إنه 23 شباط 2025، تاريخ تشييع السيدين حسن نصرلله وهاشم صفي الدين، ويجوز له أيضاً أن يكون تاريخ إعلان انتهاء حقبة «الشيعية السياسية» من بوابة المدينة الرياضية في بيروت.
في وقت «حجّ» مناصرو «حزب الله» بعشرات الآلاف من مناطق لبنانية مختلفة إلى العاصمة للتشييع، كان أهل العاصمة، وتحديداً منطقة الطريق الجديدة المتاخمة للحدث، «غير معنيين» بالمناسبة، مستغربين «من استفزازنا بالإصرار على التشييع في العاصمة بيروت». مع ذلك، يتفاءل الأهالي بالدخول في مرحلة بناء الدولة اللبنانية التي «منعها «حزب الله» 20 عاماً، ذهبت من عمر الناس والدولة».
فكيف بدت الطريق الجديدة أمس؟ وكيف عبّر أهلها عن مشاعرهم خلال التشييع؟
فيما كان الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم يعلن بعد تدمير لبنان لـ 20 عاماً، أن «دورنا انتهى والآن جاء دور الدولة»، كانت «الدولة» حاضرة بقوة في بيروت، تحرص على مرور هذه المناسبة، من دون «ضربة كف».
في السياق، يعلق أحد أبناء الطريق الجديدة: «بعد في الرئيس جوزاف عون ما نزل عالأرض». فعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، انتشرت في كورنيش المزرعة ومفرق شارع البربير.
ندخل الطريق الجديدة من جهة مدرسة خالد بن الوليد، يوقفنا عنصر أمني سائلا «لوين رايحين» فنجيب «إلى الطريق الجديدة» فيدعنا ندخل.
عديد الأجهزة الأمنية، يتخطى أعداد المارة. أما المحال فلم تقفل أبوابها في بيروت. خارج مستشفى المقاصد «ورشة صيانة» ومحال الطعام من أفران ومطاعم ومقاه، فتحت بغالبيتها.
شبان المنطقة، أبدوا تحسباً لأي «محاولة تخريب أو استفزاز بعد انتهاء مراسم التشييع»، فهذه ثقافة «اعتدناها من قبل «حزب الله»، وأمس بالفعل حصل استفزاز لأهالي المنطقة في شارع أبو سهل، ونعوّل على الدولة في حفظ السلم الأهلي اليوم أكثر من أي يوم مضى في عهد الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام».
أخلاقيات الموت: حلكن تنسوا؟
في 14 آذار 2005، كانت طريق الجديدة، تشهد زحفاً إلى ساحة الشهداء. لقد أسس اغتيال الشهيد رفيق الحريري، لثورة الأرز، التي كانت مناسبة وطنية جامعة للطوائف، التي نادت جميعها «ما بدنا جيش بلبنان إلا الجيش اللبناني». فيما مشهدية اليوم هي مناسبة طائفية بامتياز، لحزب إيديولوجي عزل شيعة لبنان في 8 آذار 2005، تحت عنوان «شكراً سوريا». عنوان سيأخذهم إلى الموت في سوريا، لأجل نظام الأسد. وعنوان سيغتال العدالة في لبنان، بتوثيق من حكم دولي صادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أثبت تورط عناصر في «حزب الله»، باغتيال رفيق الحريري.
يقول قاسم «هذا الحشد هو تعبير عن الوحدة الوطنية». تعلق صبية بيروتية: «في 14 آذار 2005، كان مشهد المليونية باللون الأحمر للعلم اللبناني. اليوم لا نرى إلا أعلام «حزب الله»، الذي قد يؤمّن حضوراً من كل أصقاع الأرض، لكنه للأسف فشل في تأمين حضور لبناني وطني».
«حلكن تنسوا؟»، يقول أحد أبناء بيروت، سائلا: كيف تريدون لنا أن نحزن على من عرقلوا التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، ولم يحزنوا لحزنها؟ وزرعوا في المدينة جرحاً في 7 أيار 2008، فوجهوا السلاح غير الشرعي على صدور أهلها؟
غالبية الأهالي كانت «مستفزة» من «الموافقة السياسية» على تشييع نصرلله وهاشم في المدينة الرياضية لبيروت. إحدى السيدات تعلّق: هذا إن دل على شيء، فهو على فشل الدويلة بإعمار الضاحية. فحتى في هذا اليوم، احتاج نصرالله لبيروت وصروحها لتشييعه.
تيار المستقبل: الحاضر الغائب!
تيار المستقبل لم يشارك بشكل رسمي بالمناسبة. مع ذلك، كان لسان حال أهالي الطريق الجديدة «ما عم نفهم ع تيار المستقبل شو موقفه بالظبط». فأحمد الحريري شارك منذ فترة في تشييع والدة نصرلله، وقد حث سعد الحريري في كلمته الأخيرة الجمهور الشيعي على «الانخراط في مشروع الدولة»، في حين أنه كان شريكاً علنياً لـ «حزب الله» في الحكومات، وعوّم سلاحه ودويلته عبر تحالف المافيا والميليشيا.
وخاتمة اليوم، مع سيدة ستينية عايشت الحرب الأهلية: ما بدنا طائفية، بدنا كلنا نبني بلد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك