مرة جديدة يؤكد أهل الحكم في لبنان أن حماية الارض والحدود، مهمة الجيش اللبناني حصراً. أمس، من الجنوب، وبعد جولة قام بها على عدد من القرى، قال رئيس الحكومة نواف سلام في بيان "التحيّة لكل ابطال جيشنا الوطني ولشهدائه الابرار، فأنتم عنوان الشرف والتضحية والوفاء، وانتم العمود الفقري للسيادة والاستقلال. الجيش هو المولج الدفاع عن لبنان، وعليه مسؤولية الحفاظ على أمن الوطن وحماية شعبه وصون سيادته ووحدة وسلامة أراضيه. والجيش اللبناني يقوم اليوم بواجباته بشكل كامل، ويعزز انتشاره بكل إصرار وحزم من أجل ترسيخ الاستقرار في الجنوب وعودة أهالينا إلى قراهم وبيوتهم. وأؤكد ان الحكومة سوف تعمل على تمكين الجيش اللبناني من خلال زيادة عديده وتجهيزه وتدريبه وتحسين أوضاعه مما يعزّز قُدراته من اجل الدفاع عن لبنان"...
الموقف هذا ليس جديدا بل لا ينفك لبنان الرسمي يكرره منذ لحظة انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية. لكن رغم دخول الثنائي الشيعي، وتحديدا حزب الله، الى السلطة عبر انتخابه الرئيس عون وعبر منحه الثقة لرئيس الحكومة نواف سلام، يحاول اليوم، تصوير النهج الرسمي هذا على كونه مقدمة لتوقيع اتفاق سلام بين لبنان واسرائيل، في لعبة تثير علامات استفهام كثيرة، وفق ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ"المركزية".
فإذا كان حزب الله يعتبر، كما يقول إعلامه، أن الثنائي عون – سلام ينفّذ أجندة غربية وتحديدًا أميركية، هدفها نزع سلاح حزب الله والإعداد للتطبيع مع العدو، فلماذا إذا محض سلام ثقته إثر جلسات مناقشة البيان الوزاري، في كلمة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وفي التصويت لاحقا؟ أيضًا، لماذا قرر حزب الله اليوم، على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الإنكفاء عسكريًا كما قال ومنح السلطة السياسية، الفرصة لتحرير الاراضي اللبنانية التي بقيت محتلة جنوباً؟!
التناقض في منطق الحزب، والتباين بين خياراته السياسية من جهة، وما يسوّق له مَن يدورون في فلكه، لناحية أن ثمة "مؤامرة" ينخرط فيها العهد الجديد، من جهة ثانية، يدل على واحد من اثنين: إما أن ثمة انقساما في صفوفه وثمة اجنحة بدأت تظهر بوضوح داخله، بين فريق متشدد وآخَر أكثر مرونة وواقعية يُمثّله قاسم. أو فإن حزب الله يريد اليوم الترويج لرواية الخطر الاسرائيلي الآتي، كي يبقي بيئته ملتفّة حوله وكي يُواجه قرارَ تطبيق القرارات الدولية والـ1701 واتفاق النار والذي بات مِن ركائز العهد الجديد، ويُدافع عن سلاحه وضرورة بقائه في يده لمنع المسار التطبيعي المزعوم. واذا كانت هذه هي الحال، فإن الحزب سيضع الدولة في "ورطة"، داخليا، لأن خطاب القسم لن يُنفّذ و"الدولة" لن تقوم، وخارجياً، لأن العواصم الكبرى ستعزل لبنان اذا لم يطبّق التزاماته الدولية، تختم المصادر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك