قد تكون المرة الأولى التي يتحدث فيها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أكثر من مرة واحدة في غضون أقل من شهر واحد، ما يؤشر إلى أنّ الحزب يجد نفسه معنيا بكل تفاصيل المرحلة اذا لم يكن جزءا منها، وذلك بدءا من الحكومة التي يصفها المعارضون بـ"حكومة حزب الله" مرورا بالاحداث السورية وليس انتهاءً بالوضع على الحدود الجنوبية، فضلا عن الاوضاع الامنية التي تحاول إغراق الحزب في متاهات الشارع اللبناني.
في هذا السياق، يقرأ مصدر وزاري في كلمة السيد نصرالله التي تضمنت أربعة محاور اساسية موزعة على الملفات الداخلية والاقليمية والسورية جملة رسائل أقرب إلى التحذيرات منها إلى القراءات أو التمنيات. فعلى صعيد الوضع الداخلي، حذر السيد نصرالله من مغبة اللعب على حبال الامن، مؤكدا أنّ الحكومة ستقلع في النهاية وستحقق الكثير من الأهداف الوطنية في إشارة واضحة إلى أنّ الحكومة الجديدة باتت جزءا من صراع المحاور الذي يعصف بالمنطقة، فضلا عن كونها لبنانية، وذلك في محاولة منه لفصل الجبهة السورية عن المسار اللبناني، لاسيما أنّ الايام القليلة الماضية شهدت نموذجا واضحا لما يمكن أن يكون عليه الشارع اللبناني في حال استمرت تداعيات الازمة السورية ترخي بظلاها على لبنان عموما وشماله خصوصا.
يضيف المصدر أنّ السيد نصرالله أراد من تركيزه على أنّ الوضع الامني ما زال في دائرة الضبط الاشارة إلى أنّ الحزب لا يرغب بالدخول في زواريب السياسية المحلية التي قد تقوده إلى الشارع، وبالتالي التأكيد بان دائرة عمله الامني تقتصر على الجنوب، وعلى مواجهة اسرائيل سياسيا وعسكريا واستخباراتيا.
اما بالنسبة للمحور الثاني، أي إعلان الحرب الاستخبارية على الولايات المتحدة، فإنّ الأمين العام لـ"حزب الله" أراد إبلاغ واشنطن أنه مستمر في المواجهة مهما كانت موازين القوى التي يعرف السيد نصرالله جيدا كيف يعادلها من خلال الحرب النفسية التي بات يجيدها بشكل لافت، فضلا عن رسالة موجهة إلى قيادات الحزب مفادها أنّ دائرة القيادة مقفلة بالكاملة ومحصنة بما فيه الكفاية، وبالتالي فان الغلط "ممنوع" مهما كانت الاسباب والظروف لاسيما أنّ الحزب يقود حربا سياسية شرسة لا سبيل للخروج منها الا بانتصار كامل او خسارة نهائية.
غير أنّ الرسالة الاشد تعبيرا هي باتجاه اسرائيل عبر الرد على المناورات المستمرة منذ عدة ايام، وهي التي قد تكون الدافع الاول لكلمة السيد نصرالله، بحيث هدد بأنّ أي حرب مستقبلية لن تنتهي في غضون ايام ولا اسابيع، بل قد تستمر أشهراً عدة، بما لا طاقة لاسرائيل على احتماله، وبكلمة اوضح فان السيد نصرالله استبعد الحرب الشاملة من غير أن يستبعد الحرب الامنية او الباردة اذا ما جاز التعبير.
وفي الشأن السوري يرى المصدر ان الحزب حدد بشكل قاطع موقفه من الاحداث الجارية هناك، وهو موقف مساند بكل ما للكلمة من معنى، بحيث لا يقتصر على الدعم الكلامي او الاعلامي، بل سيتعداه إلى ابعد من ذلك بكثير في حال دعت الحاجة، كما اكد وقوفه بشكل نهائي إلى جانب المحور السوري الايراني الذي لن يقف متفرجا في حال تخطي الخطوط الحمراء.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك