بعد 13 شهرا على استقالة الحكومة، يبدو ان افق التأليف مقفل ما يوحي ان هناك جهة - داخلية او خارجية- لا تريد ان تبصر الحكومة العتيدة النور لا سيما في ضوء الخلاف المستحكم على الثلث المعطل والحقائب والاسماء.
هذا في الظاهر، اما في عمق الازمة فلا بد من تسوية كبيرة، قد تكون مشابهة لاتفاق الطائف، تعيد بناء الثقة بين المكونات اللبنانية.
حيث وبعد سقوط تحالفي 8 و14 آذار، يجد المراقبون ان كل طائفة اصبحت متقوقعة على ذاتها، بمعنى انه لم يعد لكل حزب من الاحزاب الممسكة بالسلطة والمنبثقة من رحم الطوائف، حليف من الطائفة الاخرى، واذا كانت هيكلية التحالف ما زالت قائمة الا انها تعاني من الندبات... لذا وبحسب هؤلاء المراقبين فانه حتى ولو تألفت حكومة فان مهمتها او هدفها وضع حد للتدهور، وبالتالي الانتخابات النيابية ستكون مرشحة للتأجيل، والحل الفعلي لن يكون الا من خلال تسوية سياسية شاملة تعيد ترميم الثقة بين هذه المكونات وان لم يكن على شكل تحالفات بل ضمانات، وتحمل في طياتها اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية وايضا البلدية والاختيارية ضمن سلة واحدة... ولكن الوصول الى هذه التسوية قد يستغرق وقتا يتخطى المهل الدستورية المحددة لهذه الاستحقاقات؟
وانطلاقا مما تقدم: هل القوى السياسية في وارد التخلي عن الطائف او ترى اقله انه خدم عسكريته وحان وقت التقاعد؟!
يقول عضو كتلة التحرير والتنمية النائب ياسين جابر، ان الموجود في سدة الرئاسة اليوم، (في اشارة الى الرئيس ميشال عون) لم يكن في الاساس لا مؤيدا ولا مؤمنا باتفاق الطائف، مضيفا: هو يحاول اليوم او يسعى الى وضع مفهوم جديد وفق تفكيره للعلاقة بين اللبنانيين.
وما الذي يجب ان يقوم به ميقاتي، يجيب جابر: لا اؤيد الاعتذار لانه سيسقطنا في بئر اعمق من التي نحن فيها. ويضيف: ليس امامنا الا استمرار العمل على تأليف الحكومة، مكررا قول رئيس مجلس النواب نبيه بري باننا نشعر ان ولادة الحكومة تحتاج الى دعاء، مذكرا ان ميقاتي هو ثالث رئيس مكلف، والحكومة لم تبصر النور بعد.
من جهته يرفض عضو تكتل لبنان القوي الان عون الكلام عن سقوط اتفاق الطائف، خصوصا ان لا بديل عنه، مشددا على ان هذا النظام لا يستقيم الا اذا كان لدى القيّمين عليه قابلية للتفاهم، معتبرا ان الخروج من المأزق الراهن يكمن في الاتفاق بين الرئيسين عون وميقاتي انطلاقا مما نص عليه الطائف، لافتا الى ان المقاربات الاحادية تعطله وتبقي الازمة السياسية في دائرة المراوحة.
ويشير الى ان الدستور ينص على ان تأليف الحكومة يتم بالمشاركة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بمعنى ان هذه الصلاحية مشتركة، وبالتالي ما يقوم به رئيس الجمهورية، ليس انقلابا على الطائف ولا الغاء له، بل تفسير حقيقي كما كان يفترض ان يحصل منذ البداية، حيث مشاركة عون في التأليف لا تنتقص من موقع رئيس الحكومة، بل عدم المشاركة ينتقص من صلاحية رئيس الجمهورية، قائلا: الكلام عن ان عون يخرق الدستور تفسير في غير مكانه، مشددا على انه لا يجوز لكل طرف ان يفسر الدستور كما يحلو له.
وردا على سؤال، يلفت عون الى انه لا يمكن للرئيسين ان يشكلا حكومة خارج اطار الكتل النيابية والقوى السياسية والمكونات الطائفية المعنية بالميثاقية. لذا يجب على الجميع خلق مناخ من التفاهم والواقعية وتدوير الزوايا واحترام المعايير.
وكيف يجب ان يتصرف الرئيس المكلف؟ يرى عون ان ميقاتي حتى اللحظة يبحث عن حل انطلاقا من المقاربة التي وضعها بالتفاهم مع رئيس الجمهورية، من اجل الوصول الى صيغة ترضي الجميع. ويختم: لم نصل بعد الى الحائط المسدود.
من جهة اخرى، يرى امين سرّ تكتل الجمهورية القوية النائب السابق فادي كرم، عبر وكالة "أخبار اليوم"، انه مع هكذا سلطة محصورة تماما ومسيطر عليها من قبل التيار "الوطني الحر" و""، فمهما كان شكل النظام فانه سيسقط، قائلا: المسألة او العلة تكمن في مَن يحتلّ مراكز السلطة، ومَن يتصرف بهذه السلطة ويديرها.
ويقول: مهما كانت انواع الانظمة المطروحة امام السلطة القائمة اليوم او بين ايديها فلن تستوي الامور، لان هذا الفريق يؤمن بمفهوم التسلط والقمع السياسي وفرض الشروط بالتعطيل و"تعتير" الناس واذلالها للوصول الى اهدافه المتمثلة بالبقاء في السلطة.
وردا على سؤال، يجيب كرم: الطائف لم يسقط، بل السلطة سقطت، موضحا ان انواع الانظمة التي يمكن ان يصل اليها الشعب اللبناني، يجب ان تطرح بين مفكرين واصحاب اختصاص واشخاص يعون مصلحة الشعب ويحرصون على استمرار وجدود لبنان، مشددا على ان طرح هذه المسألة ليس بالمستطاع طالما هذه السلطة الحاكمة موجودة. ويشدد على انه مع هذه السلطة لا يمكن الرهان على الوصول الى حكومة انقاذ او حكومة مهمة حقيقية .
وامام هذا الواقع هل يجب على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الاعتذار، يلفت كرم الى انه لا يمكن ان ندلي برأينا حول هذا الشأن لان المعطيات ليست متوفرة لدينا، فميقاتي وحده الذي يستطيع ان يقدّر ما آل اليه الملف، قائلا: لكننا من الاساس لم نراهن على تكليف ميقاتي او سواه. وختم: لا ادعوه الى الاعتذار طالما اساسا لا ارى مجالا لحكومة انقاذ مع هذه السلطة، كائنا من يكن الرئيس المكلف، فهذه السلطة لا امل فيها.
بدوره، يشدد نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش، على ان الدستور المستند الى اتفاق الطائف ما زال قائما، على الرئيس المكلف ان يعمل بهداه، متحدثا عن طرفين اساسيين عون وحزب الله، يسعيان الى تعديله لا سيما وانهما من الاساس لم يقبلا به، ولكن المشكلة هنا ان التعديل الذي يسعى اليه ميشال عون سيؤدي الى تعديل مضاد يسعى اليه حزب الله او اقله الرئيس بري. لذلك اي تعديل او تغيير جذري يجب ان يحصل من خلال مجلس النواب، وهو امر مستبعد، لان الرؤى بين الكتل مختلفة ومتباعدة. والا فان هذا التغيير سيحصل بعد "حفلة دم او دمار"، وعندها الخيار واحد : "لن يكون هناك تغيير في اتفاق الطائف بل تغيير في معادلة الجغرافية اللبنانية".
مـــــــــقـــــــــالات ذات صـــــــــلـــــــــة
إقــــــرأ أيــــــضــــــاً
COOKIES DISCLAIMER
This website uses cookies to give you the best experience. By continuing to
browse this site, you give us your consent for cookies to be used.
For more information, click here.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك