كتب فراس الشوفي في "الأخبار":
قبل عشرة أيام، زار قائد القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال الإسباني أرولدو لازارو ونائب رئيس البعثة الدولية هيرفي لوكوك فلسطين المحتلّة، للقاء جنرالات العدوّ وبعض السفراء الأجانب، في زيارة «استطلاعية»، بعد زيارتهما الأخيرة نهاية الشتاء الماضي. تأتي الزيارة قبل نحو شهر على موعد التجديد لقوات اليونيفل خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد جوّ من شبه التوتّر بين القوّات الدولية وقوات الاحتلال، على خلفية الاعتراضات الدائمة من قبل العدوّ على أداء القوّات، خصوصاً منذ اندلاع الحرب.
في الزيارة ما قبل الأخيرة، عاد لازارو إلى بيروت بانطباعات «عدوانية» حول نيّات جيش الاحتلال تجاه لبنان بعد أن تعمّد المسؤولون الإسرائيليون توجيه التهديدات للضغط على قائد القوات، ليضغط بدوره على الحكومة اللبنانية، وللتهويل على القوّات الدوليّة للقيام بخطوات تصعيدية ضد المقاومة في الجنوب. لكن ذلك كان يترافق أيضاً مع التأكيدات على تفضيل «الحلّ الدبلوماسي» مع لبنان على خيار الحرب المفتوحة.
أما الانطباع الأوّلي الذي عاد به القائد الإسباني في زيارة نهاية الأسبوع الماضي، بحسب مصادر اطّلعت على أجواء الزيارة، فقد «كان أكثر إيجابية» من حيث تقليص قادة العدو من خطاب التهديد والوعيد تجاه لبنان. وبحسب المعلومات، فإن قادة العدو كرّروا أنهم يرغبون بالحل الدبلوماسي مع لبنان «لإعادة» المستوطنين الذين أجبرتهم ضربات المقاومة على ترك المستوطنات الشمالية وتطبيق القرار 1701، ورفض العودة إلى ما قبل 7 أكتوبر من حيث وجود قوات المقاومة في جنوب الليطاني ورفض وقف الطلعات الجويّة، مع التأكيد أن كيان العدوّ «جاهز لشنّ حربٍ على لبنان لإبعاد حزب الله عن منطقة جنوب الليطاني في حال لم تصل الحلول الدبلوماسية إلى نتيجة». ورغم تكرار المواقف التقليدية القديمة، إلا أن خطاب قادة العدوّ بدا أكثر عقلانية من حيث التأكيد على أنه «لا يوجد أي قرار بالحرب على لبنان بعيداً عن كل التهويل العلني»، والتأكيد على «ضرورة التوصّل إلى حلّ بالطرق الدبلوماسية»، من دون رفع سقف التهديدات. وبحسب المصادر فإن أسباب هذا «الهدوء النسبي» هو «التعب الذي يعانيه جيش الاحتلال بعد أشهر الحرب على جبهتَيْ لبنان وغزّة، إضافة إلى الضغوط الأميركية».
لكنّ مصادر رسمية في القوات الدولية رفضت التعليق على المداولات الرسمية للزيارة، وأكّدت من جانبها أن «ما يقوم به قائد القوات الدولية ليس تفاوضاً إنّما نقاش مع الأطراف للسؤال حول ما يمكن أن تقوم به اليونيفل لوقف الأعمال العدائية بين الجانبين»، وأن «مهمة التفاوض الرسمي يقوم بها الجانب الأميركي».
وحول التمديد للقوات الدولية، قالت المصادر الغربية إن «القادة الإسرائيليين لم يظهروا اعتراضاً على تمديد مهمة اليونيفل من دون محاولة إدخال تعديلات على نص القرار، خصوصاً أن هناك صعوبة في إدخال تعديلات فضلاً عن أن هناك غياب تقدير موقف واضح عمّا سيحصل في الأشهر المقبلة طالما بقيت المعركة في غزّة مفتوحة».
وفيما من المفترض هذا الأسبوع أن يتمّ تبديل الجنرال الفرنسي رئيس أركان اليونيفل بجنرال فرنسي آخر، وكذلك تبديل الأدميرال الألماني قائد القوات البحرية في اليونيفل بأدميرال ألماني آخر، بدأ الحديث عن تعيين بديلٍ للقائد الإسباني الحالي الذي تنتهي ولايته في كانون الثاني المقبل. وكالعادة بعد ولاية القائد الإسباني، يسعى الطليان إلى استعادة قيادة القوّات الدولية عبر العمل منذ الآن على تسويق مرشّحهم، الذي من المرجّح أن يكون قائداً سابقاً للقطاع الغربي. وتقول المصادر إن إيطاليا تسعى من خلال قيادتها لليونيفل في هذه المرحلة إلى تطوير نفوذها في لبنان والتنافس مع الفرنسيين، و«هذا ما بدأ يحصل في بعض المناطق الأفريقية التي يتراجع فيها النفوذ الفرنسي».
ومما لا شك فيه، أن موقف إسبانيا من إسرائيل، أربك علاقة الجنرال لازارو بجيش الاحتلال، وعرّضه لعدة انتقادات على أدائه في الجنوب من قبل ممثّلي الاحتلال في الأمم المتحدة لمجرّد الضغط على إسبانيا، كما يتعرّض للانتقادات في لبنان بسبب ما تقوم به بعض كتائب القوات الدولية في الجنوب من استفزازات للأهالي. ومقارنة مع التوتّرات التي رافقت ولاية القائد الإيطالي السابق ديل كول، تبدو ولاية لازارو رغم كل العنف والعمليات العسكرية المتصاعدة، أكثر «هدوءاً» من حيث تعامل القوات الدولية مع الأحداث وبثّ أجواء التهدئة، من دون أن يعني ذلك قدرة القوات الدولية على التأثير بشكل واسع، لكن على الأقل السّعي إلى خفض التصعيد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك