كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":
بدلاً من الاكتفاء بمداهمة مستودعات وشركات الأدوية، وبالقيام باستعراضات إعلاميّة لا تُفيد المريض بشيء، ولا تؤمّن له ما يحتاجه من الصيدليات، ولا الإستشفاء في المستشفيات، بل على العكس، من حيث أن فقدان الأدوية يزداد رغم كل تلك المداهمات، لا بدّ من إيجاد طُرُق فعّالة ومضمونة لتأمين الأدوية، عبر استخدام الدولة سلطاتها كافّة، من أجل ترجمتها (المداهمات) على أرض الواقع، وتحرير ما يتمّ ضبطه من أدوية ومستلزمات طبيّة في المستودعات.
"من برّا"!
الحلول يُمكنها أن تكون سهلة، في ما لو عُمِّمَ على الناس أن يبلّغوا عن كلّ صيدلية تُجيب المريض بـ "مش موجود"، و"مقطوع". ولكن من هي الجهة التي ستلاحق؟ والتي ستنفّذ؟ ومن هي الجهة التي تريد أن تُوفّر الأدوية للناس بصدق؟
آخر بدع بعض الصيادلة، و"مخيّلاتهم المتفتّقة" حرصاً على صحة المرضى، هي أن "جرّبوا أمّنوا أدويتكم من برّا، لأنّو كل شي مقطوع".
ليس قادراً
ولكن من أيّ خارج ستتأمّن؟ وماذا يفعل من ليس قادراً على ذلك أصلاً؟ وماذا عن ذاك الذي لا إمكانيّة لديه للحصول عليها من الخارج في مواعيدها المحدّدة واللازمة؟
ومن أين يأتي المريض "المعتّر" بالدولار، أو بباقي العملات الصّعبة، لدفع ثمن أدويته إذا تمكّن من توفيرها من الخارج، طالما أن ما يملكه من ليرة لبنانية، لا يكفيه لـ "10 الشّهر"، وما عاد له قيمة أصلاً، بعدما تحوّل الى مجموعة من الأوراق؟
مصيرهم؟
شدّد مصدر مُطَّلِع على آخر معطيات الواقع الطبي على أن "الحلول الجديّة والقادرة على إنقاذ المرضى، وعلى توفير الأدوية والمستلزمات الطبيّة لهم، تتطلّب توفُّر دولة، متكاملة العناصر والأركان. وهذا ما ليس متوفّراً في لبنان، في الوقت الحالي".
وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "أي إجراء رسمي، من هنا أو من هناك، سيكون بلا فاعلية. فمثلاً، إذا تمّ تحديد خطّ ساخن لتقديم الشّكاوى، وانهالت عليه الإتّصالات، بلا مُجيب. ما هو مصير الناس في تلك الحالة؟ أو حتى إذا توفّر من يُجيب على اتّصالات وشكاوى الناس، دون آليات تحرُّك، ودون نتائج، فما هو مصير المرضى أمام هذا الواقع؟".
فَشَل
وسخر المصدر من دعوة بعض الصيادلة لتأمين الأدوية من الخارج، وقال:"هذا هو الدّليل الأكبر على الفشَل".
وأوضح: "إذا ذهبنا الى ما هو أبعَد من أن الدولار والعملات الصّعبة ما عادت متوفّرة مع نسبة كبيرة من الشعب اللبناني، نجد أنهم بدعوتهم تلك، يشجّعون على الحصول على أدوية من تركيا ومصر، بما يتناسب مع القدرة الشرائيّة للّبنانيّين، بنسبة معيّنة. ولكن هذا الوضع يُساهم في الإبقاء على فلتان السّوق الدوائي في لبنان، وفي الذّهاب بالفوضى الدوائيّة الى ما هو أبعَد، في وقت لاحق، وبطُرُق عدّة".
دقيق
وشرح المصدر: "كلّ تلك الطروحات تشجّع على إضاعة المزيد من الوقت، بدلاً من التركيز على البحث عن حلول جذرية. فحتى ولو تأمّنت بعض أنواع الأدوية، لبعض الناس، من مصر أو تركيا مثلاً، ماذا عن المستلزمات الطبية في تلك الحالة؟ وماذا عن الحاجات الإستشفائية؟ وماذا عن الأدوية التي قد لا يجدها اللبناني في السوق الدوائي التركي أو المصري؟ وماذا عن الأدوية التي قد لا تتناسب كلياً، كبدائل عن تلك التي قد يتعذّر إيجادها هناك أيضاً، في الوقت اللازم؟".
وختم: "البلد في وضع طبي دقيق. وأي تأخير في الحلول الجذرية، سيؤسّس لمزيد من الفوضى، ولمزيد من حالات الموت في المنازل. وهذا الوضع يذكّرنا بما كان يحصل قبل أشهر، عندما توفّي الكثير من الناس في منازلهم، بسبب جائحة "كوفيد - 19"، ونتيجة ما تسبّبت به من ضغط على القطاع الإستشفائي. ويُمكن لانقطاع الأدوية أن يتسبّب بمزيد من تلك الحالات مستقبلاً".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك