جاء في وكالة "المركزية":
تأكّد لمراقبي الشأن السياسي المحلي، في الساعات الماضية، ان ثمة فعلا ما تحرّك دوليا على خط معالجة الازمة اللبنانية. هذه الدينامية التي اطلقها الفاتيكان منذ اسابيع، يبدو انطلقت عمليا لانقاذ الوطن الصغير.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية"، فإن الكرسي الرسولي باشر مساعيه لاخراج اللبنانيين من مأساتهم، من خلال حثّه واشنطن عبر وزير خارجيتها انطوني بلينكن الذي كان موجودا في روما، على فعل "شيءٍ ما". فكان اللقاء البارز الذي جمع الاخير الى نظيريه الفرنسي جان ايف لودريان (المتابع الاول للملف اللبناني دوليا، منذ آب الماضي) والسعودي فيصل بن فرحان، في لقاء كان لبنان، الطبق الاساس على مائدته. بعد ذلك، نظّم الكرسي الرسولي يوم الصلاة والتأمل من اجل لبنان في الاول من تموز الجاري، وقد اراد منه البابا فرنسيس ليس فقط الصلاة من اجل بلد الارز، بل ايضا فرض لبنان اولوية اجندة عواصم القرار واستنهاض هممها ودفعها الى حشد قواها لمساعدة لبنان.
ويبدو ان هذه المبادرة البابوية بدأت تعطي ثمارها. ففي خطوة قلّ نظيرها - كي لا نقول غير مسبوقة - في تاريخ العلاقات الدولية، توجّهت سفيرتا الولايات المتحدة وفرنسا الى السعودية امس، للتباحث من كثب، مع مسؤولي المملكة في القضية اللبنانية... البيانان الصادران عن السفارتين، اوضحا ان الزيارة تأتي امتداداً للقاء المشترك الثلاثي الذي انعقد في إيطاليا في 29 حزيران الفائت، على هامش قمة مجموعة العشرين، مشيرين الى ان الدبلوماسيتين ستعرضان لخطورة الوضع في لبنان وستؤكدان على أهمية المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني، فضلاً عن زيادة الدعم للجيش وقوى الأمن الداخلي، مع بحث ما يمكن فعله للاسراع في تشكيل حكومة تجري الإصلاحات العاجلة والأساسية التي يحتاجها لبنان بشدة.
لكن، بحسب المصادر، فإن الزيارة، من حيث شكلها وتوقيتها، توحي بأن ثمة شيئا كبيرا يُطبخ للبنان في كواليس الفرنسيين والاميركيين، على شكل تسويةٍ تتجاوز مفاعيلُها حلَّ المعضلة الحكومية، لتطال جوهرَ اسباب ازمات لبنان، كتغييرِ وجهه العربي وامساكِ احد مكوّناته بسلاح غير شرعي، والتي تُعتبر الدوامةُ الحكومية والكارثة المالية المعيشية الانسانية، من نتائجها.
واشنطن وباريس، وفق المصادر، تحاولان على ما يبدو، جسّ نبض الرياض من توجّهٍ كهذا، ومعرفةَ مدى استعداد المملكة للعب دور في هذه التسوية ورعايتها. فنفضُ الرياض يدَها نهائيا من الواقع اللبناني، منذ اشهر لا بل منذ سنوات، أثّر سلبا على الاوضاع اللبنانية على الصعد كافة (وسهّل جرّه نحو المحور الايراني في المنطقة)، كما ان هذا الانكفاء اليوم، لن يساعد في التوصل الى حلّ صلب وقوي وطويل الامد للازمة اللبنانية، بل على العكس.
وفي وقت لا تستبعد ان يكون هذا الجهد الثلاثي يعدّ العدة لمؤتمر دولي حول لبنان، وربما ايضا لاعلان "حياده الايجابي"، بما يعيد ربطَه بمحيطه العربي ويؤسس تاليا لعودة الروح والحياة الى بيروت بعد ان فقدتها بسلخها عن مداها الحيوي الطبيعي، تلفت المصادر الى ان لبنان بدأ يرى بالعين، نتائج لقاء 1 تموز، وهي ستتخذ معالم اكثر وضوحا في المرحلة المقبلة، خاصة وان الادارة الاميركية "البايدنية" عادت لتولي ملفات المنطقة بأسرها، ولبنان ضمنا، اولوية مطلقة، بعد فترة تريّث عقب دخول الرئيس الديموقراطي البيت الابيض.
وبعد، فإن هذا الزخم الدولي لرعاية لبنان، يعني ان الخارج بات مقتنعا بأن طاقم قيادة السفينة اللبنانية، عاجزٌ ومتواطئ ومتخاذل، ويأخذ الركاب الى الغرق المحتم كرمى لمصالحه. وبالتالي لا بد له (اي للخارج) من التدخّل سريعا لمنع "الموت الجماعي" الآتي وتصويب المسار نحو برّ يشبه طموحات شبابه الذين ثاروا على المنظومة في 17 تشرين.. يمكن القول اذا ان مرحلة وضع لبنان تحت "وصاية دولية" وإن غير معلنة، لادارة شؤونه وانقاذ شعبه، انطلقت، تختم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك