كتبت زيزي إسطفان في "نداء الوطن":
مع اقتراب كل عيد "يدبّ الهم في ركب" ربّات البيوت وأربابها مع اضطرارهم لتأمين ما تتطلبه المناسبة من احتياجات هي في صلب العادات اللبنانية ويصعب التخلي عنها ولو في عز الأزمة. الاختصار في المراسم الاحتفالية سيد المرحلة لكن "بركة العيد" واجب مقدّس. ومع اقتراب عيد الفصح (الغربي) لا مهرب من المعمول وكعك العيد وبيض الشوكولا ولا تهرّب من سفرة العيد التي تجمع أهل البيت بعد الصوم و"القطاعة". فكيف يمكن لربة البيت تلبية هذه الاحتياجات بأقل كلفة ممكنة؟
عادات كثيرة في طريقها الى التبدّل على الرغم من مقاومة لا يزال يبديها اللبناني تجاه هذا التغيير وشبه إنكار لواقع يفرض نفسه. الغلاء فاحش والأصناف التي اعتادها غير متوافرة في الأسواق أو هي موجودة بأسعار تفوق الخيال. القلة من المحظوظين الذين لا يزالون يقبضون بالدولار لم يستشعروا فرقاً كبيراً بين الأمس واليوم، أما " معتّرو" الليرة اللبنانية فتخطت الأسعار قدرتهم على الاستمرار وصارت الأعياد عبئا ثقيلاً عليهم. من هنا كان البحث دوماً عن الأوفر والأرخص لإبقاء الصلة قائمة بين حياة ألفوها وأخرى لم يتعودوا عليها بعد. صحيح ان "العين بصيرة واليد قصيرة" لكن البدائل موجودة خصوصاً في مواسم الأعياد وإليكم استراتيجية التوفير.
النيو- معمول خياركم الأفضل
الى السيدة الأنيقة والأستاذة في علوم الطهو دلال كنج توجّهنا، هي التي اعتادت أن تبتكر أرقى الأطباق وأغلاها، سألناها أن تضع خبرتها لابتكار أصناف تحتفظ بتميزها في العيد إنما بكلفة أقل. الاستجابة فورية فالمعاناة واحدة بين جميع أطياف الناس في لبنان. نبدأ بالمعمول: وصفتُه لا يمكن التلاعب بها ولكن بعض التحايل ممكن واستبدال الزبدة بالمارغرين الأرخص أمر بديهي. أما الحشوة وهي الأكثر كلفة فأمر آخر يترك كل الخيارات مفتوحة: اللوز، الجوز والفستق الحلبي أصبحت من الماضي وحشوة المعمول في زمن القلة يمكن ان تكون بالمربى. التين والبوصفير هما الأنسب ولكن يمكن استخدام اي صنف من المربيات الموجودة في البيت على أن يضاف إليها القليل من السميد لتصبح مقرمشة ومتماسكة أما ماء الزهر وماء الورد المضافان الى الحشوة فيحفظان للمعمول ماء الوجه والطعم التقليدي.
ابتكارات الشيف دلال للمعمول كثيرة فالحشوة يمكن ان تكون أيضاً مزيجاً من الحلاوة ومربى التين في تزاوج شهي ويمكن استخدام فرك الكنافة المتوافر بسعر مقبول لإضافته الى التمر المطحون او الحلاوة او المربيات للحصول على حشوة لذيذة ومبتكرة. حتى راحة الحلقوم المضاف اليها بعض السميد تشكل حشوة "كويسة ورخيصة" ولذيذة.
ها هو النيو- معمول قد بات جاهزاً بكلفة أقل من المعتاد وبلا جميلة القلوبات. في جولة على بعض اصحاب الباتيسيري والمحامص علمنا من السيد فادي أبي عاد أن تسعيرالمعمول عنده هذا العام سيكون بالدولار. 4$ لدزينة التمر و6 للجوز و9 للفستق الحلبي.... قد تكون هذه الأسعار أقل بكثير في بعض المحلات الأخرى وذلك لأن نوعية المواد المستعملة في صناعة المعمول يمكن أن تختلف كلياً. فالفستق الحلبي يُستبدل بالفول السوداني او ما يعرف بفستق العبيد ويضاف إليه صباغ أخضر مع قطرات من "روح" الفستق الحلبي فيتحول الى حشوة بديلة لا يمكن تفريقها عن الطعم الأصيل إنما بسعر أقل باشواط... أما اللوز والجوز فدرجات ونوعيات وقد يفرق سعر الكيلو الواحد بين الجيد والأقل جودة 6 او 7 دولارات لكن المستهلكين العاديين يصعب عليهم التفريق بين "طعماتها" ولا سيما متى اختلطت بالسكر وماء الزهر والورد...
نعود الى اصناف الشيف دلال لنتعرف الى النسخة الجديدة من كعك العيد. 3 أكواب من الطحين مع نصف كوب من الحليب السائل ومثله من الزيت او المارغارين وربع كوب من السكر وملعقتين من ماء الزهر واثنتين من ماء الورد يضاف إليها نصف كوب من الحلاوة او من التمر المطحون، يدعك المزيج جيداً ويوضع في الفرن لمدة 15 دقيقة ويصبح كعك العيد جاهزاً باشهى مكونات وأقل كلفة...
بيض العيد بشكل جديد
بيض الشوكولا رمز عيد الفصح يمكن أيضا استبداله على طريقة دلال كنج بخيارات أنيقة تحمل اسماً راقياً هو Truffe. هنا تحطيم الاسعار مضمون إذ يكفي استخدام كوب من البسكويت الوطني المطحون مع نصف كوب من برش جوز الهند وبضع ملاعق من الكاكاو مع لمسة من " الروم" او الكونياك وعبوة كبيرة من الحليب المكثف المحلى (صنع تركيا) تحل محل الكريما الطازجة لصنع عجينة يمكن تشكيلها كرات صغيرة تلتّ بالكاكاو او السكر الناعم او ببرش جوز الهند لتحل محل بيض العيد. و يمكن ان يضاف اليها كخيار مختلف التمر المطحون المدعوك بماء الورد وماء الزهر للحصول على كرات أنيقة شهية وإن لم تكن بيضوية الشكل.
ولمن يصر على الحفاظ على تقليد بيض الشوكولا يمكنه ان يجد في الأسواق نوعيات كثيرة حيث يبدأ سعر كيلو الشوكولا بالجملة من3$ ليرتفع صعوداً حتى 30$ وفق ما يقول أبي عاد ويمكن الاختيار بين النوعيات وفق ميزانية كل شخص ولكن طبعاً على حساب النكهة والجودة وإرضاء العين قبل الذوق لتبقى التقاليد مصانة...
تارت التمر
تتوالى الأصناف البديلة عن ضيافات العيد فتقترح السيدة كنج مثلاً تارت التمر مع فرك الكنافة حيث تعد العجينة وتوضع في قالب خاص حتى تنضج. بعدها يذوب نصف كوب من التمر المطحون على النار مع فرك الكنافة وملعقتين من الزبدة وماء الزهر والورد ويوضع داخل التارت ويمكن تزيين الوجه بمزيج من فتات الجوز والزبيب بكلفة بسيطة. ولمزيد من التفنن لا سيما في مائدة العيد يمكن إضافة القشطة البيتية فوق التمر واستخدماها كاساس للكثير من اصناف الحلويات البيتية الصنع. يكفي إضافة لب الخبز الفرنجي الى الحليب السائل والسكر وماء الزهر والورد مع مزيج من النشاء المذاب بالماء وانتظارها حتى تشتد على النار للحصول على قشطة بيتية يمكن وضعها فوق التمر وتزيينها بشرحات الموز.
الفاكهة على الرغم من غلاء اسعارها، حيث بات يصعب على المواطن هضمها، لا تزال تشكل بديلاً مقبولاً عن أصناف الحلوى. فكيلوغرام واحد من التفاح مثلاً يشكل طبق حلوى فريداً وانيقاً على طريقة الشيف دلال حيث تقشر التفاحات وتُفرّغ وتدهن بالزبدة وتُدخل الى الفرن ليتم حشوها حين تنضج بالتمر وفرك الكنافة ومزيج من كسر الجوز والزبيب. الفريزعلى الرغم من غلاء سعره يمكن تحويل سلة منه الى ضيافة شهية متى غمست كل حبة بالشوكولا السائل الأبيض او الأسود الذي يمكن شراؤه الواحاً باسعار مختلفة....
البدائل عن الحلويات الجاهزة موجودة ومتوافرة في كل بيت ولن نقول إنها بالبلاش فلا شيء بالمجان هذه الايام لكنها تتيح بدائل اقتصادية يمكن للعائلات تحمل كلفتها ولو أرهقتها.
الفيتا نجمة الموسم
الأطباق الرئيسية قصة مختلفة لا سيما في مأدبة عيد الفصح التي تعيد الدسم الى الأطباق الذي افتقدته اثناء فترة الصوم. لكن ما تحتاجه الصحون تفتقر إليه الجيوب. ومع غلاء اللحوم يصبح الدجاج هو الخيارالأقل كلفة وإن شهدت اسعاره ارتفاعاً شديداً مؤخرا ( وهناك دعوات لمقاطعته). أما فيليه السمك فهي خيار مثالي يصلح في ايام الصوم والإفطار على حد سواء ولا سيما ان بعض أصنافه المجلدة يخضع للدعم ما يجعل الاسعار في متناول معظم الأسر.
وهنا تقول الشيف دلال يمكن التفنن بدرجات كبيرة لابتكار اطباق من السمك بكلفة قلية، فحين تضاف إليه المتبلات يتحول الى طبق راق يقدم بفخر على الموائد. الفريكة بالدجاج طبق مميز ومحدود الكلفة والسلطات على أنواعها يمكن التفنن بها وجعلها " شبّيعة" بإضافة كمية قليلة من الحبوب المختلفة إليها رغم الارتفاع الجنوني في اسعارها مثل العدس والبرغل والحمص والفاصوليا والفول لتشكل دعماً غذائياً للسلطة عالي الفائدة مع اختيار صلصات منوعة ولا سيما تلك المصنوعة من الزيت والحامض ودبس الرمان. جبنة الفيتا نجمة الموسم خصوصاً أن سعرها لا يزال الأدنى بين كل فئات الأجبان وبعد غياب الأجبان الأجنبية باتت هي البديل الحصري عن معظمها وبحسب نصيحة السيدة كنج يمكن استخدامها مع مزيج الكعك وحبات البندورة الكرزية والزيتون لتتويج أوجه الصواني محل الجبنة الذائبة التي يكاد اللبناني ينسى طعمها قبل إدخالها الى الفرن. وتبقى المكسرات رفيقة كل مائدة لبنانية ولكن مع سعر يصل الى 10$ للكيلو المدعم بالقلوبات، فهل يمكن إبقاؤها على المائدة أم سيكتفي اللبنانيون بالفستق والبزر؟هنا أيضاً يقول صاحب المحمصة ان الخيارات متاحة والنوعيات الدنيا يتم تقديمها من قبل بعض المحامص باسعار تنافسية جداً تجعلها حاضرة على المائدة وإن بالشكل.
حشوة مستحدثة
"لا داعي للهلع" إذاً والبدائل حاضرة تحتاج الى دراية وابتكار وجولة على فروع السوبرماركت لاختيار الأوفر. ولكن هل هذا حقاً ما يريده اللبنانيون؟ البعض يقول إن من رأى تهافت الناس على محلات الأزهار في عيد الأمهات يشك بوجود أزمة مالية في جيوبهم، فهم ينقّون لمجرد النق يقول أحدهم وعند الحشرة لا يتخلون عن اي شيء مما عهدوه لكنهم يخففون الكمية أو يقدمون بعض التنازلات بالنسبة للنوعية، والبعض الآخر يؤكد ان الأسعار بالدولار صارت اقل بكثير من السابق ومن يتلقى الدولار من الخارج او الداخل صار قادراً على الحصول على كل ما يشاء باسعار لم يكن يحلم بها...
لكن مهما تنوعت الآراء وقست فإن الكثير الكثير من العائلات المخفية لا تجد قوت يومها وتسد جوع أولادها بأرغفة فارغة في العيد كما في سواه من الايام...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك