تدور الدوائر السياسية في لبنان حول محورين اثنين: الاول استمرار القصف السوري جوا وبرا للمناطق الحدودية اللبنانية، والثاني حجم وعدد الدوائر في قانون الانتخابات المطروح اعتماده، وسط تعدد الانتماءات والاهداف والمصالح الطائفية والمذهبية المتغلغلة في نفوس اولي الامر في المرحلة اللبنانية الراهنة.
ويجنح البعض الى الاعتقاد ان العقبات المتدفقة في طريق التفاهم على هذا القانون، تعكس غايات ونوايا هادفة الى قتل الوقت وصولا الى فرض قانون 1960 المعمول به، بحكم الضرورة المطلقة.
حزب الله في طليعة من يقولون هذا القول، وقد اتهم احد نوابه حسن فضل الله المعارضة بادارة لعبة تقطيع الوقت، تمهيدا لفرض هذا القانون كأمر واقع، عله يكسبها معادلة السلطة بعد هجرة وضياع.
وتقول اذاعة «النور» ان الدراسات التي اعدها خبراء تشير الى ان مشروع الخمسين دائرة الذي قدمته 14 آذار دونه ثغرات كثيرة ولا يؤمّن للمسيحيين اكثر من 50 نائبا من اصل 64 نائبا بأصوات مسيحية صرفة، في احسن الحالات.
وبالمقابل قالت الاذاعة الناطقة بلسان حزب الله ان الدراسات اظهرت ان مشروع الـ 13 دائرة مع النسبية الذي كانت «لجنة بكركي» اعدته وتوافقت عليه يعطي في حال اعتماده 54 نائبا مسيحيا بأصوات المسيحيين.
المطارنة اعلنوا «لا» كبيرة للابقاء على قانون 1960 الانتخابي، لكن النقاشات بين الاطراف السياسية المختلفة لا تنبئ بامكانية التوصل الى قانون آخر فمشروع اللقاء الارثوذكسي يصطدم برفض القوى غير المسيحية ومشروع 14 آذار والقوات اللبنانية الداعي للدوائر الصغرى رفضه النائب وليد جنبلاط، بل اطلق عليه رصاصة الرحمة كما يبدو، وسط تصفيق التيار الوطني الحر الذي بارك للمشروع الحكومي الذي يوزع لبنان على 13 دائرة انتخابية مختلطة طائفيا بما يسمح للتيار بالاستفادة من الصوت الشيعي في بعض الدوائر المسيحية.
هذا الوضع استدعى اجتماعا طارئا للجنة بكركي المؤلفة من الفعاليات المسيحية بناء على دعوة البطريرك بشارة الراعي، التي تبنت بيان مجلس المطارنة برفض القانون الحالي للانتخابات الصادر عام 1960 قطعيا، لانه لا يؤمن التمثيل المسيحي الصحيح.
قوى 14 آذار ترى ان هذا الموقف من القانون المعمول به منذ 52 عاما، يهدد مبدأ الانصهار الوطني، ويهدد ما تبقى من اتفاق الطائف نفسه، من خلال تحويل التعايش الوطني والانصهار الى مجرد شركة مساهمة يتهدد وجودها عند اول خلاف او اهتزاز. وتقول مصادر 14 آذار ان الاستناد الى المادة 24 من الدستور لا يأتي في مكانه الصحيح في سياق بيان بكركي، ذلك انها تحدثت عن ثلاثة قواعد لتوزيع المقاعد النيابية بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين ونسبيا بين الطوائف والمناطق، وذلك بانتظار وضع قانون انتخاب خارج القيد الطائفي.
وقالت المصدر ان الدوائر الصغرى لا يمكن أن تنسجم مع منطلقات «الطائف».
هذه المستجدات سيبحثها مجلس الوزراء في اجتماع الأربعاء في السراي الكبير إلى جانب 82 ملفاً آخر.
غير أن الوزير وائل أبوفاعور أكد لـ «الأنباء» ان جبهة النضال الوطني التي يرأسها وليد جنبلاط مع قانون الستين، لأن الصيغ التي قدمت ليست أفضل منه، خاصة ان بعضها يتضمن المزيد من الايغال في التقسيمات الطائفية.
على عكسه رئيس القوات اللبنانية د.سمير جعجع رأى ان قانون الستين مجحف ويجب تطويره، واصفا اياه بأعطل العاطل، وملوحا بالذهاب الى مشروع الحكومة القائل بالدوائر الثلاث عشرة، مع النسبية، في حال تمسك فريق ما بقانون الستين.
في هذا الوقت، لم يتوقف القصف الجوي والمدفعي السوري على الأراضي اللبناني الحدودية، في الوقت الذي كان فيه الرئيس سليمان يشدد من بعبدا، أمام سفراء الدول الأوروبية على وجوب وقف القصف السوري على لبنان والذي استهدف القرى الواقعة على الضفة اللبنانية من النهر الشمالي الكبير.
ودعا سليمان الى تزويد الجيش بالسلاح للدفاع عن الحدود اللبنانية.
رئيس الحكومة العائد من الأمم المتحدة كرر هذا القول اثناء استقباله السفراء الأوربيين أمس.
السفراء أعينهم زاروا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أبدى تخوفه من تداعيات استمرار الأزمة السورية على لبنان ودول الجوار.
السفراء الأوروبيون التقوا رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة في بيت الوسط، حيث لفتهم الى انه فيما يغرق النظام في سورية فإنه يحاول ان يغرق لبنان معه.
واعتبر السنيورة ان التسجيلات في قضية الوزير السابق ميشال سماحة ليست إدانة لرأس المخابرات في سورية بل لرئيس النظام السوري نفسه على الأرجح.
وأضاف: اننا نتفهم ونقدر ونشارككم قلقكم وقلق المجتمع الدولي حيال الاستقرار في لبنان لكن الاستقرار لا ينبغي ان يتحول الى غطاء للإمساك بالبلاد وتحويلها الى رهينة في صراع اوسع واكثر تعقيدا. وقال: لقد سوقت الحكومة اللبنانية نفسها على انها مفتاح الاستقرار في لبنان، في الوقت الذي تتم فيه تغييرات كبيرة في العالم العربي لاسيما في سورية.
وتابع يقول: ان قوى 14 آذار ضد اي هجوم على ايران، ونحن ضد استعمال بلدنا كساحة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك