توّجه شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى بالتهنئة إلى اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا في عيد الميلاد المجيد، راجيا من خلال هذه "الفسحة الإيمانية والنورانية المنبعثة ورسالة السلام والمحبة للعالم، بأن يحلّ الإستقرار الدائم في وطننا ومنطقتنا وتتوقف الحروب والمآسي، خصوصا على أرض مهد السيد المسيح وتلاقي الحضارات والرسالات السماوية، إزاء ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني اليوم".
ودعا في تصريح، الى "العمل نحو إنسانية متسامحة، من أجل زرع الامل والرجاء وهدم جدران التفرقة بين الشعوب وصناعة السلام المنشود، والى التمسك بالقيم الدينية السمحاء لتعزيز التفاعل الاجتماعي وحفظ مجتمعنا النموذجي ووحدتنا الوطنية، والتركيز على تحصين مؤسساتنا التي تنتظر إكتمال عقدها الدستوري والميثاقي، وقد أثبتت خطوة التمديد لقائد الجيش الأخيرة أن القدرة موجودة متى توّفرت الإرادة على إنجازها بتعيين رئيس للأركان وباقي اعضاء المجلس العسكري، لتكون بارقة أمل بإتجاه باقي الاستحقاقات وعلى رأس أولوياتها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة انقاذية تضع البلد على سكة إعادة النهوض المطلوبة".
من جهة ثانية زار الشيخ ابي المنى يرافقه وفد من المشايخ واعضاء من المجلس المذهبي بلدة عين زحلتا والتقى مشايخها وفاعلياتها الروحية والاجتماعية والاهلية، واستهلها بلقاء ديني في مجلس البلدة شارك فيه مشايخ من البلدة والمنطقة.
وبعد كلمات الترحيب بالزيارة، تحدث شيخ العقل شاكرا، ومؤكدا "المبادئ التوحيدية الجامعة، وعلى النهج الوحدوي الذي سار عليه السلف الصالح وبقي أثرا نقتفيه لرص صفوفنا وجمع شملنا وتعزيز كلمتنا، في ظل ما يعتري مسار حياتنا العامة من صعوبات ربما ستكون أشد قسوة، من خلال مؤشراتها المتصاعدة".
وتبع ذلك جولة من الزيارات قام بها الشيخ أبي المنى على مشايخ البلدة وفاعليات، وأختتمت بلقاء عام في دار البلدة، بمشاركة كاهن الرعية الاب انطوان أنطون والمجلسين البلدي والاختياري، وبعد كلمات ترحيبية من رئيس البلدية نعيم سعد والمختار صلاح كرامة والاستاذ سليم سعد والشاعر عصام الحميدي، كرر شيخ العقل إمتنانه لحفاوة الاستقبال، قائلا: "نزور هذه البلدة الطيبة، بلدة عين زحلتا، نزور المشايخ والأهل، نتفقدهم بالقرب منهم، نتمسّك بصيغة الأخوّة والمحبة التي تجمعنا مع أخواننا في العيش الواحد في هذا الجبل. زياراتنا المتكرّرة هنا وهناك، هي لتأكيد علاقتنا بكل أهلنا على امتداد الجبل وعلى امتداد الوطن، نزوركم ولا منّةً في ذلك، بل واجب علينا أن نلتقي بكم دائماً، بأهلنا في كل القرى وفي كل المناطق. مهمتنا مهمة الجمع ونشر الكلمة الطيبة ومقاربة القضايا الاجتماعية والروحية، مهمتنا أخلاقية روحية اجتماعية وليست سياسية، لكنها تؤكّد رسالة وخط وطني واضح يجمع ولا يفرق، نؤكد من خلالها على أهمية التنوّع في الوحدة، نوع ثقافي وديني ومذهبي، ولكن الوحدة وطنية. انه لبنان وهذا هو الجبل النموذج لكل لبنان. اذا كان لبنان هو وطن التنوع في الوحدة ووطن هذا المزيج وهذا التكامل وهذه الشراكة، فإن الجبل هو النموذج الأرقى، فإذا نجح الجبل نجح الوطن واذا سلم الجبل سلم الوطن، فالجبل هو قلب لبنان, ولبنان لن يهوي لأن الجبل لن يهوي ثانية، فلهذا الجبل مداميك ثابتة من الأخوّة والمحبة والروح الوطنية والإيمان، وقصص العيش المشترك عبر التاريخ هي أقوى بكثير من أي قصة مؤلمة وأي حادثة موجعة حصلت في هذا الجبل. لذلك نقول ان عين زحلتا هي ايضاً نموذج في هذا الجبل النموذج، لأن عين زحلتا متنوعة وغنية. وها نحن اليوم نزور المشايخ نتبارك منهم ونبارك هذه الوحدة بين أهلنا الموحّدين، إذ لديهم مجلس للعبادة واحد وبيت للبلدة واحد، وكذلك عيش مشترك واحد مع اخوانهم المسيحيين. هذه ميزة عين زحلتا، مجلس واحد وعيش واحد مشترك. نعيش ونبني معاً ونحصّن المصالحة معاً، والمصالحة ليست مجرّد لقاء محبة ووثيقة مكتوبة ومصافحة ومصارحة، بل هي عمل مشترك ايضاً، ونحن اليوم نطرح على مستوى علاقتنا بغبطة البطريرك بشارة الراعي وبكل أصحاب الغبطة والسيادة وبكل الرهبانيات وخاصة الرهبنة المارونية، نطرح نوعاً من المصالحة الاقتصادية ايضا ونحاول استثمار الأوقاف المسيحية والدرزية، ونبني لأولادنا وشبابنا ومشاريع اقتصادية تثبّتهم في أرضهم والعلاقة المسيحية الدرزية من خلال تلك المشاريع وليس فقط بلقاءات اجتماعية وثقافية فحسب".
أضاف: "هذه مهمةٌ نتولاها ونعمل عليها، وعسى أن نوفّق، ولذلك أقول أننا كلما زرنا بلداً نؤكد فيه هذه الروحية، فجبالنا قوية بوحدتنا وبعملنا المشترك، وميثاق المحبة صغناه معاً في هذا الجبل، وزيارة غبطة البطريرك الاخيرة الى الجبل والى بيتنا في شانيه والى المختارة وبعقلين وبيت الدين تصب في هذه الوحدة وفي هذه الرسالة. وقد أكّدنا معاً في هذه الجولة أن الرسالة واحدة وعلينا المحافظة معاً على هذا العيش الواحد عمليا ومن خلال الشباب الذين هم أمل المستقبل، والذين ينتظرون منّا أن ننجز لهم مشاريع، تمكّنهم من أن يثبتوا في هذه الأرض، ينتظرون منّا الكثير لأنهم يحبّون هذه الأرض وعلينا أن نرسّخ وجودهم فيها".
وختم: "أشكركم على هذا الاستقبال ونبارك لإخواننا المسيحيين ليلتهم المباركة؛ ليلة الميلاد المجيد، مؤكدين أن التوحيد الذي ننتمي إليه جامعٌ شامل، إذ هو رسالة سلام ومحبة وأخوّة، وهو حقيقة الأديان والشرائع، إذ هو مسيرة ارتقاء نحو الغاية منها؛ الحقيقة الإنسانية المرتبطة بالحقّ تعالى، والحقيقة واحدة وإن تعدّدت المظاهر وتنوَّعت الطقوس، فكلُّنا موحِّدون موحَّدون إن شاء الله، وعلينا أن نرسِّخ هذا التوحيد وهذه الوحدة بالارتقاء الانساني وبالشراكة الفعلية والتكامل والعمل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
وزار شيخ العقل في الباروك الشيخ أبو غازي يوسف محمود للتعزية بوالدة حرمه، وفي أغميد بالمرحومة ام مهنا إنصاف وهيب ابو غادر حرم الشيخ يوسف علي ابو غادر، وفي العزونية بالمناضل أبو أمين غسان سلمان سليم.
وكان أجرى اتصالًا هاتفيا بعائلة النائب والوزير السابق محمد يوسف بيضون "أبو يوسف" للتعزية بوفاته، وأوفد عضو المجلس المذهبي الشيخ سامي عبد الخالق للمشاركة في مأتمه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك