يشكّل القطاع الزراعي في القرى الأمامية عصب الاقتصاد الأوّل. وتتركز الزراعة على إنتاج القمح والحبوب إلى جانب التبغ والزيتون. وفي حولا التي لا تزال ترفع الركام وتعمل بلديتها على فتح الطرقات ليتمكّن أهلها من العودة، زاد الجيش الإسرائيلي من احتلاله لأراضيها المحاذية لموقع العبّاد. وتُقدّر مساحة هذه الأراضي، بحسب رئيس بلديتها شكيب قطيش، بمئات الدونمات وتمتد إلى أراضي هونين إحدى القرى السبع.
قبل الحرب، كان أهالي هونين يعملون على مسح أراضيهم المحاذية لبلدة هونين المحتلة داخل حدود إسرائيل، تمهيداً للحصول على سندات ملكية. وبدأ أهاليها يعودون إلى أراضيهم المشهورة بأشجار البطم والحور. حتى أنّ هناك 30 عائلة عادت وشيّدت منازلها في تلك الأراضي. لكن اليوم، باتت أراضي هونين محتلة. وجرى تدمير المنازل وتجريف الأشجار كلها، حسبما يفيد قطيش، الذي يؤكد أننا «أمام احتلال جديد وخطير».
تصل مساحة الأراضي المحتلة حالياً في حولا إلى مئات الدونمات. وتتركز على الحدود بعمق 1000 متر تقريباً. وتصل النقاط الجديدة، وفق قطيش، إلى حدود «الزفت» وتعرف بمنطقة أهل هونين، وبئر المصليات.
قطع الموقع الإسرائيلي بين بلدة مركبا وحولا أوصال القرى، حيث بات يصعب على سكان تلك القرى الوصول إلى مرجعيون مركز المحافظة.
ويقف قطيش قبالة منزله المطل مباشرة على موقع العبّاد، مشيراً إلى أنّ «الوقوف هنا خطر للغاية، إذ يعرض صاحبه للقنص. نحن أمام مرحلة صعبة جداً، نواجه اعتداءات يومية، ولم نسمع أن الدولة تحركت لوقف هذه الاعتداءات المتكررة».
ويقول: «يصعب على الأهالي الوصول إلى أراضيهم وزراعتها. فهم فقدوا مورد رزقهم الوحيد، وما زال الناس ينتظرون تحرّك الحكومة لوقف الانتهاكات والعمل على انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية».
دفعت بلدة حولا ضريبة دم قاسية في سبيل العودة إليها، كان آخرها شابة من آل عطوي قتلها الإسرائيلي قبل يومين فقط من انتهاء الهدنة. وهناك 60 في المئة من منازل حولا مدمرة و40 في المئة محروقة. ولم يسلم من الحرب شيء حتى آبار المياه ومركز البلدية والمدرسة، كلها جرّفت.
ليست حولا فقط التي تعاني، فمثلها أيضاً بلدة ميس الجبل، أو ما تعرف بعاصمة القرى الحدودية الاقتصادية. إذ إن ما يقارب 5 كلم من أراضيها المتاخمة للحدود، يُمنع على أصحابها العودة إليها، فهي عادة ما تُزرع بالقمح والحبوب والبقوليات.
ويشير رئيس بلديتها عبد المنعم شقير، إلى أنّ «سيطرة الاحتلال على هذه الأراضي له تداعيات اقتصادية خطيرة على المزارع. فهو يضع يده على القطاع الزراعي، لما يمثله من قوة معيشية لأبناء ميس». ولفت إلى أنّ «تأثير الأمر ليس فقط اقتصادياً بل نفسياً وأمنياً».
لطالما شهدت القرى الحدودية نهضة إنمائية لافتة، وتحول الكثير من القرى إلى قوة تجارية وصناعية وزراعية لافتة. وكانت ميس الجبل عاصمة صناعة السجاد والمفروشات والزراعة معاً. وكان أكثر من 200 دونم تزرع قمحاً وحبوب إضافة إلى تربية النحل والماشية. لكن هذه الأراضي باتت شبه محتلة، إذ يُمنع على أي مواطن الاقتراب منها، وإلا سيتعرض للقنص.
وخلص شقير إلى القول إنه «ثمة متغير خطير في مسار الحرب الدائرة جنوباً. حيث باتت القرى محتلة، ويمنع التنقل بين بلدة وأخرى. نحن أمام زلزال خطير، وعلى الحكومة أن تتحرك سريعاً لوقف هذا السيناريو الخطير».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك