ودع لبنان الثقافة والعلم والقانون العميد المؤسس لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية البروفسور ريمون فرحات في مأتم مهيب أقيم في بلدته في عين كفاع.
ترأس الصلاة لراحة نفسه المطران جوزف نفاع ممثلًا البطريرك مار بشارة بطراس الراعي في كنيسة مار روحانا. كما شارك في الصلاة المطران بولس مطر ولفيف من الكهنة.
كما حضر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب زياد حواط ممثلًا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ونواب ووزراء سابقون وشخصيات فكرية وقانونية وثقافية.
وبعد الإنجيل المقدس تلا كاهن الرعية الأب إيلي لحود الرقيم البطريركيّ وفيه:
البَرَكَةُ الرَّسُولِيَّةُ
تشمَلُ بناتنا وأبناءنا الأعزّاء: جيهان وريّا إبنتي
المرحوم العميد البروفسور ريمون يوسف فرحات،
وعائلات المرحومين شقيقيه وشقيته وحميّه،
وسائر ذويهم وأنسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين.
بكثير من الأسى تلقّيت خبر وفاة عزيزكم وعزيزنا المرحوم العميد البروفسور ريمون، على إثر حادثة أدخلته في غيبوبة دامت أشهرًا. ومعكم نرافقه بصلاة الرجاء، راجين له المشاركة في مجد القيامة، بعد أن شارك المسيح الفادي في آلام الفداء. لم يكن قد أدمل جرح قلبه بغياب شقيقه السفير البابوي المطران إدمون الذي أحبّه للغاية، حتى جاء جرح آخر أدمى قلبه بالأكثر، بوفاة شريكة حياته المرحومة أندره إميل افرام المبكرة والمفاجئة.
إنّ إيماننا المسيحيّ يدعونا لنقرأ معكم جرح وفاته وجرح قلبكم على ضوء المسيح الّذي افتدانا بآلامه وموته، لنولد لحياة جديدة بقيامته. لهذه الحياة الجديدة وُلد عزيزكم ريمون. إنّ شخصيّته الغنيّة بالأبوّة الصالحة والعلم والمعرفة والخصال الحميدة والإنجازات الثقافيّة الجامعيّة والحقوقيّة، والعلوم السياسيّة والإداريّة في لبنان وفرنسا، وذكريات عطاءاته في الجامعة اللبنانيّة، ونقابة المعلّمين، والمؤسّسة الجامعيّة للأبحاث والإنماء، والمركز اللبنانيّ للقانون المقارن، والأوسمة التي زيّنت صدره، كلّها تجعل منه أثمن عطيّة تقدّمونها لله بسخاء ممزوج بدموع الوداع.
إنّه إبن عين كفاع العزيزة. في بيت المرحوم يوسف فرحات وُلد وتربّى أحسن تربيةٍ مسيحيّةٍ وأخلاقية واجتماعيّة إلى جانب ثلاثة أشقّاء وشقيقتين، شدّته إليهم وإلى عائلاتهم أخلص روابط الأخوّة. وقد سبقوه كلّهم إلى دار الخلود. وتأمّن له ولهم، من تعب المرحوم والدهم، العلم الرفيع. وفي جوّ من الحياة المسيحيّة الأصيلة تمكّن شقيقه المطران إدمون من سماع النداء الإلهيّ إلى الحياة الكهنوتيّة. فلبّى النداء وخدم الكنيسة في كثير من المجالات، حتّى أصبح سفيرًا بابويّا مثّل الكرسيّ الرسوليّ في أكثر من دولة.
بعد أن أنهى المرحوم ريمون دروسه الإبتدائيّة والثانويّة في مدرستي الفرير في الجمّيزة والحكمة، أكمل دروس الحقوق اللبنانيّة والفرنسيّة بشهادة إجازة من جامعة القديس يوسف. فانتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، وأصبح محاميًا في الإستئناف. ثمّ إنتقل إلى باريس حيث تخرّج بشهادة دكتوراه من كليّة الحقوق والعلوم الإقتصاديّة في جامعة السوربون بدرجة إمتياز، ودارت أطروحته حول "السريّة المصرفيّة في القانون المقارن"، ما مكّنه من الإنتساب إلى الهيئة التعليميّة الجامعيّة في باريس، وأصبح أستاذًا محاضرًا في كلّ من كليّة الحقوق والعلوم الإقتصاديّة بباريس، وفي كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة والإداريّة في الجامعة اللبنانيّة، وفي كليّة الحقوق بجامعة بيروت العربيّة، وفي كليّة الحقوق والعلوم الإقتصاديّة في جامعة القدّيس يوسف. وعُيّن عميدًا لكليّة الحقوق في الجامعة اللبنانيّة. وفوق ذلك نشر أربعة كتب في حقول اختصاصه، والعديد من المقالات العلميّة والمحاضرات. وأخيرًا حصر نشاطه في نطاق الإشراف على أطروحات الدكتوراه في كلّ من الجامعة البنانيّة، وجامعة القدّيس يوسف، والجامعة الأنطونيّة.
ارتبط في سرّ الزواج المقدّس بشريكة حياة سبقته إلى دار الخلود، هي المرحومة أندره إميل افرام. عاشا معًا حياةً زوجية سعيدة متعاونة باركها الله بثمرة الإبنتين جيهان وريّا. فأمّنا لهما أحسن تربية ومكناهما من الحصول على شهادة الدكتوراه في حقل كلّ واحدة منهما. وإذ تشعران بفراغ كبير لغيابه مع والدتهما، فإنّهما تدخلان معهما في شركة القدّيسين ليشفعا بهما لدى العرش الإلهيّ.
على هذا الأمل وإعراباً لكم عن عواطفنا الأبويّة، وإكرامًا لدفنته، نوفد إليكم سيادة أخينا المطران جوزف نفّاع نائبنا البطريركيّ العام على نيابتي الجبّة وإهدن-زغرتا السامي الاحترام، ليرأس باسمنا الصلاة لراحة نفسه، وينقل إليكم تعازينا الحارة.
تقبّل الله بواسع رحمته روح فقيدِكم الغالي في مجد السماء، وسكبَ على قلوبكم بلسم العزاء.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك