كتب نادر حجاز في موقع mtv:
"أستودع الله سبحانه وتعالى هذا البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيب"، بهذه الكلمات بدأ الرئيس سعد الحريري العام 2022، معلناً في شهر كانون الثاني الماضي مقاطعة الانتخابات النيابية التي أُجريت في 15 أيار، لا بل أكثر من ذلك، تعليق العمل السياسي لتيار المستقبل بشكل كامل.
التزم الحريري بقراره وغاب بشكل كامل عن المشهد اللبناني الداخلي، لا سيما بعد ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث زار الضريح وغادره صامتاً من دون الادلاء بأي تصريح.
عودة سريعة الى حساب الحريري الرسمي عبر "تويتر" في الأشهر الماضية تبدو كافية، فالرجل لم يعلن أي موقف سياسي، باستنثاء بيان في شهر تموز أعاد فيه تأكيد مقاطعته العمل السياسي. وأما التغريدات الأخرى، فتوزعت ما بين التهنئة بالأعياد، أو تهنئة صديقه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بإعادة انتخابه رئيساً. فلم يغب الحريري مثلاً عن فوز فرقة "ميّاس" أو تأهل منتخب لبنان في كرة السلة الى كأس العالم أو فوز منتخب المغرب في المونديال. الحاضرون الدائمون كانوا الشهداء في ذكراهم السنوية، من كمال جنبلاط وحسن خالد ورشيد كرامي، مروراً بشهداء ثورة الأرز، وصولاً الى لقمان سليم، وشهداء الرابع من آب، مستحضراً البطريرك مار نصرالله بطرس صفير في ذكراه، كما لم ينس أن يغرّد في السابع من أيار الذي تجنّب التعليق عليه في السنوات الأخيرة، كاتباً: "7 أيار يوم أسود.. لن ننسى".
لم يعلّق الحريري طوال العام المنصرم على حدث داخلي أو استحقاق سياسي، باستثناء نعي كل من رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، النائب فريد مكاري وراجح خوري وميشال مكتف. ويكاد يكون نشاطه السياسي الوحيد هذا العام هو زيارته للرئيس التركي رجب الطيب اردوغان في أنقرة في 28 تشرين الأول، والذي حُمّل في البداية أكثر مما يحتمل وإذ به جاء لأسباب تجارية تتعلّق بأعمال الحريري ليس أكثر.
كثرت المواعيد التي ضُربت لعودة الحريري هذا العام، قيل إنه سيعود بعد الانتخابات، أو بعد عيد الفطر، أو في المؤتمر العام الثالث لتيار المستقبل في أيلول أو بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون الذي كان السبب المباشر ربما لاتخاذه قرار الانكفاء بعد محاولاته الكثيرة التي باءت بالفشل واعتذاره عن تشكيل الحكومة في تموز 2021، ليتحوّل موقف الحريري ابتعاداً كاملاً عن الساحة السياسية.
هذه المواعيد لم تصدق، ومضى عامٌ كامل من دون سعد الحريري... فهل سيعود في العام 2023؟
أشار النائب السابق عاصم عراجي الى أن عودة الحريري عن قراره بتعليق عمله السياسي تعود له شخصياً، مستطرداً بالقول: "لكنه في الوقت الحاضر لن يعود"، مضيفاً: "لم يتغيّر حتى الآن أي شيء في البلد، والأوضاع من سيء الى أسوأ. والحريري غادر لأنه اعتبر أنه غير قادر على تغيير الواقع السياسي الموجود، ولا على تغيير توجهات حزب الله الذي يملك جيشه وتطلعاته واستراتيجيته. فكل الأسباب التي كانت عشية قرار الحريري لا تزال قائمة، لذلك لا أرى عودة له الى لبنان حالياً".
وعمّا اذا كان ينتظر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، قال عراجي في حديث لموقع mtv: "إذا انتخبنا رئيساً جديداً بقي مربوطاً من قبل الأحزاب وبقي البلد مكانه، فماذا سيتغيّر؟".
ولكن طالما قوة حزب الله لا مؤشرات على تراجعها وضعفها في المدى المنظور، هل يكون الحريري قد اتخذ قراراً بإقفال بيته السياسي؟ يجب عراجي: "الرئيس الحريري أكد لي مراراً أنه ليس بهذا الوارد، لكنه ينتظر الظروف التي تسمح له بالحركة سياسياً"، معتبراً أن الطائفة السنية تضعضعت بعد غياب الحريري.
وفيما جدّد عراجي ربطه عودة الحريري بانتفاء الأسباب التي دفعته لاتخاذ قراره بتعليق عمله السياسي، أكد أن تيار المستقبل بدوره ملتزم أيضاً بتجميد كل نشاطاته على مختلف المستويات.
ينطوي العام 2022 على استمرار إقفال بيت الوسط، ومن دون أي مؤشرات توحي بأن العمل السياسي يأخذ حيّزاً من أولويات الحريري المنشغل بأعماله الخاصة في أبو ظبي في المدى القريب على الأقلّ. ولكن السؤال الأهم، هل أن الحريري طوى الصفحة السياسية في حياته الى غير رجعة؟ وإلا ماذا ينتظر إذاً؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك