كتبت صحيفة "النهار": اجتاح المدنيون، امس، ارض مطار قاعدة رياق الجوية، صعدوا الى الطائرات، ولوحوا منها، لكنهم لم يقلعوا. قاعدة رياق الجوية فتحت الاحد، امام المدنيين، وليس مدنيا. ليوم واحد طغت الوان الزي المدني على اخضر البزة العسكرية لمناسبة عيد القوات الجوية، فاستمتع افراد العائلات التي شاركت نسور الجو الاحتفال بعيدهم، بيوم ترفيهي، تابعوا خلاله وثائقيا عن تاريخ القوات الجوية ومهماتها، تفرجوا على الطائرات والمروحيات الجاثمة على أرض المطار، التقطوا فيها ولها الصور، وشاهدوا عروضا جوية حية. لتعود بعدها قاعدة رياق الجوية هانئة الى حصرية العسكر، بمنأى عن كل الضجة القائمة حاليا حول استخدام مطار القليعات للملاحة المدنية.
سريعا أخرج مطار رياق من التداول، يوم أعادت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي البحث في كانون الثاني الفائت، بامكانية استخدامه ومطار القليعات لاغراض مدنية، وتكليف لجنة فنية بالكشف عليهما. فتوجه وزير الاشغال العامة غازي العريضي، الى مطار القليعات لدرس الواقع ميدانيا والعودة الى مجلس الوزراء، من دون ان يشرّق في اتجاه مطار رياق اذ صرّح اثر زيارته المطار الشمالي بان "قيادة الجيش لم توافق على تشغيل مطار رياق لاسباب امنية". استبعد مطار رياق ولم تطل فترة "الهمروجة" حول نظيره في القليعات.
ولكن يبقى مطار القليعات صاحب حظوة، فكلما احتدم الاشتباك السياسي على خلفية الموقف من النظام السوري، وترجم ميدانيا قطعا لطريق مطار رفيق الحريري الدولي، تحت عناوين مختلفة، تعلو الاصوات المطالبة بمطار القليعات رديفا لمطار بيروت. ولمطار رينه معوض - القليعات لجنة متابعة لتشغيله بما يساهم "في انماء المنطقة وخلق فرص عمل لأهاليها"، تلقت الدعم اخيرا من رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير. في حين لم يرتفع صوت، لا سياسيا ولا اقتصاديا، يطالب بمطار رياق. في لبنان المقسم مناطق نفوذ سياسي تبعا للون الطائفي الطاغي على كل منطقة، يتمتع مطار القليعات الشمالي بخصوصية تجعله الخيار الاول للتخلص من سطوة التحكم في مطار بيروت من قبل فريق سياسي، وحتى لاسباب سياسية وامنية تتعلق بالموضوع السوري واقامة منطقة عازلة، كما يشتبه البعض ومنهم وزير الثقافة كابي ليون، الذي يؤكد في المقابل ان الطريق لمطار بيروت لن تقطع بعد اليوم. لكل هذه الاسباب لا يصلح مطار رياق بديلا من مطار بيروت لانه يقع على تخوم نفوذ الفريق السياسي نفسه الذي تعبر الطريق الى مطار بيروت به.
في حال تشغيل مطار ليكون رديفا لمطار بيروت، يؤثر الوزير ليون تشغيل مطار رياق، فهو "مطار داخلي، يكون جاهزا للاستخدام في الحالات الطارئة او الكوارث". ناهيك بأنه "ينعش منطقة البقاع اقتصاديا مع امكانية استخدامه للتصدير بخاص المواسم الزراعية والصناعات الغذائية".
لكن بعيدا عن الصراعات السياسية على المطارات، وانشائيات البيانات الانتخابية النيابية والبيانات الحكومية التي تدغدغ احلام البقاعيين، ماذا يقول اهل الاختصاص؟ ما هي امكانية تحويل مطار رياق مطارا مدنيا؟ سألنا الكابتن الطيّار جوزف خضر شاه، الذي حطّ بالموضوع على ارض الواقع، بقراءة تقنية وسنوات من الخبرة في قيادة الطائرات العسكرية قبل ان ينتقل الى قيادة الطائرات المدنية لشركة "طيران الشرق الاوسط".
وهو يوضح ان المشكلة ليست في موقع مطار رياق الجغرافي في منطقة داخلية، في ممر سهل البقاع بين سلسلتين جبليتين، فهناك مطارات في العالم اصعب منه، كما في هونغ كونغ وجنيف. وبحسبه لا يملك مطار رياق من مواصفات المطار المدني سوى المدرّج، البالغ طوله 3 كيلومترات، مما يجعله صالحا في المبدأ لهبوط الطائرات المدنية، مع امكانية زيادة طوله، وسبق ان استخدم اضطراريا في الماضي للطائرات المدنية، والهبوط الاشهر هو للطائرة التي اقلّت وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسنجر. ولكن تنقصه اساسيات القدرات الفنية ليصبح مطارا مدنيا، كالتجهيزات التي تتعلق بالهبوط الآلي، الى عمود ارسال الاتجاه، ورادار، وغيرها من المعدات والتجهيزات. وهو يفتقر الى الباحات لتوقف الطائرات المدنية الاكبر حجما من الطائرات العسكرية، الى جانب كل المباني والخدمات التي يجب ان تتوافر في المطارات الحديثة، في حين أن بعض أبنية مطار رياق وانشاءاته تعود الى زمن الفرنسيين والانكليز، مذكرا بأن مرافق الملاحة المدنية تخضع في ايامنا الى قوانين ومواصفات، وموافقة لهيئات دولية. وبالتالي ليس بهذه السهولة يمكن الحديث عن مطار رياق رديفا لمطار بيروت، فالامر يحتاج الى انفاق اموال طائلة، والى سنوات من الاشغال. وما لم يقله الكابتن خضرشاه، انه يحتاج اولا الى "الارادة السياسية".
وعليه كيف لنا ان نتحدث عن تحويل مطار رياق للاستخدام المدني، اذا كان توسيع الطريق المؤدية اليه ما بين الفرزل ورياق احتاج الى كباش وابتداع برنامج قانون، من ضمن الموازنة التي اقرتّها الحكومة، في انتظار موافقة مجلس النواب، لتنفق الاموال له مقسطة؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك