جاء في "المركزية":
في لبنان من غير المشروع محاسبة المتسببين بأحد أكبر الانفجارات غير النووية تاريخياً حول العالم. وفي لبنان أيضاً يشعّل المتهم الشارع ويعيده إلى أيام الحرب الأهلية، اعتراضاً على عدم انصياع السلطة القضائية إلى رغباته. فبعد أكثر من سنة على الفراغ في السلطة التنفيذية والمصائب المنهمرة على البلد من كل صوب، ما لبثت أن مرّت أسابيع على تشكيل الحكومة لتبدأ بعض الإيجابية تلوح في الأفق ويتسمك اللبنانيون بطرف أمل شبه معدوم، حتّى وصل التأزّم السياسي إلى ذروته بسبب الخلاف على تحقيقات انفجار مرفأ بيروت وترجم ذلك توتراً أمنياً مع استعادة الدولار تحليقه الجنوني. فكيف يمكن للتطورات الأخيرة أن تنعكس على الوضع الاقتصادي المهترئ أساساً؟
رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل أكّد لـ"المركزية" أن "الوضع الاقتصادي مرتبط بالثقة وهي بدورها مرتبطة بالاستقرار السياسي، على اعتبار أنه أحد العوامل الأساسية المؤثرة عليها. عندما تشكلت الحكومة لاحظنا كيف تحسنت الأجواء وخلق بعض الأمل باتخاذ إجراءات إصلاحية على الأرض، وانطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بناءً عليه شهد سعر صرف الدولار تراجعاً".
ولفت إلى أن "الأزمة التي نشبت منذ سنتين هي أزمة ثقة، بدأت أواخر سنة 2017 وتراكمت لتتوسع تدريجاً وصولاً إلى انفجارها في أيلول 2019. ونتج عن ذلك تباطؤ في تدفق الأموال إلى لبنان وبعدها إلى تراجعها ابتداءً من أيلول 2019 بشكل حاد، ما أدّى إلى شح السيولة في السوق اللبنانية وظهور سوق موازية لسعر صرف الدولار للمرة الأولى منذ 25 سنة".
وتابع غبريل "عامل الثقة أساسي، وما من شكّ في أن التوترات التي يشهدها الشارع لها تداعياتها السلبية. حتى أن الحكومة أرجأت اجتماعاتها مرتين ولا بد من أن يؤخر ذلك وضع الخطة الإنقاذية وبدء المحادثات مع صندوق النقد".
وتمنى على الطبقة السياسية "تلقف الفرصة الموجودة من دون هدرها للوصول إلى مسار إصلاحي واتفاق تمويلي إصلاحي مع صندوق النقد، عوض ما يحصل اليوم من مواجهات مسلّحة. وإن كان هناك من خلافات فالمرجو حلّها ضمن إطار المؤسسات الشرعية لا في الشارع، كون هذا يؤثر مباشرةً على الثقة وعلى النظرة المستقبلية للعملية الإصلاحية على المدى القصير، حتى ولو اقتصرت التوترات على ما حصل اليوم فلها انعكاسات سلبية على الثقة".
وختم غبريل "الأهمّ أن تعطى الأولوية للشؤون الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية واتخاذ قرارات سياسية لخدمة الأولويات هذه لا العكس، إذ يقع الاقتصاد ومعيشة المواطن وقدرته الشرائية ضحية التجاذبات السياسية، والجميع يعرف إلى أين وصل البلد بعد 13 شهرا من الفراغ الحكومي والشلل المؤسساتي".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك