هناك حاجة ضرورية الى أكثر من التنديد، بعد إقدام نازي صهيوني معتوه يدعى تيري جونز على جريمة احراق المصحف الشريف.
وكان من المفترض في الرئيس اوباما الا يكتفي بكلمات باردة وباهتة وقاصرة، تعليقا على هذا العمل الشنيع، الذي سبق ان اثار تسونامي من الغضب في العالمين العربي والاسلامي، عندما هدد جونز بعملية الاحراق في ايلول من العام الماضي.
وعندما نقرأ كلام اوباما، الذي وصف عملية الاحراق بانها "عمل ينم عن اقصى درجات عدم التسامح والتعصب"، فان منطق الاشياء يدفعنا الى القول، ان تصريح اوباما ينم هو ايضا، عن اقصى درجات عدم الادراك والمسؤولية السياسية والاخلاقية، حيال مليار و300 مليون من المسلمين في هذا العالم.
كان واضحا من خلال الصور التي نقلتها الوكالات عن جريمة جونز، الذي ينصب نفسه قسا، وهو في الواقع "كاهن الشيطان"، كان واضحا فعلا ان الصندوق الالكتروني الذي جرت عملية الاحراق فوقه يحمل عبارات باللغة العبرية، بما يؤكد ان جونز ليس سوى متآمر صهيوني، يصر على توسيع الهوة بين الغرب المسيحي والاسلامي، بحيث تتأجج نار الصراع بين الحضارتين، بما يخدم اسرائيل والصهيونية.
ولكن اوباما الذي سبق ان خاطب العالم الاسلامي من القاهرة والرياض، بعد تسلمه السلطة في البيت الابيض، بعبارات فخمة ووعود كثيرة بالتغيير، سواء لجهة رفض اسرائيل السلام وسواء لجهة ترتيب العلاقة المتزايدة الحساسية بين اميركا والمسلمين في العالم، اكتفى قبل ايام بهذا التصريح البليد، الذي يخلو من اي فعالية او تأثير، في وقت كانت الاحتجاجات من المتشددين في بعض البلدان الاسلامية، قد وصلت الى حد سفك دماء مسيحيين لا علاقة لهم من قريب او بعيد لا بالصهيونية ولا بقسّها المعتوه تيري جونز.
وعندما يقول قائد القوات الدولية في افغانستان ديفيد بترايوس لصحيفة "وول ستريت جورنال" ان عملية الاحراق البغيضة، اسفرت عن قيام اخطار جديدة للقوات الاميركية في افغانستان، فإنه لا يقدم شيئا جديدا يؤكد وجود معرفة سابقة كان يفترض وجودها في المسؤولين الاميركيين لجهة ردات فعل المسلمين على هذه الجريمة المنكرة.
لا لم يكن الامر مفاجئا. وما وصفه بترايوس بانه عمل استفزازي هو اكثر من ذلك بكثير، وربما كان عليه ان يستعير عقلا مسلما لكي يدرك فداحة العنصرية عند جونز وامثاله.
واذا كان قد سقط اكثر من 32 قتيلا في افغانستان، وعدد آخر خلال اعمال شغب قامت في مزار شريف ردا على جونز، فليس مقبولا قول بترايوس ان هذا يشكل مفاجأة حقيقية، فالعمل المقيت بدأ في اميركا، وابسط المنطق كان يفترض على الادارة الاميركية ان تعتقل جونز وترسله الى غوانتانامو قبل ان ينفذ عمله القبيح.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك