كتب كميل بو روفايل في موقع mtv:
تفرغ الإدارات العامة من كفاءاتها، فالأزمة الاقتصادية الخانقة لم توفّر موظفي القطاع العام، بخاصة الأكفاء منهم، من الهجرة بحثاً عن فرصة أفضل.
وفي مسح قام به معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، واطلع عليه موقع mtv تبيّن أنّ 44 في المئة من الإدارات والمؤسسات العامة لا يمكنها الاستمرار في تقديم الخدمات لأكثر من 6 أشهر.
واللافت في الأرقام الكارثية أيضاً أنّ 55,8 في المئة من المؤسسات ذكرت أنّ هناك عدداً كبيراً من الموظفين الذين طلبوا إجازات من دون راتب منذ العام 2019 و42,1 في المئة من الموظفين طلبوا إجازات من أكثر من 3 أشهر.
وفي المعلومات، أنّه ضمن القطاع الصحي الحكومي حصلت هجرة كبيرة والكثير من الأطباء غادروا، وفي 36 في المئة من المؤسسات غادر أكثر من 30 في المئة من الأطباء.
يعاني القطاع الزراعي بدوره من الهجرة الكبيرة للمهندسين والتقنيين الذين غادروا لبنان وتقريباً في 38 في المئة من الإدارات الزراعية هناك بين 10 و30 في المئة من الكادر المتخصص الذي غادر.
وضمن مصالح المياه في 60 في المئة من المؤسسات التي جاوبت هناك بين 10 إلى 30 في المئة من الموظفين الذين طلبوا استيداع أو إجازة من دون راتب.
فما هو دور الحكومة في لجم هذا التدهور الحادّ في الإدارات والمؤسسات العامة؟
تجيب رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لمياء مبيّض على هذا السؤال قائلةً إنّ "الدلائل على عدم الجديّة في التعاطي مع هذا الملف كثيرة، فلا تستعين اللجنة الوزارية التي تدرس أثر الأزمة على القطاع العام بأيّ من الدراسات والإحصاءات التي يصدرها معهد باسل فليحان، وآخرها التقرير المذهل حول أثر هذه الأزمة".
وتضيف مبيّض، في حديث لموقع الـmtv، أنّ "اللجنة الوزارية لا تستمع لآراء الخبراء اللبنانيين في هذا المجال علماً أنّ الكثيرين منهم يُستعان بهم دوليّا، ولأنّ الحوار يقتصر على الوزراء وبعض المسؤولين عوض أن ينظّم حوار واسع يشارك فيه القطاع العام ككلّ وليس بعضه من موظفين ومتعاقدين وأجراء ومياومين وغيرهم، بواسطة ممثليهم المنتخبين".
وتكشف أنّ "نحو ٦٠ في المئة من أفضل الخبرات التي عملنا على تدريبها في المعهد هَجَرَت الدولة أو بصدد الهجرة"، معتبرةً أنّ "الخطير في هذه الأزمة المؤسساتية أبعد بكثير مما ندركه: فكلّ ما حصّلناه من تقدّم على مسار التنمية المستدامة سوف ينعكس تراجعاً بسبب تراجع المؤسسات مثل مؤشرات التعليم والصحّة، إضافةً إلى زيادة كبيرة للفساد، فثمن الخدمة العامة يطلبه ويقبضه الموظف بدل عن ضائع من المواطن الذي لا حول له ولا قوّة. وكذلك إضعاف هيبة الدولة وانكسارها أمام الرأي العام والمجتمع الدولي".
وتعتبر مبيّض أنّه "ما من أحد يريد إنقاذ المؤسسات، ولا حتى المجتمع الدولي جدّي بذلك"، ولفتت إلى أننا "نحتاج ما بين ٢٠ إلى ٣٠ سنة لاستعادة فعالية المؤسسات عندما تنهار. ولا يبدو في الافق من يدرك ثمن الاستهتار وغياب العلم والعلماء عن مستقبل البلاد!".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك