خرق رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية الوزير السابق محمد شقير السواد الحالك الذي يلف المشهد اللبناني، بإعلانه ان “انقاذ لبنان ليس مستحيلاً، فهو بلد صغير يتمتع بعطف دولي عليه، يمكن الاستفادة منه لبناء لبنان الذي نحلم به”.
لكن لبشرى شقير هذه شروطاً، أولها تشكيل حكومة، “لا تكون على قياس بعض الاشخاص”، بل حكومة تنال ثقة المجتمع الدولي وتطلق المفاوضات مع صندوق النقد، الطريق الوحيد لخلاص لبنان.
وإذ حذر شقير من ثورة جياع، طالب الحكومة المستقيلة بالاسراع في دفع مبالغ شهرية لكل العائلات التي أصبحت دون خط الفقر، كما طالب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بوقفة لتشكيل الحكومة، معتبراً ان عرقلة تشكيل الحكومة من أجل شخص أو ثلث معطل او وزير “بالزايد او بالناقص” جريمة.
إذا في الحوار الذي أجراه leb economy files مع شقير كشف رئيس الهيئات الاقتصادية ان “الهيئات كانت تحذر من سوء الوضع الاقتصادي منذ عام 2011، وكان لها نداء استغاثة في عام 2020 شددت فيه على خطورة الواقع الاقتصادي، وللأسف اليوم ومع بداية عام 2021 يشهد لبنان ثورة جياع، تستدعي من الدولة التحرّك بأقصى سرعة ممكنة للوقوف الى جانب شعبها”، مطالباً الحكومة المستقيلة بالاسراع بدفع مبالغ شهرية لكل العائلات التي تخطت عتبة خط الفقر، وقال “بالمقارنة بين التضخم البسيط الذي سيحصل جراء دفع مبالغ للعائلات والجوع، أنا مع التضخم ضد الجوع”.
وبالنسبة لجائحة كورونا، قال شقير “انا مع اقفال البلد لاحتواء الوباء ولحماية صحة المواطنين، ولم اتخذ أي موقف رافض للاقفال إنما حذرت من فتح البلد خلال فترة الاعياد، لكن في المقابل لا يمكن اقفال البلد من دون ان تقوم الدولة بواجباتها تجاه العائلات الاكثر عوزاً خصوصاً ان هناك الكثير من اللبنانيين يعتاشون من عملهم اليومي”.
وإذ اعتبر ان كوفيد 19 وضع لبنان امام ازمة صعبة وطويلة الامد، حيث ان فترة التلقيح تحتاج الى وقت طويل، تمنى على “الحكومة وضع خطة لصرف مبالع شهرية للمواطنين لتمكينهم من اجتياز هذه الفترة القاسية”.
واشار الى ان “اصوات كثيرة قد تخرج من هنا وهناك محذرة من ارتفاع معدلات التضخم اذا ما جرى صرف مبالغ مالية لمساندة المواطنين في ظل هذه الجائحة، لكن موقف الهيئات الاقتصادية واضح: الهيئات مع التضخم وضد الجوع وتدعو الحكومة الى تحرك سريع في هذا الاطار”.
الهيئات لا تقف مكتوفة الايدي
وتطرّق شقير الى واقع عمل القطاع الخاص والمعاناة التي يعيشها، واعلن ان “الهيئات كان لها عدة اقتراحات رفعتها الى وزير المال غازي وزني، الذي تجاوب بدوره مشكوراً وتبنى معظم هذه الاقتراحات في مشروع موازنة عام 2021، مؤكداً انه من شأن هذه الاقتراحات مساعدة ما تبقى من شركات القطاع الخاص”.
واشار الى ان “الوضع صعب جداً، فالاقتصاد اللبناني شهد عدة مصائب متتالية، الأزمة المالية، عزلة لبنان عن المجتمع الدولي، جائحة كورونا، انفجار مرفأ بيروت، مؤكداً ان هذه الكوارث مجتمعة كانت ستهوي بأكبر وأقوى اقتصادات العالم”.
وكشف شقير عن ان “الهيئات الاقتصادية لا تقف مكتوفة الايدي امام هذا الواقع، فهي تعقد يومياً اجتماعات على تطبيق zoom للخروج بأفكار واقتراحات تشكل نواة خطة عمل للحكومة الجديدة لفترة 100 يوم بهدف انقاذ ما تبقى من المؤسسات ومن الاقتصاد اللبناني”.
“جريمة” عرقلة تشكيل الحكومة داخلية
وفي إطار حديثه عن الوضع في البلاد وموضوع تشكيل الحكومة، تساءل شقير عما اذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على علم بما يجري في البلد، وتمنى نقل الصورة الحقيقية له، متوجهاً بنداء الى الرئيس عون قائلا: “يا فخامة الرئيس الوضع لم يعد يحتمل يجب ان تتالف الحكومة بأسرع وقت ممكن، فالناس يبكون دماً والمؤسسات تنزف، لم يبق شيئاً في لبنان، فاللبنانيون يهاجرون دون نية للعودة الى ربوع وطنهم، قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد في خطر، والجوع ينتشر ويتوسع، وقريباً سنترحم على كل ما تبقى من قطاعات في لبنان”. وتابع “اتمنى على رئيس الجمهورية وقفة لتأليف الحكومة، فعرقلة تشكيل الحكومة من اجل شخص او ثلث معطل او وزير “بالزايد أو بالناقص” جريمة. هناك ملايين اللبنانيين يتأذون”.
واعتبر شقير انه “من المعيب طمس الحقائق والايحاء للبنانيين ان دولاً خارجية تعرقل تشكيل الحكومة في لبنان. انتظرنا شهرين نتيجة الانتخابات الاميركية والآن يحاولون ايهام الناس اننا بإنتظار معرفة سياسات الرئيس الاميركي الجديد. في حين ان لبنان حالياً ليس في حسابات اي دولة، فكل دول العالم تنشغل بأزماتها في ظل جائحة كورونا والواقع الاقتصادي المتازم في العالم. على اللبنانيين ادراك حقيقة واحدة وهي ان “على لبنان مساعدة نفسه وتشكيل حكومة”.
الامن ممسوك... والإنقاذ ليس مستحيلاً
ونفى شقير في رد على سؤال وجود مخاوف لديه من تفلت أمني ما، معبراً عن ثقته واحترامه الكبيرين لجميع القوى الامنية والجيش اذ ورغم الظروف الصعبة التي يعيشها افرادهما كسائر اللبنانيين، هم على الدوام موجودين للسهر على امن المواطن. واشار الى ان “على السياسين ان لا يحمّلوا القوى الامنية اكثر من طاقتها، ويتّجهوا فوراً لتشكيل حكومة تتواصل المجتمع الدولي ومع صندوق النقد لوضع خطة للإنقاذ”.
واكّد شقير ان “انقاذ لبنان ليس مستحيلاً، فلبنان بلد صغير يتمتع بعطف دولي عليه، لذلك علينا الاستفادة من هذا العطف لبناء لبنان الذي نحلم به”.
قريباً... اسماء شركات التأمين المتلاعبة الى الاعلام
وسلّط شقير الضوء على تعويضات المتضررين من انفجار المرفأ، مشيراً الى تقصير كبير من الحكومة وبعض شركات التأمين. وكشف ان “الهيئات ناشدت الحكومة اصدار تقرير يوضح اسباب الإنفجار لقطع الطريق على اي شركة تأمين تتهرّب من دفع حقوق المتضررين بحجة عدم صدور تقرير عن الانفجار. فطبيعة الانفجار معلومة للجميع، والكشف عن كيفية وصول المواد المتفجرة والاشخاص المتورطين في هذه المسألة قد يحتاج الى سنوات، ومن الظلم ان ينتظر المتضررين سنوات لنيل حقوقهم”.
وتوجه شقير برسالة الى شركات التأمين التي لم تبادر للدفع حتى الآن، قائلاً: “دفع مستحقات المتضررين من انفجار مرفأ بيروت موضوع انساني ووطني، فالمدينة التي اصيبت هي العاصمة بيروت، بمساجدها وكنائسها وجامعاتها وبيوتها ومطاعمها وفنادقها. ماذا تنتظرون لإعطاء الحقوق لأصحابها؟ عليكم البدء فوراً بدفع الحقوق لأصحابها”.
وفيما اعلن شقير ان هناك بعض شركات التأمين دفعت المستحقات، كشف انه بصدد التحضير لمؤتمر صحافي في نهاية شباط، يكشف خلاله اسماء الشركات التي لم تدفع حقوق المتضررين حتى الآن وتحاول ان تتلاعب وتتملّص من واجباتها.
ثقتي بلبنان وشعبه والقطاع الخاص كبيرة
وختم شقير مؤكداً ان هناك أمل كبير بإنقاذ لبنان، اذ لا يزال هناك مسؤولين أصحاب ضمير يعملون لخير البلد. كما ان هناك ثقة كبيرة بالقطاع الخاص والشعب اللبناني، هذا الشعب الجبار الذي لا يزال صامداً رغم توالي الكوارث عليه”. وقال: “المهم ان نبدأ في مكان ما وبخطوة اولى هي تأليف الحكومة، وليس حكومة يحيكها البعض كما تتطلب مصالحه السياسية، انما حكومة محترمة تضم وزراء مختصّين يرضى عنها المجتمع الدولي فتستطيع نيل المساعدات واطلاق التفاوض مع صندوق النقد لأن لا خلاص للبنان الا عبر هذا الطريق”.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك