في 14 آذار انتظار للساعة الصفر. وهذه الساعة هي لحظة إعلان البيان الوزاري.
عندئذ، ستبدأ 14 آذار تنفيذ الشق المتعلق بإطلاق ماكينتها البرلمانية المعارضة. وهي تقول إنها صمّمت على ان تكون حركتها مدوّية، وفي مستوى التحدي الذي تفرضه المرحلة، في عقر دار الرئيس نبيه بري.
14 آذار في صدد الإفادة من كتلة نيابية تضمّ ستين نائبا، أي ان حجمها لا يقلّ كثيرا عن حجم الكتلة المسمّاة "الاكثرية الجديدة". وترى انها تشكل للمرة الاولى الكتلتين الدستورية والوطنية، كتلة متراصّة وعابرة للطوائف، على رغم شمولها الغالبية الساحقة من التمثيل النيابي السني (24 نائبا) من اصل 27)، ومستوى عاليا من التمثيل المسيحي.
لقاء في "البريستول"
هذه الكتلة، وفقا لمصادر رفيعة في 14 آذار، ستظهر فور صدور البيان الوزاري، وتعلن عن نفسها في اجتماع تقرّر عقده في البريستول، يتوزّع المشاركون فيه النقاط التي سيتولى كل نائب طرحها في مداخلته خلال جلسة الثقة. وهي ستتناول المسائل الداخلية الساخنة كافة، ولا سيما عملية بناء الدولة والسلاح ومرجعية الطائف وقرارات الشرعية الدولية بمجملها، اي من القرار 1559 الى القرار 1757 الخاص بالمحكمة الدولية، مرورا بالقرار 1701.
مداولات "الرفاق" تأرجحت: هل تكون مداخلة واحدة في جلسة الثقة يلقيها نائب باسم 14 آذار، أم يكون عدد المداخلات محدودا بأربع او خمس باسم هذا الفريق؟ لكنّ الاتجاه مال أخيراً الى خيار المداخلات الوافرة، والتي تتيح المجال للعديد من نواب 14 آذار ان يطرحوا أفكارهم ويضفوا على الجلسة جوّا تريد قوى المعارضة خَلقه في الجلسة.
ووفق المصادر، ثمّة تداول في ما إذا كانت المداخلات ستتطرق الى موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي "يعانق اليوم موقف العماد ميشال عون"، كما يرى العديد من أقطاب هذا الفريق.
ويتوقع بعض أوساط 14 آذار ان يقوم عدد من نواب الكتلة، خلال الجلسة، بالتوجّه الى الفريق الذي أدّى انقلابه الى إسقاط الحكومة، ويحملوه مسؤولية الوصول الى المأزق.
"فالأكثرية الحالية مسروقة"، وهي تشكّلت من 8 آذار وقوى وصلت الى المجلس النيابي بأصوات قواعد 14 آذار. ولذلك سيقوم نواب 14 آذار في الجلسة بوضع "الرفاق السابقين" أمام التحدي: اذا تقدمتم باستقالاتكم اليوم، فهل ستحظون مجددا بثقة هذه القواعد؟
تصويت أم انسحاب؟
تكشف المصادر ان البحث مستمر في داخل الفريق للاتفاق على خطة موحدة تتعاطى الكتلة من خلالها مع جلسة الثقة. وهي إذ قررت المشاركة فيها بالتأكيد، تدرس إمكان الاتجاه الى احد احتمالين: الأول هو المشاركة وحجب الثقة في طريقة مدوّية وفاعلة، بحيث يسمع الرأي العام 60 عبارة "لا ثقة". والثاني هو المشاركة والخروج من القاعة بعد انتهاء المناقشة المدوية للحكومة وبيانها الوزاري، بحيث يكون الانسحاب تعبيرا رمزيا امام الرأي العام عن رفض الاعتراف بهذه الحكومة التي تمّ صنعها تحت الضغط الداخلي والخارجي، وليس من خلال ممارسة ديمقراطية.
في أي حال، يتمّ التحضير لتكليف العديد من النواب، كلّ في الشأن الذي يمتلك فيه الخبرة، توَلّي المداخلات التي جرى تحضيرها في دقة وعناية. ومن المفترض ان تصل الى الرأي العام مباشرة، لأنّ الجلسة تنقل وقائعها عبر وسائل الاعلام.
في رعاية السنيورة
وبعد ذلك، ستقوم الكتلة بدور المحاسبة من خلال النشاطات البرلمانية كافة، ولا سيما داخل اللجان النيابية، حيث ستتولى كشف التجاوزات التي ارتكبها أطراف السلة الحالية في مراحل سابقة.
وتوضح المصادر ان الكتلة ستكون معنويا في رعاية الرئيس فؤاد السنيورة الذي يحظى بموقع لدى مكوّنات 14 آذار كافة، وهو سيضع في تصرف هذه الكتلة ما يمتلك من مواد، لتنظيم معارضة برلمانية حديثة وفعّالة تستفيد من "أرشيف" السنيورة الغني بالتجارب والمعلومات والأسرار منذ العام 1992.
في قيادة 14 آذار تفاؤل بأنّ المعركة ستنتهي بالانتصار، وبان الوسائل السلمية والديمقراطية تحت سقف المؤسسات والقانون كفيلة بتحقيق ذلك. فما من معارضة تتحرك في دول الربيع العربي وفي رصيدها 60 نائبا من اصل 128، أي قرابة النصف، وفي أي حال ما قيمة البرلمانات في هذه الدول؟!
كما ان تجربة "قرنة شهوان" نجحت بـ7 نواب من اصل 128 في تحريك الرأي العام والتحضير لـ "ثورة الارز" في ظروف اشد قساوة وآفاق كانت تبدو للكثيرين، يومذاك، مسدودة وفي غياب المروحة المتنوعة طائفيا ومذهبيا.
ولذلك، فإنّ 14 آذار تعتقد انها في صدد المرحلة الاخيرة من الوصول الى أهداف "ثورة الأرز"، والمسألة فقط.. مسألة وقت!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك