بحذر لافت تلقَّفَ المجتمع الدولي التشكيلة الحكومية الجديدة في لبنان، وأبقت أغلبية الدول الغربية تصنيف شكل علاقتها المستقبلية بحكومة الأكثرية لما بعد البيان الوزاري، ووفقا للإجراءات العملانية التي ستتخذها الحكومة لتثبت استمرار التزام لبنان تطبيق القرارات الدولية، ولا سيما القرار الدولي المتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان.
وفي هذا الإطار كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة امتعاض معظم السفراء، ولا سيما الأوروبيين منهم، من الإجابات الغامضة والضبابية حول المحكمة، ومن دون إهمال ما يتكرّر في العلن عن شقّي المحكمة، الخارجي منه الذي لا يمكن إلغاؤه، والداخلي الذي يجب أن يراعي العدالة والاستقرار معا.
وتنقل المصادر الدبلوماسية عدم ارتياح هؤلاء السفراء، لأنهم لم يتمكّنوا من أخذ جواب صريح في شأن مستقبل تعاطي الحكومة مع ملفي اللواء أشرف ريفي ووسام الحسن، اللذين يركن اليهما لاستكمال التعاون مع المحكمة، وسط معلومات تؤكّد أن ضغوطاً يتعرّض له رئيس الحكومة من قبل الأكثرية الجديدة لإقصاء الرجلين أو أقله، وسام الحسن.
ضغط أوروبي... وأميركي
أبعد من التعبير عن القلق من شكل الحكومة الجديدة، ذهبت الولايات المتحدة الأميركية إلى الفعل، فقد أعدّ الكونغرس الأميركي قرارا مبدئيا، يقضي بتجميد المساعدات العسكرية للبنان. إذ بالنسبة إلى الكونغرس الأميركي والبنتاغون معا، فإنّ حزب الله، الموجود على لائحة الإرهابيين في الإدارة الأميركية، هو مَن يسيطر على الحكومة الجديدة، وبالتالي فإنّ القوى الامنية سوف تأتمر من الحزب، وبالتالي فإن كلّ المساعدات العسكرية ستصبّ عند حزب الله... وهذا ما سمعه وفد عسكري، زار في الأسبوع الماضي الولايات المتحدة الأميركية.
الزيارة الاميركية
حسب المعلومات، أتت زيارة الوفد كجزء من محادثات دورية يجريها لبنان مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول كفرنسا وإيطاليا، بهدف التواصل الدائم.
وتذكر المعلومات أنّ الوفد حاول شرح وجهة نظر لبنان تجاه الاتهامات المساقة ضده لجهة ارتباط مؤسساته الامنية والعسكرية بحزب الله، فأكّد للمسؤولين الأميركيين أنّ الامن الشرعي لن يكون لطائفة أو لفئة حزبية على حساب أخرى، وهذا ما ثبت طوال الفترة الانتقالية الممتدة من حكومة تصريف الأعمال إلى تشكيل الحكومة، في ضبط الوضع ورفض التخريب في الأمن وفقا لقيادة متماسكة. وسمع الأميركيون كلاما واضحا عن أهمية استمرار الدعم للجيش اللبناني تحديداً، لتأمين الاستقرار وللحفاظ على وحدة لبنان، في معزل عن النظرة السياسية للإدارة الأميركية إلى حكومة الأكثرية.
وقال الوفد للأميركيين: "إنَّ مواجهة إسرائيل أمر محتّم، عندما تخرق أراضينا، وسيتم ذلك إذا سلمتمونا السلاح أم لا، فالدفاع عن الأرض أمر مقدّس بالنسبة إلينا".
وشدّد الوفد على دور الجيش في مكافحة الإرهاب، كما فعل في مخيّم نهر البارد، وليس في مكافحة شريحة من الشعب اللبناني، أو جرّ البلاد إلى حرب أهلية. وكان للوفد مآخذ على الإدارة الاميركية، عبَّر عنها في وضوح بقوله: "إنّ المعطيات لديكم مبنيّة على ما ينقل إليكم في إطار التشويش على الدولة اللبنانية، من دون وقائع حقيقية نتيجة زيارات ميدانية إلى لبنان". سمع الأميركيون كثيرا من التفاسير والتبريرات، وسمع الوفد العسكري اللبناني الكثير منها أيضا، وعاد إلى لبنان محققاً نجاحاً في تجميد قرار التجميد، أو، على الأقلّ، في إقناع الإدارة الأميركية بنقل وجهة نظره إلى مجلس الشيوخ، قبل أن يصبح قراره بمعاقبة لبنان، ومن خلاله حزب الله، نافذاً!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك