ثقة عميقة بينه وبين فريق 8 آذار، جعلت من المستحيل استمرار التعاون معه، لا سيما بعدما تبين انه يقول شيئا ويفعل شيئا آخر، أو يلتزم بكلمة ثم يتراجع عنها".
وخلصت الأوساط الى التأكيد ان "حكومة ميقاتي أقوى مما يعتقد الكثيرون، والتمايزات بين رئيسها ومكوناتها لن تؤدي الى تفجيرها من الداخل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك