كتبت راجانا حمية في "الأخبار":
33 مستشفى حكومياً بقدرة استيعابية تبلغ 2500 سرير تستعدّ، إلى جانب المستشفيات الحكومية، لاحتمالات توسّع الحرب، وتأمين ما يكفيها للصمود بين شهر وشهرين. وتجري التحضيرات استناداً إلى تجربة عدوان تموز 2006 «مضروبة بـ 2» وفق مسؤولي المستشفيات. بعض هذه المستشفيات على عتبة الحدود الجنوبية «دخلت» الحرب منذ عشرة أشهر، ووصل بعضها إلى ذروة قدرته الاستيعابية، مع إشغال نحو 90% من مجمل أسرّتها، بعد تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية، وبسبب تمركز النازحين في تجمعات قربها، كما هي الحال في مستشفيَي تبنين والنبطية الحكوميين، اللذين يراوح الإشغال فيهما بين 85% و95%، بحسب مدير «تبنين الحكومي» الدكتور محمد حمادي.منذ بداية العام، عملت المستشفيات الحكومية وفق خطين: الأوّل مع وزارة الصحة من خلال خطة الطوارئ التي وضعتها لتدريب العاملين والأطباء وفرق الإنقاذ وتعزيز مستلزمات البقاء في المستشفيات الحكومية والخاصة. والثاني العمل على سدّ النواقص، وإن من دون مساعدة الوزارة، لتأمين مخزون كاف من الأدوية والمستلزمات وإعداد خطط طوارئ داخلية و»plan B» لمواكبة أي تغيّرات في مسار الحرب، ولا سيما في حال تقطّع الطرق وصعوبة وصول الإمدادات الطبية. وفي هذا السياق، وضعت هذه المؤسسات التي تقع ضمن نطاق واحد خطة عمل مشتركة و«خطاً داخلياً» في ما بينها، لتبادل الخدمات وتسهيل نقل المرضى إلى حيث تلزم الحاجة، بحسب ما يشير مدير مستشفى النبطية الحكومي الدكتور حسن وزني. وتنطبق هذه الخطط على معظم المستشفيات الحكومية، حيث «العمل شغّال حتى اللحظة ونحن اليوم في جهوزية 100%»، وفق مدير مستشفى بعلبك الحكومي الدكتور عباس شكر.
ومنذ السابع من تشرين الأول الماضي، بدأت المستشفيات تتجهز لإمكانية المواجهة. وكانت أولى الخطوات تكوين مخزونها من الأودية والمستلزمات، وتحضير الكوادر البشرية من طواقم طبية وتمريضية. ويؤكد معظم مديري المستشفيات الحكومية أنها «جاهزة للقيام بواجباتها من شهر إلى شهر ونصف شهر تقريباً»، بحسب حمادي، «استناداً إلى مخزون الأدوية والمستلزمات الذي عملنا على تكوينه خلال الفترة الماضية». وكذلك استناداً «إلى حسابات حرب تموز، حيث استفدنا من التجربة لسدّ النواقص وتقدير ما نحتاج إليه من مستلزمات وما قد نستقبله من أعداد»، وكذلك الحاجة إلى الطواقم الطبية والأطباء من ذوي الاختصاصات الأساسية (جراحة، طوارئ، تخدير، إنعاش... ) والأطباء المناوبين.
هذه الحسابات يجريها مديرو المستشفيات «على مقاس» سيناريو حرب تموز 2006، غير أنها تبقى تقديرات في ظل عدم وضوح الرؤية، وقد تسقط «فيما لو حدث ما يحدث في غزة» من استهداف المستشفيات والمنشآت الحيوية. وتبقى أيضاً ثغرة تأمين مادتَي الفيول والأوكسيجين اللتين لا يمكن تخزينهما بكميات كافية ضمن المنشآت الصحية، وخصوصاً تلك الموجودة خارج العاصمة والتي تؤمن حاجتها من الأوكسيجين مثلاً من بيروت. و«هناك تخوف من أن يؤثّر قطع الطرق على إمدادنا بهذه المادة الحيوية»، يقول وزني. لذلك، عمل بعض المستشفيات على تخزين كميات من الأوكسيجين السائل، وعمدت أخرى إلى شراء «GENERATOR» لإنتاج الأوكسيجين بما يساعد في سدّ الحاجة بحدود 40 إلى 50%، فيما تعمل منظمات دولية، من بينها اليونيسيف، على مشاريع لإنتاج الأوكسيجين، غير أن هذه الأخيرة تحتاج في بعض المستشفيات إلى فترة من الوقت، وقد لا تكون جاهزة قبل اندلاع المواجهة. أما في ما يتعلق بالفيول، فتعمل وزارة الصحة العامة «على إيجاد خطة بديلة لتوفير الفيول، من خلال تخصيص مستودعات للتخزين لدى هيئة إدارة الطوارئ أو الجيش، وفق رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في الوزارة، هشام فواز. إلا أن ما يؤرق بعض مديري المستشفيات، ولا سيما في الجنوب والبقاع، هو موقع التخزين، وهل يمكن الوصول إليه في حال ضرب الجسور والطرقات. وحتى اللحظة الراهنة، لا إجابة عن هذا السؤال.
وعملت وزارة الصحة منذ مطلع العام على خطة طوارئ صحية مع المستشفيات الحكومية والخاصة تضمّنت التدريب وتأمين الجهوزية لمحاكاة أيّ حرب مقبلة. وقد عملت، بحسب فواز، غلى خطوات عدّة، «من خلال تسريع إقرار السلف المالية لتأمين الرواتب للعاملين وزيادة السقوف المالية للمستشفيات، وخصوصاً الحكومية، وإقرار مساعدات من موازنة الوزارة إلى المستشفيات، وكذلك درس مساعدة بقيمة 200 مليار ليرة لبنانية في ديوان المحاسبة لإعطائها للمستشفيات لدفع المستحقات المالية. وفي هذا السياق، ستعطى الأولوية والحصة الوازنة «للمستشفيات التي تعمل في الخطوط الأمامية، مع مراعاة عدد الجرحى». كما تعمل الوزارة مع منظمات دولية لتأمين مساعدات عاجلة، و«تمكّنّا من الحصول على مستلزمات وأدوية، إلا أن ما وصل حتى اللحظة غير كاف لمواجهة حرب واسعة». مع ذلك، ثمّة يقين لدى الوزارة بالقدرة على مواجهة حرب شبيهة بعدوان تموز.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك