كتبت رحيل دندش في "الاخبار":
إقبال غير مسبوق على أنظمة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية للمنازل، في ظل الانقطاع الدائم للكهرباء، وانقطاع الأمل بأي حلول قريبة. حل «نظيف» ومكلف يصعب على كثيرين اللجوء اليه في ظل أزمة مالية غير مسبوقة.
«صفر كهرباء»! هذه، حرفياً، حال معظم اللبنانيين الغارقين في العتمة معظم ساعات يومهم. فيما الأسوأ قادم على ما يبدو، في ظل غياب الكهرباء «الرسمية» وانقطاع المحروقات المشغّلة للمولدات الخاصة، فضلاً عن عجز هذه الاخيرة عن تغطية الغياب شبه الكامل لـ«كهرباء الدولة».
تحسّباً للعتمة القادمة، يُسجّل إقبال لافت على أنظمة الطاقة الشمسية لتأمين مصدر طاقة يلبي الحد الأدنى من الحاجات الحيوية. إقبال «كثيف وغير مسبوق، بحيث إن 10 كونتينرات من اللوحات والمحولات الكهروضوئية تنفد خلال خمسة أيام» بحسب مدير المؤسسة اللبنانية للطاقة البديلة (LSE) طلال الزين، لافتاً إلى أن هذه الأنظمة المخصصة بأغلبها للبيوت يعتمدها البعض «بتمويل من أقارب في الخارج أو ممن يملكون الفريش دولار في الداخل». «الأمر أشبه بمجاعة»، يقول الزين. و«الاقبال الجنوني» على توليد الطاقة النظيفة ليس مرده استفاقة بيئية، بل «معالجة موضعية للغياب الكلي للتيار الرسمي... لمن استطاع إلى ذلك سبيلا»!
ومعلوم أن لبنان لم ينفذ التزامه الذي أقره عام 2009 بالاعتماد على الطاقة المتجددة لإنتاج 12 في المئة من حاجاته من الطاقة بحلول عام 2020. كما لم ينفذ تعهده في مؤتمر المناخ في باريس عام 2015 بتوليد 20 في المئة من حاجاته من الطاقات البديلة. ووفق مدير مشروع «سيدرو» للطاقة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي حسان حراجلي، فإن الدراسات تشير الى أن «استعمال 30 إلى 40 في المئة من حاجتنا للطاقة من مصادر الطاقة البديلة، خصوصاً طاقة الرياح والطاقة الشمسية في المعامل الكبيرة والبيوت، يحقق أدنى كلفة لإنتاج الطاقة في لبنان، ولكننا تأخرنا كثيراً في هذا المجال، وهذا ما كبّدنا على مدى عقود بين مليار وملياري دولار سنوياً لدعم الكهرباء، فوصلنا إلى حافة الهاوية. لذلك نحتاج إلى حلول جذرية سريعة والطاقة البديلة هي أحد أعمدة هذه الحلول».
يؤكد حراجلي أنه يمكن خلال سنة واحدة تركيب أنظمة تولّد بين 1000 و2000 ميغاواط من الطاقة الشمسية و500 إلى 1000 ميغاواط من طاقة الرياح، واستبدال الفيول في المعامل بتوليد الطاقة من الغاز الطبيعي، «ما يخفض كلفة الكهرباء ويلغي الحاجة إلى الدعم».
وتستورد غالبية اللوحات الشمسية من الصين والهند، وتتفاوت أسعارها بحسب المواصفات التي تحاكي حاجة الزبون، كساعات التغذية المطلوبة من البطارية وحجمها. وبالتالي، فإن نظاماً وسطياً بقدرة 5 أمبيرات تبدأ كلفته بحوالى 2000 دولار ، وهو يحتاج إلى لوحتين شمسيتين وبطارية تغطي 24/24 : الانارة، طرمبة المياه (نصف حصان)، براد، غسالة، ويخدم من آذار حتى تشرين الثاني، نظراً الى أن أشهر الشتاء الثلاثة (كانون الأول وكانون الثاني وشباط) يقل فيها الانتاج بسبب الغيوم، «وعندها يحتاج هذا السيستام إلى ترشيد الاستخدام لتشغيله ليلاً». وتتضاعف الكلفة لنظام بقوة 10 أمبيرات. كما يمكن ربط عدد من الشقق في مبنى واحد بمجموعة بطاريات، لكن عدد اللوحات مرتبط باحتياجات كل شقة.
فضلاً عن البيوت، هناك إقبال على الانظمة الشمسية من قبل محطات البنزين لتشغيل المضخات، وهي تحتاج إلى نظام بقدرة إنتاج بين 25 و30 أمبيراً بكلفة تناهز 15 ألف دولار. كما أن بعض محطات المياه جنوباً عمدت إلى تركيب نظام اللوحات الشمسي من دون بطاريات لسحب المياه مع طلوع الشمس، ويحتاج كل بئر إلى مجموعة لوحات تكلف بين 8000 و12000 ألف دولار.
سؤال جدوى الطاقة الشمسية اقتصادياً ليس مطروحاً برأي الزين، فرغم أن هذه الأنظمة تحتاج إلى مراقبة دورية وتغيير البطاريات كل 4 سنوات بكلفة تقدر بنحو 700 دولار، لكن «هي البديل الوحيد المتاح لتفادي العتمة الكلية»، فيما يلفت حراجلي الى أن نظام الطاقة الشمسية يتأثر بنوعية البطارية، مشيراً الى توافر نوعين من البطاريات: «ليد» و«ليثيوم»، والأخيرة «أغلى ثمناً بكثير لكنها عمرها الافتراضي أطول بمرتين ونصف مرة، علماً بأن هذه الأنظمة غير مكلفة في صيانتها، ولكن يجب الانتباه إلى أن التكييف على سبيل المثال يستهلك البطارية أسرع بكثير مما إذا اقتصر الاستهلاك على الانارة وتشغيل البراد والكمبيوتر». ويلفت الى أن هذه الأنظمة تحتاج إلى «مراقبة شهرية للبطارية لملاحظة أي تغيّر والى تنظيف اللواقط الشمسية أسبوعياً من الغبار الذي يضعف الكهرباء والبطارية». ويشير الى أن السوق اللبناني يضم كثيراً من الشركات العاملة في مجال الطاقات البديلة، وغالبيتها تتوافر على فرق صيانة وإدارة وتشغيل، «لكن مؤخراً، وبسبب ارتفاع حاجة السوق، دخل كثيرون في مجال تركيب اللوحات الشمسية لكونه مربحاً، وغالبيتهم ليسوا خبراء، وبالتالي لا ينصحون الزبون بالالتفات إلى موضوع الصيانة والكفالة وتأمين قطع الغيار، بما يساعد على استدامة هذه الحلول».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك