أعد المحامي إيلي محفوض الدراسة القانونية الآتية:
مقدمة لا بدّ منها..
في الجمهوريات التي تعتمد الأنظمة الديمقراطية، أعطي نائب الأمة حصانة تمكنّه من تمثيل مصالح المواطن العليا، كما تمكنّه من المحافظة على إرادة الناخب ومعتقداته كما وإرادته، وهذه القيم هي عهدة لدى النائب وعليه واجب المحافظة عليها داخل السلطة الاشتراعية، وعليه فإن حماية النائب مصانة بتعبيره عن آرائه.. عن أفكاره.. وبكلّ شجاعة دون أن يشعر بالخوف أو الخجل أو التردد أو شعوره بتسليط سوط الاغراء أو ممارسة الضغط عليه أو التضييق على حريته لمنعه من التصريح أو إبداء الرأي الحرّ ... أو التهويل عليه بالملاحقة أمام القضاء الجزائي.
وعليه،
جاءت المادة /39/ (التاسعة والثلاثون) من الدستور اللبناني تكرّس وتجسّد حصانة النائب، وهي نصت على ما يلي:
<لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس النيابي بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته>
اذًا يتبدّى لنا أنّ نص المادة 39 من الدستور اللبناني حصنّت النائب بأفكاره وآرائه خلال انعقاد جلسات البرلمان.. خلال اجتماعات اللجان..خارج أروقة المجلس وكأنه داخل قبة البرلمان، وبكافة الوسائل الاعلامية المتاحة من مكتوبة الى مقروءة مرورًا بالوسائل المرئية وحتى الوصول الى كافة وسائل النشر ذات العلاقة بالاعلام والاتصالات..
حصانة النائب شاملة لكافة أقواله وخطاباته الارتجالية منها كما المكتوبة على السواء.
ولكون المشترع في حمايته لعمل النائب ودوره الريادي حدّد سياق الحصانة بأن تكون متصلة بعمله النيابي، وبأن تتصل بالمواضيع والمصالح الوطنية العامة المكلّف هو كنائب عن الأمة بمعالجتها وإثارتها وتسليط الضوء عليها وذلك انطلاقًا من الوكالة المعطاة له من الشعب،
وبما أنّ الدستور اللبناني أراد تحصين النائب من خلال منع اتخاذ أي إجراء جزائي بحقه وهذا ما نصت عليه المادة /40/ (اربعون) من الدستور اللبناني كما يلي:
"لا يجوز أثناء دور الانعقاد اتخاذ اجراءات جزائية نحو اي عضو من اعضاء البرلمان او القاء القبض عليه اذا اقترف جرما جزائيًا الا بإذن المجلس الذي ينتمي اليه ما خلا التلبس بالجريمة (الجرم المشهود)".
وفي السياق عينه فان المادة /27/ (سبعة وعشرين) من الدستور اللبناني وصفت النائب بأنه وكيل يمثل الأمة جمعاء والوكالة المعطاة له غير مقيدة بأي شرط او أي تقييد من قبل الناخبين ، لذا لا مندوحة من التذكير بأنّ النائب عندما يفكر او عندما يطلق رأيًا أو يعلن موقفًا أو يعالج مسألة ذات صلة بالرأي العام والقضايا العامة، وهو عندما ينتقد او يهاجم الآراء المواجهة له ولمعتقداته أو عندما يواجه ويجابه العوائق التي تتعارض مع آمال وتطلعات وأماني الشعب فانه لا يلاحق جزائيًا بسبب آرائه وتصريحاته وأفكاره هذه. وقبل ختام هذه المقدمة نشير الى أنّ طلبات رفع الحصانة عن النائب يجب أن تقدم الى رئيس المجلس الذي عليه إيداعها المكتب بهدف النظر بها
وهذه الطلبات تقدم من قبل النيابة العامة بواسطة وزير العدل.
الباب الأوّل : فلسفة الحصانة النيابية في لبنان
دأبت المحاكم اللبنانية على تصدير أحكام حول الحصانة النيابية بحيث قضت بعدم سماع دعاوى القدح والذم المقامة من الآخرين بحق النائب، وقد تسلحت هذه المحاكم بنص المادة 39 من الدستور اللبناني التي لا تجيز إقامة الدعاوى الجزائية على أي عضو من أعضاء المجلس النيابي بسبب الآراء والأفكار التي يطلقها ويعبّر عنها طوال مدة نيابته. ( محكمة التمييز الجزائية، قرار رقم 97 تاريخ 2 آذار سنة 1960)
وأبعد من ذلك فقد ذهبت بعض الأحكام الى اعتبار الحصانة لا تشمل النائب شخصيًا فحسب بل كل شخص اشترك في تكوين عناصر الجرم، وهي اعتبرت انه طالما لا يجوز ملاحقة النائب، فانه يستحيل ايضًا ملاحقة الناشر الذي يعلن للجمهور آراء النائب وأفكاره حرفيًا كما وردت عنه.
(محكمة التمييز الجزائية الغرفة الخامسة الناظرة بقضايا المطبوعات .قرار رقم 45 تاريخ 23 نيسان 1974)
مجلة العدل لعام 1974 صفحة 334
وبمراجعة سريعة لقرارات محاكم النقض اللبنانية حول مفهوم وشرح نص المادة 39 من الدستور اللبناني نجد أنّ هذه القرارات أجمعت على الشمولية للحصانة، أي أن الحصانة موضوعنا هي شاملة لكل ما يصدر عن النائب مدة نيابته سواء أكان ذلك داخل مبنى المجلس النيابي أم خارجه، وهي تمتد الى الذم والقدح الحاصل منه في معرض ممارسته العمل النيابي بصرف النظر عن مكان حصوله.
(تمييز جزائي قرار رقم 9 تاريخ 2/10/1973، د. عالية مجموعة اجتهادات محكمة التمييز الجزائية ص.110رقم 198)
وفي السياق ذاته، نجد ان الآراء الفقهية والقضائية المتعلق منها بموضوع الحصانة النيابية منحت النائب حماية امتيازية وحصنتّه لأهداف مشروعة ومحقّة كي يتمكن من التعبير بحرية، ودون قيود او تردد او خشية او خوف وبذلك يمكنه ممارسة عمله النيابي دون أن يتعرّض لاعتساف الآخرين أكانوا من رجال السلطة او من خارجها.
إنّ المشترع أعطى هذه الحصانة للنائب الذي هو ممثل الشعب كي يقوم بمهمته هذه وهو مطمئن البال وأن يمارس وكالته بطمأنينة، بحيث أن الدفاع عن مصالح الناس والقضايا الوطنية ذات الصلة بالأوضاع السياسية والاجتماعية كافة هذه كلّها تستوجب ضمان وأمان وحماية لوكيل الأمة من اعتساف الآخرين.
واذا كانت أفعال النائب وأقواله الخارجة عن نطاق التمثيل والوكالة، واذا قامت على دوافع وأغراض شخصية لها علاقة بأموره الخاصة والفردية اتجه الفقه الى اعتبار النائب فاقدًا لامتيازات حصانته المعطاة له بموجب الدستور (المادة 39)، وبذلك نخلص الى القول بأنّ المصالح الشخصية التي تربط النائب بالآخرين هي طبعًا لا تكون مشمولة بالحصانة، أمّا كلّ ما يتعلق بشؤون الوطن وملفاته السياسية فهو حكمًا يندرج في إطار الحصانة وتدعيم وتقوية مواقف نائب الأمة.
ولكون حصانة النائب بسبب التصريحات والأفكار التي يطلقها مدة نيابته انما حصرها المشترع بتلك الصادرة عنه ذات الصلة بالعمل والنشاط النيابي والمتعلقة كذلك بالملفات والمواضيع الوطنية المكلّف بإثارتها وتاليًا بمعالجتها وكلّ ذلك بحكم وكالته، وهذه تعتبر من الامتيازات التي منحها الدستور لعضو البرلمان كي يمارس الغايات والأهداف الجوهرية المتعلقة بدوره الإدائي ومن شروط ومستلزمات منحه هذه الحصانة أن يمارس ويقوم بالدور <<بعيدًا عن الدوافع الشخصية>>.
الباب الثاني: الحصانة النيابية من منظار المادتين 39 و40 من الدستور
ميّز الفقه بين نص المادتين 39 و40 من الدستور حيث أعطى التفسير المنطقي والواضح لكلّ منهما:
L’IRRESPONSABILITEأ ــ الحصانة الشاملة:
L’INVIOLABILITEب ــ الحرمة النيابية الشخصية:
(1) ـــ فالحصانة الشاملة أُعطيت للنائب تغطيةً لتصريحاته وإدلاءاته بأفكاره وهي مستمرة طوال فترة نيابته وهذه نصت عليها المادة 39 من الدستور اللبناني، التي باستعمالها لعبارتي <<الآراء والأفكار>> انما قصدت حماية النائب لآراءه وأفكاره ذات الطابع المهني والتي تكون من صلب مهامه كنائب والتي لا يكون لها طابع شخصي أي بملفات تتعلق بمصالحه الشخصية والأنانية، أمّا كلّ ما هو متصل بالتحليل او الانتقاد او التوجيه والإرشاد ... فهو من صميم مهمة نائب الأمّة.
والمشترع من خلال المادة 39 من الدستور انما اتجهت نيته الى تمكين النائب وإعطائه إجازة غير مشروطة خاصة في الأمور المعتبرة فيها قدحًا أو ذمًا، والاّ بغير ذلك نكون أمام تحديد وتقييد لأبسط مهام البرلماني الذي يجب ألاّ تحدّ من حريته أية ضوابط أو قيود.
وبديهي القول أن لا سلطة مراقبة من قبل القضاء على تحركات النائب وأقواله، وأكثر من ذلك لا يعود للقضاء ولو ثبت له أيّ ادعاء جزائي بحق النائب أن يدخل في بحث أساس المنازعة، لأنه وفي حال حصوله يتحوّل الأمر برمته الى تدخلّ واضح في عمل السلطة الاشتراعية وبالتالي يعتبر خرقًا للمبدأ الدستوري المانع لخرق مبدأ الفصل بين السلطات، والمسّ باستقلاليتها، والمسيء للتوازن فيما بينها.
اذًا لا يجوز لأي إجراء أن يؤدي الى تقليص دور النائب، كما لا يمكن الحدّ من تمكينه قيامه بوكالته وممارستها بحرية وطمأنينة، ولا يمكن تحميله عناء تجنبّ إثارة الملفات ذات المصالح العامة ولو اتسمت بالمواقف الصلبة والصفقات التي قد يتبدّى له بأنها مشبوهة او غير صحيحة، وحتى اذا لم يكن النائب ليملك الدلائل والمستندات القاطعة على صحة ويقين ما يدلي به وذلك مخافة من ان يتعرّض للمقاضاة وأن يزجّ بنفسه بمنازعات قضائية وما قد يترتب عنها من سلبيات جراء تعذرّه من إثبات صحة ما يعلنه، هذه المعطيات والدوافع مجتمعة دفعت بالشارع كي يعطي الحصانة للنائب بشكل كامل لا يتعارض مع السبب الذي أعطي له هذه الحصانة.
ـ (2) ـــ اما الحرمة النيابية الشخصية التي وضعها الشارع اللبناني انماء جاءت لتقييد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العامة بوجه نائب الأمة والمتعلقة بالجرائم الجزائية التي يقترفها، والشرط الأساسي والجوهري هنا يكمن في أنّ هذه الدعاوى لا يجوز تحريكها الا بعد الحصول على الإذن من المصدر والمرجع الصالح أي من المجلس النيابي وهذه جاءت ضمن منطوق المادة 40 من الدستور.
اذًا نحن في هذا الصدد نتكلم عن الحرمة النيابية الشخصية أي الاجراءات المتبعة، واذا كنّا نؤشرّ على ذلك فهذا ليس من شأنه أن يبرر الفعل المشكو منه او حتى الإعفاء من العقاب، نحن بصدد تناول الاجراءات التي لا يجوز الشروع بها او اعتمادها بوجه عضو المجلس النيابي الاّ بعد الحصول على الاذن الضروري للملاحقة .
وبالعودة الى نص المادة 40 من الدستور اللبناني التي نصت على أنه:
<< لا يجوز أثناء دور الانعقاد إتخاذ إجراءات جزائية بحق أي عضو من أعضاء المجلس او إلقاء القبض عليه اذا اقترف جرمًا جزائيًا الا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود) >>
ولكون هذه المادة مستمدة من نص المادة 14 من القانون الدستوري الفرنسي تاريخ 16/7/1875
وفي الوقت الراهن تكرّس فرنسا هذه الحصانة من خلال المادة 26 بفقراتها 2 ـ 3 ـ 4 من دستورها لعام 1958 المعدّل تاريخ 4/8/1995.
وفي لبنان اعتبر المشترع ان الحرمة النيابية تؤدي الى تعليق الاجراءات الجزائية او وقفها بصورة مؤقتة ضد أي عضو من أعضاء المجلس النيابي، وهذه الحصانة تهدف في الاساس الى تسهيل ممارسة النائب لوكالته ومنع أي عائق يحول دون تأديته لمهامه اذ ان الملاحقات القضائية وما ينتج عنها من ضغوطات من شأنها عرقلة نشاطاته النيابية، والحرمة النيابية سمة تتعلق بالانتظام العام لذا يمكن للمحكمة أن تثير هذه النقطة عفوًا كما للشخص المعني أن يثيرها في كلّ أطوار الاجراءات .
Crim;3fevr.1955,bull.crim.n.82
J.O.AN debat du9 mai 1962,p.990
الباب الثالث : إجــراءات رفـع الـحـرمـة عـن النائـب
كلّ إدعاء بحق النائب أكان من الحق الشخصي او ادعاء النيابة العامة يجب ان يتخذ الاطار الدستوري للسير به ، بحيث يصار الى تقديم طلبات رفع الحصانة الى رئيس المجلس الذي يودعها المكتب بهدف النظر بها ، على أن تقدم هذه الطلبات من النيابة العامة بواسطة وزير العدل ، و لا يوجد موانع من أن ترفع طلبات رفع الحصانة بواسطة وزير العدل من قبل الأفراد.
في هذا المجال يؤكدّ البروفسور جان برادال ان الحصانات القضائية والسياسية تشكل ليس فقط حالات عدم سماع بالنسبة لإجراءات الملاحقة بل تنزع ايضًا وجود السابق القانوني عن الجريمة بسبب صفة مرتكبها .
J.pradel,Droit penal general,edition 2002/2003,op.cit,n.306
“il n’y a pas d’infraction car le prealable legal se trouve efface par une autre disposition expresse de la loi . il en est ainsi dans trois hypotheses si l’on exclut le cast res particulier de la prescription de l’action publique . la premiere est constituee par les immunites politiques et judiciaries qui ne se bornent pas A etre des fins de non-recevoir a la mise en oeuvre des poursuites…, mais qui font en outré disparaitre le prealable legal de
l’infraction en raison d’une qualite presonnelle de l’argent . Leur etude appartient a la procedure penale“
واذا كان الدفع بعدم قبول الدعوى لسبب يحول دون سماعها ضدّ النائب حيث قضي أن حصانته تنصبّ بالتحديد على الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته والمنصوص عنها كما ذكرنا في متن المادة 39 من الدستور، وعلى الرغم من أنّ هذه الحصانة ليست مطلقة وهي لا تشمل جميع الآراء والأفكار التي يطلقها بل هي تتمحور حول تلك التي تصدر عنه وتكون متصلة بعمله النيابي، ولهذه الناحية كانت حاجة الشارع لوضع نص المادة 40 من الدستور والتي تجيز الملاحقة جزائيًا عند اقترافه جريمة.
(محكمة التمييز الجزائية، الغرفة السابعة، قرار رقم 9/99، تاريخ 3/6/1999، المرجع كساندر، 6/1999، ق 781 حتى ق 784، وقد اعتبرت محكمة التمييز الجزائية في قرارها ان الحرمة النيابية الشخصية هي محض إجرائية، فليس من شأنها تبرير الفعل او الاعفاء من العقاب، انما يقتصر مفعولها على الاجراءات التي لا يجوز اتخاذها ضد عضو المجلس الا بعد الحصول على الاذن بملاحقته. وهي من هذه الناحية تختلف اختلافًا كليًا عن الحصانة الشاملة والتي تعد حصانة إجرائية شاملة ودائمة تمنع إقامة الدعوى سواء أثناء مدة ولاية النائب، أو بعد إنتهائها).
ويبقى أن نشير في هذا الاطار أنه وفي حال ادعاء النيابة العامة على عضو في البرلمان أمام أي مرجع قضائي ، فلهذا المرجع ان يمتنع عن السير بالاجراءات القضائية وفقًا للمادة 64 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وللنائب أو وكيله القانوني ان يتقدم امام المرجع القضائي المذكور بدفع بعدم سماع الدعوى، وقد قضي أن الادعاء المباشر امام القاضي المنفرد الجزائي الذي يستهدف النائب في ظل غياب قرار رفع الحرمة عنه هو باطل بطلاناً مطلقًا.
Paris 9 nov.1971 , D.P1919,2,5 .
Crim.24 nov.1949,2e arret,Bull.crim.n.317 et 318.
Repertoire de droit penal et de procedure penale, Dalloz , op.cit.n.65
الباب الرابع : في الخـلاصـة والاسـتـنـتـاج
لما كانت المادة 27 من الدستور اللبناني قد وصفت النائب بأنه وكيل يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز ان ترتبط وكالته بقيد او شرط منتخبيه، لذا فإنه عندما يطلق رأيًا أو يبدي موقفًا بالشؤون ذات الصلة بهذه الوكالة، كما أنه عندما يلوج بآرائه الى القضايا العامة التي تهم المواطنين فانه لا يلاحق جزائيًا بسبب آرائه هذه، خصوصاً اذا ما كانت أقوال النائب لم تأتِ نتيجة وجود خلاف شخصي بينه وبين الجهة المدعية عليه بالقدح والذم، من هنا القول إن النائب عندما يطلق مواقفه إنما يكون كمن يقوم بأداء أبسط واجباته ولا مصلحة فردية او شخصية او قصد أناني لذا جزم القضاء ومنع اعتبار نائب الأمة مسؤولا" وبالتالي لا تجوز ملاحقته عملا" بأحكام المادة 39 من الدستور.
م.ت .ج (غ.م) قرار 9 تاريخ 2/4/1973
بذات المعنى قرار 97 تاريخ 11/12/1974
ولكون الدستور اللبناني يساوي بين المواطنين أجمعين دون تمييز أو تفريق، الاّ أنه خرج عن هذا المبدأ ليجعل للنائب حصانة، وإن فعل ذلك فليس لسبب الاّ لتمكين النائب من استعمال حقوقه وبمعزل عن أي ضغط او خوف، وقد قضي أيضًا بأن حصانة النائب انما هي شاملة لكل ما يصدر عنه مدة نيابته، وبالتالي فان الملاحقة الجزائية محظورة ضد أي عضو من أعضاء البرلمان بسبب آرائه وأفكاره، كما حظرّت المادة 39 أي ملاحقة جزائية دون قيد او شرط وهي جاءت بالفرنسية:
IMMUNITE PARLEMENTAIRE
والحصانة النيابية انما وضعها الشارع الدستوري بالخصيص لشخص نائب الأمة الذي يمثل السيادة الشعبية بحيث يعبرّ عن آرائه وأفكاره ويبقى بمنأى عن أي ملاحقة جزائية، حتى ولو شكلت أقواله وكتباته قدحًا وذمًا أو حتى تحريضًا على جرائم، ويمكن المراجعة بهذا الصدد:
Merle et vitu : Traite de droit criminal. Editions cujas.1967 .Page 664.N0.683:… L’immunite ecrite dans ces texts s’explique aisement ; il faut que les parlementaires , en qui s’incarne la souverainete populaire, puissent debattre librement et sans containte les grands problemes qui se posent a eux: meme si les opinions exprimees constituent des diffamations , des
injures , des provocations a infraction , elles echappent a toute repression penale et meme a toute action civile en repapration…
وقد ذهب بعض الفقهاء الى اعتماد التشبيه التالي <<ان النائب يتمتع بحصانة إمرأة قيصر>>
ويبقى ان نشير أخيرًا الى أنّ الاجراءات المتبعة لرفع الحصانة عن النائب تتلخص بطلب يقدمه وزير العدل مرفقًا بمذكرة من النائب العام التمييزي تتضمن نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه ...
وعلى ان يقدم الطلب الى رئيس المجلس النيابي الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل الى جلسة مشتركة لدرس الطلب وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير في مهلة أقصاها اسبوعان. اما قرار رفع الحصانة فيتخذ بالأكثرية النسبية وفقا للمادة 34 من الدستور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق خاص بالدراسة يتضمن المواد المتعلقة بالحصانة النيابية ورفعها المنصوص عنها في النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني
النظام الداخلي للمجلس النيابي الصادر بتاريخ 18 تشرين الاول 1994والمعدل الجديد
نظام - صادر في 21/10/2003
النظام الداخلي للمجلس النيابي الصادر بتاريخ 18 تشرين الاول 1994والمعدل في جلسات الهيئة العامة للمجلس النيابي المنعقدة بتاريخ:
28 و29 أيار 1997و10 و11 شباط 1999و14/10/1999و31/10/2000و021/10/2003
الفصل الثالث عشر - الحصانة النيابية ورفعها
المـادة (89) مبدأ الحصانة النيابية متعلق بالانتظام العام.
المـادة (90) لا تجوز خلال دورات انعقاد المجلس، ملاحقة النائب جزائيا أو اتخاذ اجراءات جزائية بحقه أو القاء القبض عليه أو توقيفه الا باذن المجلس ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود).
المـادة (91) يقدم طلب الاذن بالملاحقة وزير العدل مرفقا بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه وعلى خلاصة عن الادلة التي تستلزم اتخاذ اجراءات عاجلة.
المـادة (92) يقدم طلب رفع الحصانة الى رئيس المجلس الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الادارة والعدل الى جلسة مشتركة لدرس الطلب وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير في شأنه في مهلة اقصاها اسبوعان.
المـادة (93) اذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية في المادة السابقة، وجب على رئاسة المجلس اعطاء علم بذلك للمجلس في اول جلسة يعقدها، وللمجلس ان يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة اضافية بالقدر الذي يراه كافيا أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرة. المادة (94) عندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة يجب استمرار المناقشة حتى البت نهائيا بالموضوع.
المـادة (95) للإذن بالملاحقة مفعول حصري ولا يسري الا على الفعل المعين في طلب رفع الحصانة.
المـادة (96) يتخذ قرار رفع الحصانة بالاكثرية النسبية وفقاً للمادة 34 من الدستور.
المـادة (97) اذا لوحق النائب بالجرم المشهود أو خارج دورة الانعقاد أو قبل انتخابه نائبا تستمر الملاحقة في دورات الانعقاد اللاحقة دون حاجة الى طلب اذن المجلس ولكن على وزير العدل ان يحيط المجلس علما بالامر في اول جلسة يعقدها وللمجلس الحق بان يقرر عند الاقتضاء بناء على تقرير الهيئة المشتركة المشار اليها في المادة 100 وقف الملاحقة بحق النائب، واخلاء سبيله مؤقتا اثناء الدورة اذا كان موقوفا وذلك الى ما بعد دور الانعقاد.
المـادة (98) للهيئة المشتركة وللمجلس عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة والتأكد من ان الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك