كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
في أسوأ حقبة ستطبعُ تاريخ لبنان الحديث، يعيش الشّعب اللبناني منعزلاً، متروكاً، مهملاً ومنسيّاً من قبل دولة تَكثُر فيها المناصب والرّئاسات، ويتعذّر فيها العثور على مسؤولٍ "مسؤول"، يقوم بما يُمليه عليه دستور الاخلاق والانسانيّة، أو أيّ نصٍّ سماويٍّ آخر، في زمنٍ يستفحل فيه تناتش الحصص الطائفيّة من قبل حُكّامٍ "لا يعرفون الله".
وفي غياب أيّ مُبادرات عون من قبل الدّولة بكامل وزاراتها ومؤسّساتها وأجهزتها تنتشل المواطنين من مستنقع الذلّ، وبعيداً عن مسرحية البطاقة التمويليّة، آخر الابداعات الفاشلة، تنشطُ، في أمكنةٍ أخرى "حركة مع بركة" من قبل مواطنين صمّموا أن يُحاولوا، وبالرغم من كلّ الصّعوبات، تقديم يد المُساعدة والخير بأشكالٍ عديدة.
تتعدّد الطّرق التي يُساعد فيها اللبنانيّون بعضهم البعض في ظلّ الازمات المتلاحقة، فلعلّ هذه السطور تُشكّل أفكاراً لمن ينوون المُساعدة بأيّ وسيلة قد تكون متاحة لديهم:
الاغتراب: إنهم "ملائكة" لبنان الذي ينحدر بسرعة فائقة صوب الجحيم. يُسجَّل لعددٍ كبيرٍ من المُغتربين حرصهم وخوفهم على وطنهم وتفاعلهم بطرقٍ غير مسبوقة مع ما يحصل في لبنان، وما يعاني منه مواطنوه من عوزٍ وفقرٍ ووجع. تنشط مجموعات في الاغتراب بشكلٍ لافت، وتعمل كخلايا نحل لسدّ النّقص في مجالات عديدة في لبنان، خصوصاً في قطاع الادوية عبر التّواصل مع جهات محليّة وإرسال الادوية المطلوبة لعلاج الامراض المُزمنة، ومتابعة المرضى عن بُعد عبر أطباء لبنانيّين في المهجر.
صفحات إلكترونيّة: خُلقت في الاشهر القليلة الماضية صفحات إلكترونيّة عديدة، شكّلت صلة وصل بين من يريد تقديم المُساعدة، وبين من هو بحاجة لها. صفحاتٌ تعرض أدوية مفقودة في الصيدليّات، وأخرى تنشر صوراً لثيابٍ ومقتنيات ومنتجات مقدّمة كهبات، ومجموعات تنشط إلكترونيّاً لعرض مشاكل عدّة يعاني منها موطنون بهدف العثور على أشخاص يمكنهم المساعدة. باختصار باتت صفحات وحسابات اللبنانيّين على مواقع التواصل الاجتماعي أشبه بحلقة من المحبّة والتعاضد، والدّليل في نسبة التفاعل الكبيرة وإعادة النشر التي نرصدها والتي تأتي بثمارها بعد ساعات قليلة.
خدمات فردية ومجانّية: أكثر المبادرات تأثيراً في هذه الفترة هي تلك التي تأتي على صعيد تقديم خدمات مجّانيّة عوضاً عن المال في بعض الاحيان. قد تكون معاينة مجانيّة لدى طبيب، أو مجالسة طفل في غياب والديه، أو نقل أشخاصٍ لا يملكون سيارات وأوضاعهم المادية صعبة، أو حتى عرض توصيل أغراض وأدوية في طريق العودة من الخارج الى لبنان، وغيرها من الخدمات التي تُحدث فرقاً كبيراً ولا تكلّف مالاً، وتحتاج فقط الى همّة ونيّة صافية لفعل الخير.
جمعيّات وبلديّات: تقوم بعض الجمعيّات والبلديّات بعمل جبّار في خضمّ هذه الاوضاع الصّعبة، لتقديم شتّى أنواع المُساعدات المطلوبة. وتؤكّد المرجعيّات فيها أنّ لوائح الاشخاص الذين يحتاجون للمساعدة تطول بشكل لا يتصّوره عقل، خصوصاً بعدما انزلقت الطبقة الوسطى في لبنان الى مرتبة الطبقة الفقيرة، ممّا زاد العبء والحمل على هذه المؤسّسات التي باتت تبتكر طرقاً جديدة للعون تختلف عن تقديم وجبات الطّعام وصناديق المنتجات الغذائية، نذكر من بينها توزيع قسائم شرائيّة تعطي الشّخص حرية اختيار ما يحتاجه بنفسه من المتاجر، ودفع فواتير لاصحاب مولّدات كهربائيّة لكي لا يُقطع التيار الكهربائي على منازل بعض السكّان، فضلاً عن جمع وفرز المّساعدات وتوجيهها بحسب الطلب والحاجة لتأمين إستمرارية دعم أكبر عددٍ مُمكن من الاشخاص.
دعم التّعليم:أسمى المُساعدات التي يُمكن تقديمها تتّصل بتعليم أطفال يعجزُ أهلهم عن دفع أقساطهم. وفي هذا السيّاق، تبرز مبادرات عديدة من قبل أشخاصٍ ميسورين يحرصون على أهمية الحفاظ على حقّ التعليم للطفل اللبناني ويُبادرون لمساعدة الاهل في دفع الاقساط، فضلاً عن تقديم القرطاسيّة والكتب عند الحاجة، وهناك أيضاً من الشباب من اختار أن يُساعد عبر تقديم خدمة تعليم الاطفال مجاّناً من خلال دروسٍ خصوصيّة وأخرى صيفيّة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك