"الراي الكويتية":
لم يكن أحد يتوقّع أن تكبر المشكلة الأمنية في 14 تشرين الأول 2021 إلى هذا الحد، وتكبر لائحة الضحايا والموقوفين، لكن الجميع يعرفون منذ ليل الاثنين على الأقل ان «القوات» مستعدة أمنياً في عين الرمانة.
لم تنسحب «امل»، بل هي حققتْ ربحاً صافياً في شارعها واستعادتْ جمهوراً كان يحاسبها أحياناً لاختيار شخصيات عليها علامات استفهام، لكنه بدا في معركة الخميس أقرب إليها من أي وقت. ولم تنسحب «القوات» كذلك، لأن كلاهما يستثمر في لعبة الشارعـ وهو ما ربحا به في شارعيهما.
«القوات» استعادت العَصَب المسيحي بقوة في وجه كل الأحزاب المسيحية الأخرى، بدءاً من «التيار الوطني الحر» وظهرت وكأنها وحدها «أم الصبي» في معركة المرفأ ومواجهة حزب الله.
ولـ «القوات» حساباتها في لبنان والعالم العربي. حساباتها الخاصة انها حاولت استباق معركة تطويقها وإلصاق تهمة النيترات البقاعية بها وربْطها بالمرفأ، والضخ السياسي بما يشبه أيام اعتقال الدكتور سمير جعجع بعد تفجير كنيسة سيدة النجاة، وهي وقفتْ في وجه الحزب الذي «اجتاح» بيروت عام 2008. وما لم يَقُم به تيار «المستقبل» قامتْ به «القوات» التي تصدّت لمَن يريد «غزو» عين الرمانة، وهذا تضعه في رصيدها مسيحياً في وجه الكتائب والتيار الحر قبل أشهر قليلة من الانتخابات. وهي حصدت في الساعات الأخيرة تفوقاً ملموساً في الشارع المسيحي.
أما عربياً فـ «القوات» أصبحت مَن واجه «حزب الله» الذي يريد أن «يسيطر» على لبنان، وكل ذلك في ميزان دقيق تستثمره عربياً في ان تكون القوة الصاعدة في وجه مشروع «إحكام قبضة ايران».
لكن النتيجة التي خلص اليها الطرفان هي أن التهدئة السياسية لا علاقة لها بالخسائر الكثيرة التي وقعت، بشرياً وسياسياً، لأن هناك خاسرون، كما هناك رابحون. الخاسرون هم الذين احتُجزوا لساعات بين نيران طرفيْن سيجلسان جنباً الى جنب في المجلس النيابي على الأقل حتى الانتخابات المقبلة، وهم الذين استعادوا في ساعات قليلة سنوات الحرب الطويلة. والخاسرون ايضاً هم قوى سياسية أساسية في لائحة طويلة، من العهد والتيار الوطني الحر وحزب الله، وكل واحد منهم تبدو خسارته نسبية قياساً إلى الأمر الواقع الذي فُرض مجدداً. وقد تكون قضية المرفأ على طريقها لتصبح ورقة مساومة، كي لا يقال خاسرة، على مذبح التهدئة الداخلية وسحب فتيل «الحرب».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك