كيف استعدت وزارة الداخلية وجهزت اجهزة الامن التابعة لها؟ وما هي الاجراءات الأمنية التي اتخذتها لحماية زيارة البابا للبنان في ظل ما تشهده المنطقة ومعها لبنان من فلتان أمني يكاد يلامس حد الفوضى؟ وهل ان ما اتخذ من اجراءات ميدانية يؤمن أمن زيارة البابا مئة في المئة؟
اسئلة وجهتها "النهار" الى وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، فأجاب ان "الاجراءات الأمنية اتخذت على أساس ان قداسة البابا هو، اضافة الى لقبه الروحي، يحمل صفة رئيس دولة الفاتيكان، وبالتالي تحضر لبنان حكومة وشعباً لاستقباله. اما اعلان تفاصيل الاجراءات الامنية التي اتخذت لحمايته فغير محبذ، فلا احد يتخذ اي اجراء امني احترازي لحماية شخصية ويعلن عنه اعلامياً، بل تبقى الاجراءات طي الكتمان لضمان نجاح المهمة، لكن في مقدورنا ان نطمئن في المقابل الى ان كل الاجهزة الأمنية وفي مقدمها الجيش ولواء الحرس الجمهوري اتخذت الاحتياطات الكاملة، ووضعت خططاً منسقة لحماية موكب البابا وتنقلاته ومقار اقامته، وأهم ما في هذا المضمار هو تأمين الحماية للبابا اثناء تنقلاته على الطرق، ولكل جهاز امني دوره المحدد في عملية الحماية، والادوار موزعة على كل الاجهزة ومنسقة بدقة ليتولى كل جهاز دوراً معيناً في عملية الحماية".
وبلباقة يتملص الوزير شربل من الاجابة عن سؤال يتعلق بالادوار المنوطة بكل جهاز من هذه الاجهزة، ويقول: "يمكنني ان اطمئن البابا نفسه، كما اطمئن كل المهتمين في لبنان والفاتيكان والعالم أن أمن البابا محفوظ بالشكل الذي يجب ان يكون عليه واكثر، والمعنيون بأمن الفاتيكان انفسهم يعرفون ذلك جيداً، وقد ارسلوا الينا وفداً أمنياً ينسق مع اجهزتنا، وهو مطلع على الخطط الخاصة بالزيارة، ويعمل مع اجهزتنا الأمنية على تأمين كل التفاصيل الصغيرة، ولا اخفي اننا جهزنا انفسنا للتعامل مع كل الافتراضات والسيناريوات حتى السيئة منها لا سمح الله".
ويكشف شربل لـ"النهار" ان غرفة عمليات انشئت لهذه الغاية تضم كل الاجهزة الامنية وتنعقد لدى قيادة لواء الحرس الجمهوري باعتباره المولج حماية البابا ومواكبة تحركاته وحمايته، وتتولى الغرفة توزيع الادوار والتنسيق الامني خلال الزيارة". ويعطي مثالاً على أهمية غرفة العمليات المشتركة في توزيع الادوار أمنياً بالقول: "خلال تنقل قداسته يمكن ممثل قوى الامن في الغرفة ان يوعز الى شرطة السير بفتح الطرق المحددة وتأمينها لمرور موكبه بسرعة، مما يساعد في تأمين الامن والحماية للموكب، وفي الامكان القياس على ذلك، كما ان الاجهزة التابعة لوزارة الداخلية تتولى تأمين الدوريات المدنية التي تسبق الموكب الى المكان المقصود وتستطلع امنياً. هناك تفاصيل كثيرة لا يمكننا الكشف عنها لطابعها الأمني".
ألا يخشى شربل دخول طابور خامس او جهة مندسة على خط زيارة البابا في الظروف الامنية المعقدة في هذه المرحلة لتفشيل الزيارة او اعطاء صورة سيئة عن لبنان؟ يجيب: "بالطبع لا. لن يحدث ذلك أبداً. نحن اتخذنا كل الاحتياطات ودرسنا الوضع الامني جيداً ولذلك أطمئن وأؤكد ان أمن البابا محفوظ في لبنان وحمايته مؤمنة حيثما توجه، وثمة دوريات سباقة الى كل مكان يقصده".
ويؤكد شربل ان الاجراءات الامنية المواكبة لزيارة البابا "لم يسبق ان اتخذت في اي خطة لحماية اي رئيس دولة زار لبنان، نظراً الى حساسية الظروف الراهنة"، ويشدد لكل معني ومهتم على أن اجراءات حماية البابا هي من أفضل ما يكون، ولن تشوب الزيارة اي شائبة أمنياً.
يحاول شربل ان يبعد سائليه حتى عن فرضية تعرض البابا لسوء "لا سمح الله" بالتأكيد على ان المعلومات المتوافرة تشير الى ان معظم الفاعليات والقوى وكل الطوائف اللبنانية مكبة على تنظيم الاستقبالات الشعبية له على كل الطرق التي سيمر بها بدءاً من طريق المطار حيث يقام له استقبال "شيعي" حافل، و"حتى اجهزة الدولة ستشارك في احتفالات الاستقبال، اذ قررنا اشراك 30 حصانا لقوى الأمن الداخلي في الاحتفالات الفولكلورية، تواكبه لدى دخوله القصر الجمهوري، وما الى ذلك".
وفي تقييمه لابعاد الزيارة، يعتبر شربل ان اصرار البابا على المجيء الى لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها ما هو إلا لرفع معنويات الشعب اللبناني والدولة اللبنانية، وليقول للجميع إن دولة الفاتيكان، بما تمثل من تأثير معنوي على دول العالم، تقف بجانب الشعب اللبناني.
والبابا مصر على ان يزور لبنان لاراحة الشعب اللبناني بكل طوائفه وليقول له "لا تخف مما يحدث". وثمة رسالة بلا شك من زيارته" فهو آت ليوقع سينودس ويقول لكل من يهمه الأمر: ممنوع ان يمد احد يده على لبنان فهو بلد التعايش وبلد الاستقرار".
وهل سيكون لزيارته وقع على المستوى الاقليمي والدولي؟ يرى شربل ان البابا يأمل في كل تصريحاته في ان تستقر الأمور في سوريا اليوم قبل غد لأن أي خلل في سوريا ستكون له ارتدادات على لبنان وعلينا اصعب مما يحدث في سوريا، والمخيف في الأمر ان ينتهي العنف غداً في سوريا ويبدأ عندنا. ففي سوريا جاء من يقول لهم توقفوا اما عندنا فلا اعرف اذا كان احد سيتدخل في التهدئة. وليس هناك من يفكر بنا اليوم، لذلك نحن نشكر البابا الآتي الينا الآن ليقول نحن نفكر بكم".
وكم يمكن ان يفيد لبنان من زيارة البابا على المستويات الأخرى؟ يرى شربل ان "الافادة على جميع المستويات، فالزيارة هي اولاً رسالة الى من قرروا عدم تمضية الصيف في لبنان، فحواها ان هذه البلاد مستقرة وآمنة، والدليل أنني، البابا، متوجه اليه. وعلى المستويات الاخرى يمكن ان تكون الرسالة للجميع بأن لبنان بلد التعايش والنموذج لكل العالم وليس مسموحاً لاحد بمد يده اليه".
وماذا يفيد المسيحيين من هذه الزيارة؟ يجيب: "طبعاً ترفع الزيارة معنويات مسيحيي الشرق، ولا سيما الهاربين من العراق وسوريا، فهو يقول لهم عودوا الى بلدانكم ولستم متروكين من حكوماتكم، ولن تترككم الانظمة الجديدة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك